ورد في البيان الوزاري بند يتعهد فيه من تبناه بان لا يتحول لبنان الى منصة لانتقاد الاشقاء والاصدقاء من الدول. لكن البيان اغفل واقعا بشعا ومريبا الا وهو تمويل دول شقيقة وصديقة لمنصات اعلامية لا تملك اي سياسة تحريرية سوى المشاركة في الحرب الاسرائيلية الدعائية على اللبنانيين.
في بلدنا تيه بين حدود حرية التعبير ودور وسائل الإعلام في التأثير على الرأي العام لصالح العدو وبتمويل اجنبي وشتان بين الامرين.
حرية الإعلام أم خدمة أجندات خارجية؟
هناك فرقًا جوهريًا بين حرية التعبير التي تتيح انتقاد السياسات الداخلية والخارجية بشكل عام، وبين حملات إعلامية منهجية تهدف إلى التشويه والإضرار بمجموعات محددة داخل المجتمع اللبناني. والمطلوب تحرك قانوني يعيد تصنيف بعض وسائل الإعلام اللبنانية التي تمارس هذا النهج على أنها "أبواق للعدو"، وملاحقتها قانونيًا باعتبارها تشكل تهديدًا للأمن القومي اللبناني.
القوانين اللبنانية وحدود التعبير
يحتوي القانون اللبناني على عدة بنود تضع قيودًا على حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي والعلاقات الخارجية. على سبيل المثال، تنص المادة 288 من قانون العقوبات اللبناني على أنه "يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل لبناني يدلي بتصريحات أو ينشر أخبارًا من شأنها إضعاف الشعور القومي أو تعزيز مصلحة العدو". كما أن المادة 317 تعاقب "كل من يثير النعرات الطائفية أو يحرض على النزاع بين الطوائف". ورغم وجود هذه القوانين، فإن تنفيذها يظل حبرا على ورق حين يتعلق الامر بمنصات تمولها دول شقيقة وصديقة.
موقف السلطة اللبنانية
على مدى الاسابيع الأخيرة، أكد المسؤولون اللبنانيون، بمن فيهم رئيس الجمهورية، على أن لبنان لن يكون منصة للهجوم على الدول الشقيقة والصديقة. لكن في المقابل، يُطرح التساؤل حول موقف الدولة من الدول التي تمول منصات إعلامية لبنانية لمهاجمة بعض الفئات من اللبنانيين، خاصة من ضحايا الاحتلال الإسرائيلي. فهل يتم التعامل مع هذا التحدي بحزم، أم أن الاعتبارات السياسية والمصالح المتشابكة تمنع أي إجراءات حقيقية في هذا الاتجاه؟
التدخل القضائي: مسؤولية غائبة أم مقيدة؟
يشير البعض إلى أن القضاء اللبناني يمكنه التدخل لمحاسبة أي جهة إعلامية تتورط في حملات تشويه أو في تقديم محتوى يضر بالمصلحة الوطنية. لكن في الواقع، هناك تردد في تحريك الدعاوى ضد المؤسسات الإعلامية الكبرى، إما بسبب الضغوط السياسية أو الاعتبارات الطائفية التي تحكم البلاد. كما أن غياب معايير واضحة للفصل بين "حرية التعبير" و"الترويج لأجندات معادية" يجعل من الصعب اتخاذ إجراءات قضائية متماسكة.
المجتمع المدني والإعلام البديل
في ظل هذه التحديات، بدأ المجتمع المدني وبعض الصحفيين المستقلين بالدعوة إلى رقابة ذاتية أكثر مسؤولية داخل وسائل الإعلام، بحيث يتم الفصل بين النقد السياسي المشروع وبين الحملات الإعلامية التي قد تخدم أجندات مشبوهة. في المقابل، يطالب آخرون بإصلاحات قانونية واضحة تضمن حرية الصحافة، ولكن مع وضع ضوابط تحمي البلاد من أي استغلال إعلامي موجه ضد أطراف داخلية.
يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للبنان أن يوازن بين حماية حرية الصحافة ومنع استغلالها في حروب إعلامية تستهدف فئات معينة داخل المجتمع؟ وهل سيشهد المستقبل القريب تحركًا قضائيًا أو سياسيًا لكبح هذه الظاهرة، أم أن المصالح السياسية ستبقي الأمور على حالها؟