ماذا تريد موسكو من الادارة السورية الجديدة؟

سامر الخطيب

2025.02.13 - 01:26
Facebook Share
طباعة

 تنظر موسكو إلى الإدارة السورية الجديدة من زاويتين: المصالح الاستراتيجية والتوازنات الإقليمية، ومن هذا المنطلق، يمكن تحديد أبرز ما تريده روسيا من الإدارة السورية في المرحلة الانتقالية:


1- الحفاظ على النفوذ العسكري والسياسي في سوريا
- روسيا تريد ضمان استمرار وجودها العسكري، خاصة في قاعدة حميميم الجوية على الساحل السوري وقاعدة طرطوس البحرية، التي تمثل منفذها الوحيد إلى البحر المتوسط.

- تسعى للحفاظ على دورها كوسيط رئيسي في الملف السوري، وضمان عدم تهميشها في أي تسوية سياسية دولية.


2- الالتزام بالاتفاقيات الثنائية والمصالح الاقتصادية
موسكو أبرمت اتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد مع دمشق، تشمل النفط والغاز، إعادة الإعمار، واستثمارات في قطاعات حيوية، أي إدارة جديدة يجب أن تحترم هذه العقود لضمان استمرار الدعم الروسي.
ترغب في استمرار العقود الموقعة مع الشركات الروسية في مجالات الطاقة، الفوسفات، والموانئ.


3- تحقيق الاستقرار دون تقويض سيطرتها
موسكو تدعم عملية انتقال سياسي محكومة، لكنها ترفض أي تغييرات قد تؤدي إلى فوضى أو تقليل نفوذها.
تريد التأكد من أن أي حكومة انتقالية لن تنحاز بشكل كامل للغرب أو تخرج عن دائرة التأثير الروسي.


4- ضبط النفوذ الإيراني والتوازن مع تركيا
موسكو لا تريد انسحابًا كاملاً للنفوذ الإيراني، لكنها تسعى إلى تقييده ومنع أي تصعيد يضر بعلاقاتها مع إسرائيل أو يعرقل تفاهماتها مع تركيا.
تريد أن تكون اللاعب الرئيسي في الملف السوري، وألا تتحول إيران إلى القوة المهيمنة على دمشق.


5- ضبط العلاقة مع الغرب ورفع العقوبات
روسيا تدرك أن إعادة الإعمار في سوريا تحتاج إلى دعم دولي، لذا قد تدفع باتجاه حلول وسطية بين الإدارة السورية الجديدة والغرب، بهدف تخفيف العقوبات دون تقديم تنازلات كبرى.
يمكن أن تدعم محادثات مع الاتحاد الأوروبي بخصوص تخفيف العقوبات مقابل إصلاحات محدودة تبقيها صاحبة القرار الأساسي في دمشق.


موسكو لا تعارض إدارة سورية جديدة، لكنها تريدها أن تكون حليفة لها، تحافظ على مصالحها، ولا تخرج من دائرة النفوذ الروسي. أي تغيرات جذرية أو ميل كبير نحو الغرب قد يؤدي إلى ضغوط روسية أو إعادة ترتيب أوراقها لدعم بدائل أكثر ولاءً لها.


ووجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دعوة رسمية لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لزيارة موسكو، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خلال المرحلة الانتقالية في سوريا.


جاءت الدعوة خلال اتصال هاتفي بين بوتين والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، حيث ناقشا تطورات الوضع السياسي في سوريا، والمسار المستقبلي للعملية السياسية. وأكد بوتين دعم بلاده لوحدة الأراضي السورية واستقرارها، معربًا عن استعداد موسكو لإعادة النظر في الاتفاقيات التي أبرمتها مع النظام السابق بما يتناسب مع المتغيرات الحالية.


كما شدد الرئيس الروسي على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، معتبرًا أنها تشكل عائقًا أمام إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار، من جانبه، أكد الشرع انفتاح دمشق على جميع الأطراف بما يخدم مصالح الشعب السوري ويعزز الأمن والاستقرار في البلاد.


ونقلت وكالة "تاس" الروسية أن الرئيسين اتفقا على استمرار التنسيق والتعاون في مختلف المجالات، مشيرين إلى أهمية تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والتعليمية بين البلدين، مع الأخذ بعين الاعتبار نتائج المحادثات التي أجراها الوفد الروسي في دمشق مؤخرًا.


كما ناقش الجانبان الأوضاع الداخلية في سوريا وضرورة اتخاذ خطوات تعزز الحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية، لضمان انتقال سياسي مستقر يعكس تطلعات جميع السوريين.


يأتي هذا في أعقاب زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى دمشق في 28 كانون الثاني الماضي، حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع لمناقشة مستقبل العلاقات الثنائية. وتركزت المحادثات على احترام سيادة سوريا، ودعم موسكو للمرحلة الانتقالية، إضافة إلى تعزيز التعاون في إعادة الإعمار وبناء الثقة مع الشعب السوري.


وأكدت الرئاسة السورية التزامها بالتعامل مع مختلف الأطراف لبناء مستقبل قائم على العدالة والسيادة، مشددة على أهمية استعادة العلاقات الدولية وفق نهج يراعي مصالح الشعب السوري.


وتعد هذه الزيارة الأولى لمسؤولين روس إلى دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى موسكو في 8 كانون الأول 2024، ما يشير إلى مرحلة جديدة في العلاقة بين دمشق وموسكو في ظل التغيرات السياسية الجارية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1