أكد الوزير الإسرائيلي السابق حاييم رامون أن الحرب على غزة شكلت فشلاً استراتيجيًا مدويًا لإسرائيل، مشيرًا إلى أن إنجازات الجيش الإسرائيلي على الأرض، رغم ما يروج له من انتصارات تكتيكية، لا تخفي الحقيقة المرة التي تتمثل في فشل الأهداف الرئيسية للحرب.
وفي مقال له نشر في صحيفة "معاريف" العبرية، أكد رامون أن حركة ح م اس لا تزال تسيطر على معظم الأراضي في قطاع غزة، وتحافظ على قوتها العسكرية وقدرتها على إطلاق الصواريخ نحو أهداف إسرائيلية، مما يسبب نزيف دماء لجنود الاحتلال.
ورغم تصريحات الجيش الإسرائيلي بشأن ضربات قوية لح م اس في بداية الحرب، مثل اغتيال قائدها يحيى السنوار وقتل آلاف من مقاتليها، أضاف رامون أن ح ما س لا تزال تسيطر على القطاع وتدير القتال بفعالية ضد القوات الإسرائيلية، كما أشار إلى أن عددًا كبيرًا من الجنود الإسرائيليين وقعوا ضحايا في القتال داخل القطاع في شهر يناير 2025 وحده، مما يعكس استمرار قدرة ح م اس على مقاومة الهجوم الإسرائيلي.
وتطرق رامون إلى فشل القيادة العسكرية في تحقيق أهداف الحرب، أبرزها الإطاحة بحركة ح م ا س وتدمير قدراتها العسكرية، مشيرًا إلى أن هذه الأهداف لم تتحقق رغم مرور أكثر من 15 شهرًا من القتال، كما أكد أن الحرب على غزة كانت مفاجئة للفريق العسكري الإسرائيلي، حيث لو كان أحدهم قد أخبرهم في بداية الحرب أن هذا هو الوضع بعد أكثر من عام من القتال، لما كان أحد ليصدق.
وأوضح الوزير الإسرائيلي السابق أن استراتيجية الحرب التي تبنتها هيئة الأركان الإسرائيلية لم تكن مدروسة بشكل كافٍ، مما أتاح لح م ا س فرصة لتجميع قوتها مجددًا بعد كل عملية عسكرية، وتحدث عن "استراتيجية الدخول والخروج" التي اتبعتها إسرائيل، والتي سمحت لحم ا س بإعادة بناء قوتها بسرعة في المناطق التي غادرها الجيش، مثل الشجاعية والزيتون وخان يونس، وبالطبع في جباليا.
وأوضح رامون أن إسرائيل فشلت في تطبيق خطة متكاملة للسيطرة على الأراضي التي يتم تحريرها، وهو ما كان سيمنع ح م اس من العودة إليها، وتحدث عن وجود تناقض في الأهداف الاستراتيجية بين الجيش الإسرائيلي والحكومة، حيث كانت الأهداف السياسية غير متوافقة مع الخطط العسكرية الموضوعة، مما أدى إلى هذا الفشل المستمر.
كما أشار إلى أن كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين في إسرائيل يتحملون جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن هذا الفشل الاستراتيجي، ودعا رامون إلى محاسبة هؤلاء المسؤولين، بدءًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وصولًا إلى رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وأكد أنه كان يجب على هؤلاء المسؤولين الرحيل عن مناصبهم بسبب إخفاقهم في تحقيق النصر في هذه الحرب.
في النهاية، اعتبر رامون أن حرب غزة كانت كارثة استراتيجية لإسرائيل، وأن القيادة الإسرائيلية بحاجة إلى إعادة التفكير في خططها العسكرية وتكتيكاتها إذا كانت ترغب في تجنب المزيد من الفشل في المستقبل.