منذ الربع الأخير من عام 2023، شهدت منطقة ريف دير الزور الشرقي توترات أمنية مستمرة نتيجة خلافات بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"مجلس دير الزور العسكري" التابع لها، الأمر الذي أسس لظهور حركات مقاومة قبلية ضد "قسد" في المنطقة.
ورغم أن "قسد" نجحت في إنهاء تمرد المجلس العسكري والسيطرة على المنطقة، إلا أنها فشلت في إحكام الأمن، مع استمرار وعودها بإعادة هيكلة المجلس العسكري، الذي يغلب على تشكيلاته أبناء عشائر المنطقة.
إعادة هيكلة المجلس العسكري
في أكتوبر 2023، أعلنت "قسد" عن إعادة هيكلة "مجلس دير الزور العسكري"، الذي سبق أن حلّته بعد مواجهات مسلحة، وأجريت تغييرات على قيادة المجالس العسكرية في دير الزور وهجين والبصيرة والشدادي ومناطق أخرى، وتم تعيين إياد تركي الخبيل (أبو علي فولاذ) قائدًا للمجلس الجديد، إلى جانب عدد من القادة الجدد.
الانشقاقات بعد سقوط النظام
مع سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر 2023، انشق عدد من قادة وعناصر "مجلس دير الزور العسكري" بعد انضمامهم لـ"إدارة العمليات العسكرية"، وهي كيان جديد يضم فصائل المعارضة، وشملت الانشقاقات قادة بارزين مثل تركي الضاري قائد "مجلس الكسرة العسكري"، وإبراهيم العاصي قائد "مجلس هجين"، وموسى الصلاح قائد "ساحة البصيرة".
أكد هؤلاء القادة أن أسباب انشقاقهم تتعلق بتهميش القيادات العربية من قبل "قسد" وتسلط كوادر أجنبية من حزب "العمال الكردستاني"، كما أعلنوا تأييدهم لمطالب أبناء المنطقة بوحدة الأراضي السورية والتخلص من قيادات "قسد" التي يعتبرونها معادية لتطلعاتهم.
استجابة عسكرية وأمنية من "قسد"
بعد الانشقاقات، انسحبت "قسد" من مدينة دير الزور ومحيطها، متمركزة في سبع قرى كانت تحت سيطرة المجموعات الموالية لايران، مثل حطلة والصالحية ومراط، كما فرضت "قسد" إجراءات أمنية مشددة، شملت وضع بعض القادة العسكريين تحت الإقامة الجبرية لمنع انشقاقهم.
دوافع الانشقاقات
تحدث المنشقون عن تهميش القيادات العربية والفساد الإداري داخل "قسد"، وأوضح موسى الصلاح أن التسلط على المكون العربي، الذي يشكل غالبية سكان المنطقة، كان دافعًا رئيسيًا وراء الانشقاق.
من جانبه، دعا تركي الضاري إلى تنسيق الجهود مع أبناء المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة "قسد" لتجنب اندلاع صراع مسلح.
مستقبل المنطقة
يرى المنشقون أن هناك حاجة إلى تواصل مع قوات التحالف الدولي لتوضيح أن العمليات التي ينفذها أبناء دير الزور هي لضمان الأمن والاستقرار وليست أعمالًا إرهابية، كما تصفها "قسد"، كما أكدوا أن التنسيق مستمر لتجنب الفوضى الأمنية ودعم أي خطوات نحو تحرير المنطقة من السيطرة الحالية.
غموض حول مصير أحمد الخبيل
يظل مصير القائد السابق لمجلس دير الزور العسكري، أحمد الخبيل (أبو خولة)، مجهولًا منذ اعتقاله في أغسطس 2023، ويُعتقد أنه محتجز في مدينة الحسكة تحت الإقامة الجبرية، وفقًا لتصريحات القادة المنشقين، وكان اعتقاله سببًا في اندلاع انتفاضات قبلية واسعة النطاق دعمت "المجلس العسكري".
"قسد" بررت اعتقال الخبيل بأنه جاء بناءً على شكاوى من الأهالي واتهامات بتجاوزات وجرائم، لكنها لم تقدم تفاصيل إضافية حول مصير باقي القادة المحتجزين.
الختام
التطورات في دير الزور تكشف عن استمرار الصراع على النفوذ بين الأطراف المختلفة في المنطقة، وبينما تسعى المعارضة لتأمين دعم شعبي وعسكري، تواجه "قسد" تحديات كبيرة في الحفاظ على سيطرتها، في ظل تصاعد المطالب الشعبية بوحدة الأراضي السورية واستعادة القرار المحلي بعيدًا عن التدخلات الخارجية.