في 27 نوفمبر 2024، أطلقت فصائل المعارضة السورية المسلحة هجومًا واسعًا من إدلب ضد نظام بشار الأسد، أدى إلى سقوط النظام خلال 11 يومًا، مع فرار الأسد وحاشيته. في تلك الأثناء، استغلت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة، الفراغ السياسي لتوسيع نفوذها، بما يخدم أهدافها المحلية واستراتيجيات واشنطن الإقليمية، لا سيما المتعلقة بأمن "إسرائيل".
انتقال السيطرة في دير الزور
مع سقوط دمشق، أبرمت "قسد" والنظام المخلوع اتفاقًا برعاية روسية، مكَّنها من السيطرة على مناطق واسعة من دير الزور، بما في ذلك المدينة ومطارها العسكري، ورغم انتقال السلطة، شهدت المدينة حالة من الفوضى الأمنية واشتباكات بين العشائر العربية و"قسد"، إضافة إلى عمليات نهب وسلب قامت بها عناصر مرتبطة بالنظام وقوات "قسد".
الاضطرابات الأمنية في دير الزور
بعد عبور "قسد" لنهر الفرات، سيطرت على مدن رئيسية مثل دير الزور والبوكمال، إلا أن هذا التقدم قوبل بمظاهرات واسعة من العشائر العربية.
قابلت "قسد" هذه الاحتجاجات بالقمع، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وأثار موجة من الغضب الشعبي، حيث هاجم مسلحون محليون مقرات "قسد"، لترد الأخيرة بإجراءات أمنية مشددة شملت انتشار القناصة وفرض حظر تجوال.
في الريف الشرقي، أعلنت مجموعات عشائرية تمردها ضد "قسد" وأكدت تأييدها لعملية "ردع العدوان" التي تقودها المعارضة المسلحة، بينما شهدت الأرياف الغربية انسحاب النظام لصالح فصائل المعارضة.
وفي تطور لافت، طالب السوريون بالمشاركة في تحرير شمال شرق سوريا من قبضة "قسد" والقوات الأمريكية التي تقوم بسرقة النفط السوري، ودعوا إلى توزيع هذه الثروات على الشعب السوري في جميع المحافظات بشكل عادل.
الأهمية الاستراتيجية لدير الزور
تعد دير الزور، ثاني أكبر المحافظات السورية، ذات أهمية جغرافية واقتصادية كبيرة، يقسمها نهر الفرات إلى ضفتين، وتضم أكبر حقول النفط والغاز في سوريا، مثل حقلي "العمر" و"كونيكو"، مما يجعلها مركزًا للتنافس بين القوى المحلية والدولية.
تاريخيًا، كانت دير الزور مركزًا زراعيًا وتجارياً، وعانت منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 من تحولات درامية، بدءًا من سيطرة المعارضة، مرورًا بسطوة تنظيم الدولة، ووصولاً إلى السيطرة المشتركة بين "قسد" وقوى المعارضة.
تداعيات إنسانية كارثية
يعاني سكان دير الزور من أزمة إنسانية خانقة مع نقص حاد في المواد الغذائية والمياه وانقطاع الخدمات الأساسية، تصاعدت حدة الغضب الشعبي نتيجة حملات النهب والسرقة التي طالت ممتلكاتهم، ما دفعهم إلى تنظيم مظاهرات مطالبة بخروج "قسد"، وردت الأخيرة باستخدام العنف ضد المتظاهرين، مما زاد من التوترات وأدى إلى اشتباكات متفرقة.
نظرة مستقبلية
تواجه دير الزور وضعًا معقدًا يشوبه النزاع على النفوذ والفوضى الأمنية، ما يجعل مستقبلها مرتبطًا بتسويات سياسية شاملة، في الوقت ذاته، يبقى تحسين الوضع الإنساني مطلبًا ملحًا لسكانها الذين دفعوا ثمناً باهظاً للصراعات المتتالية.