في تحقيق نشرته صحيفة هآرتس العبرية، كُشف النقاب عن خطة استراتيجية متعددة الأبعاد تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تنفيذها لتعزيز سيطرتها على الضفة الغربية، وذلك من خلال ثمانية أهداف رئيسية. هذه الأهداف تعكس رؤية واضحة للهيمنة على الأرض والمقدرات الفلسطينية، وتفكيك التواصل الجغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية، في سياق تصعيد الاستيطان وفرض الأمر الواقع.
على الرغم من الإدانات الدولية المتكررة، تواصل "إسرائيل" تكثيف مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية، متذرعة بحجج أمنية واستراتيجية. هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى تعزيز المستوطنات القائمة، بل تعمل أيضًا على إنشاء بؤر استيطانية جديدة تساهم في تغيير معالم المنطقة ديموغرافيًا وجغرافيًا.
وفي ظل هذه السياسة، كشفت صحيفة هآرتس عن خطة إسرائيلية تهدف إلى تعزيز السيطرة على الضفة الغربية من خلال تحقيق ثمانية أهداف أساسية.
1. ربط المستوطنات على طول طريق ألون
يُعتبر طريق ألون (المعروف أيضًا بالطرق 578، 508، و458) محورًا استراتيجيًا يربط غور الأردن بالقدس. الخطة تستهدف تعزيز الاستيطان عبر إنشاء 30 بؤرة استيطانية غير قانونية، ثلاثة منها أُقيمت خلال الحرب الأخيرة، ما يُبرز تصميم الحكومة الإسرائيلية على تغيير الطابع الديموغرافي لهذه المنطقة.
2. السيطرة على شارع 60
شارع 60 هو الشريان الرئيسي الذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها، ويمر عبر مدن فلسطينية رئيسية مثل جنين، نابلس، والخليل. وفقًا للتحقيق، أقامت "إسرائيل" نحو 30 بؤرة استيطانية على طول هذا المحور، بهدف تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة.
3. ربط مستوطنات ظهر الجبل بغور الأردن
الخطة تشمل إقامة شبكة استيطانية تربط المستوطنات المعزولة في ظهر الجبل بغور الأردن، عبر إنشاء 11 بؤرة استيطانية جديدة وطرق التفافية. الهدف هو السيطرة على المناطق التي كانت ضمن خطط الإخلاء في السابق.
4. تعزيز التواصل الاستيطاني بين "أريئيل" وغور الأردن
يهدف هذا المحور إلى خلق تواصل بين مستوطنات "أريئيل"، "عيلي"، و"شيلو" مع غور الأردن، من خلال إنشاء 21 بؤرة استيطانية جديدة، بعضها حصل على شرعنة كأحياء استيطانية.
5. إنشاء كتل استيطانية جديدة
تركز الجهود على تعزيز الكتل الاستيطانية القائمة وإقامة أربع كتل جديدة في مواقع استراتيجية، تشمل جنوب شرق جبل الخليل وشمال غور الأردن، ما يعزز الوجود الاستيطاني في المناطق الأكثر حساسية.
6. ربط "غوش عصيون" بالقدس
الخطة تستهدف ربط "غوش عصيون" بالقدس عبر فصل خمس قرى فلسطينية عن بيت لحم. هذا الربط يشكل جزءًا من "المهمة الوطنية" التي أعلنها المسؤولون الإسرائيليون لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على محيط القدس.
7. إكمال المناطق العازلة في القدس
ضمن الهدف السابع، تعمل "إسرائيل" على استكمال "الحزام الاستيطاني" لعزل القدس عن المدن الفلسطينية المحيطة بها، خاصة بيت لحم ورام الله. المشاريع تشمل إقامة حي استيطاني جديد للحريديم شمال القدس.
8. ربط القدس بغور الأردن
الهدف الأخير يتمثل في تعزيز التواصل الجغرافي بين القدس وغور الأردن عبر إقامة مشروع "E1" الذي يشمل بناء 4,000 وحدة استيطانية جديدة وإنشاء 14 بؤرة استيطانية بين القدس ومفترق "ألموغ".
الأبعاد السياسية والاستراتيجية
تعزيز السيادة الاستيطانية
تُظهر تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التوجه الإسرائيلي لفرض السيادة الكاملة على الضفة الغربية بحلول عام 2025، حيث أكد أن الحكومة تعمل بشكل مكثف على إعداد البنية التحتية اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
تقويض الدولة الفلسطينية
تعكس هذه الخطة نية واضحة لتقويض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا، من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية بالمستوطنات والطرق الالتفافية.
فرض الأمر الواقع
تهدف هذه المشاريع إلى خلق واقع جديد يجعل من الصعب على المجتمع الدولي فرض أي حل سياسي قائم على إقامة دولتين. وبذلك، تسعى "إسرائيل" إلى تعزيز سيطرتها على الأرض في تحدٍ صريحٍ للإرادة الدولية.
تمثل الخطة الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية تصعيدًا خطيرًا في سياسة الاحتلال، حيث تسعى إلى فرض سيادة أمر واقع تعزز هيمنة الاحتلال. ومع استمرار الصمت الدولي والتخاذل العربي، تتجه الضفة الغربية نحو مزيد من التدهور والتشرذم الجغرافي، ما يهدد مستقبل القضية الفلسطينية برمتها.