قلق أوروبي من التعنّت الإسرائيلي طوال الفترة السابقة، فهل يكون هذا الوحش خارج السيطرة؟

كتب ثائر منصور لوكالة آسيا للأنباء

2024.11.29 - 09:39
Facebook Share
طباعة

ومع عدم امتثال "إسرائيل" للجهود الدوليّة الرامية إلى تحويل الصراعات من ساحة المعركة إلى طاولة المفاوضات، هناك مخاوف متزايدة بشأن العواقب على العالم الأوسع، بما في ذلك من قبل الاتحاد الأوروبي، وهنا يطرح الأوروبيّون سؤالاً وجيهاً، وهو: هل الولايات المتحدة قادرة على كبح جماح الآلة العسكرية الإسرائيليّة؟

السجل العملي لا يبشر بالخير، ولم يكن للمحادثات التي جرت على مدى أشهر حول وقف إطلاق النار في غزة، والتي جرت مؤخراً في الأمم المتحدة بشأن لبنان، تأثير يذكر على إسرائيل. ذلك لأن بنيامين نتنياهو أدرك أن من مصلحته تقويض هذه المفاوضات - ربما معتقداً أن القتال الذي لا نهاية له بدلاً من الجلوس للتحدث فعلياً يساعد على إبقائه وحلفائه المتطرفين في السلطة.

وفي مقال كتبه جيمس موران لموقع CEPS للدراسات الاستراتيجيّة الأوروبيّة، قال فيه: إنّ ما زاد الطين بلة، أنه بعد مرور عام على 7 أكتوبر/تشرين الأول، لم تقم إسرائيل بعد بصياغة استراتيجية سياسية طويلة المدى "لليوم التالي" الذي تصمت فيه الأسلحة. ويخشى الكثيرون من أن نواياهم قد تنطوي على (إعادة) احتلال غزة وجنوب لبنان، وسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، وهي وصفة لـ "حرب أبدية" حقيقية. ومع ذلك، هناك جيل غاضب آخر ينشأ وسط المذبحة غير المسبوقة والركام في غزة وأماكن أخرى.

ويتساءل الكاتب: وفي ظل هذه الخلفية القاتمة، هل هناك أي شيء يستطيع الاتحاد الأوروبي، أو ينبغي له أن يفعله ــ أن يفعله؟

حاول الممثل الأعلى جوزيب بوريل جاهدا الدفاع عن الدبلوماسيّة، وواصل مع المفوضية جهود المساعدات الإنسانيّة، وقام بالعديد من الزيارات المكوكيّة كان آخرها قبل أيّام لبيروت، لكن الانقسامات السياسية بشأن إسرائيل عميقة بين الدول الأعضاء داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

إذاً ليس من المستغرب أن يكون تأثير أوروبا على إسرائيل محدودًا للغاية، وأنّ صورتها في فلسطين والعالم الأوسع قد تلقت ضربة كبيرة، فهناك تصوّر واسع النطاق بأنها فشلت في انتقاد رد فعل إسرائيل غير المتناسب على نطاق واسع على هجمات حماس، وإن كانت مروعة.

"بالمقابل نجد ذاك التناقض الصارخ مع دعم الاتحاد الأوروبي الثابت والموحد لمقاومة أوكرانيا ضد غزو بوتن سبباً في اتهامات صاخبة على نحو متزايد بالكيل بمكيالين"، كما يقول الكاتب.

ومع ذلك، هناك أسباب ذات قيمة ومصالح تدفع الاتحاد الأوروبي إلى التحرّك، لقد نشط الرأي العام في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي بسبب الوضع الإنساني المتردي في غزة والضفة الغربية والآن في لبنان، وتستمر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في مختلف أنحاء القارة بأكملها تقريباً.

علاوة على ذلك، بدأت تداعيات الصراع تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الاتحاد الأوروبي ــ فقد قفزت أسعار النفط بما يقرب من 10% في غضون أسبوع واحد، مع توتر الأسواق بشأن هجوم إسرائيلي محتمل على منشآت النفط الإيرانية، أو ما هو أسوأ من ذلك، على منشآتها النووية، وهو الأمر الذي قد يوقف الهجوم. كما تستمر هجمات اليمنيين على السفن في البحر الأحمر في إعاقة التدفقات التجاريّة للاتحاد الأوروبي.

هناك أيضًا خطر حقيقي للغاية يتمثّل في تجدد التهديدات للاتحاد الأوروبي بسبب التطرّف، وضغوط الهجرة، فهناك بالفعل أكثر من مليون شخص نازح في لبنان، كثير منهم لاجئون سوريون.

لذلك فإنّ للاتحاد الأوروبي مصلحة قوية في إنقاذ سمعته فيما يسمى الجنوب العالمي، في حين يعمل على تكثيف جهوده الجيوسياسية للتنافس على النفوذ مع الصين وروسيا ودول أخرى.

هذا يسبب قلقاً كبيراً لدول أوروبا، التي تتضرر بشكل مباشر من السياسة الهمجيّة "لإسرائيل"، ويسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز تأثيره على المنطقة في الفترة القادمة، وإعادة النّظر في العلاقة مع الكيان، لذلك نرى تصريحات على مستوى القيادات العليا في أوروبا جديدة ومتمايزة عن سياسة غضّ الطّرف السابقة، بالمقابل لا يتوقّف القادة الإسرائيليّون عن انتقاد الساسة الأوروبيّون. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 7