تتفاقم الأزمة في قطاع الطيران لدى الاحتلال حيث تقوم شركات الطيران الأجنبية بإلغاء رحلاتها من وإلى الأراضي المحتلة كل يوم تقريبًا. في الآونة الأخيرة، أعلنت شركات الطيران العملاقة مثل الخطوط الجوية الأمريكية واليونانية ومجموعة لوفتهانزا الألمانية أنها ستواصل تعليق رحلاتها. وتمدد شركة الطيران الفرنسية إير فرانس تعليق جميع رحلاتها من وإلى الأراضي المحتلة حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر، فيما أعلنت الخطوط الجوية الأميركية أنها سوف تعلق رحلاتها إلى هنا حتى أيلول/سبتمبر 2025.
وترفض شركات الطيران الأجنبية السفر إلى الأراضي المحتلة بسبب عدم الاستقرار في الوضع الأمني. لكن سببا آخر دفع شركات الطيران الأجنبية إلى إلغاء رحلاتها هو تعرضها لاحتمال أن تضطر إلى دفع تعويضات لكل مسافر ألغيت رحلته دون إثبات الضرر بالمبالغ المنصوص عليها قانونا، على الرغم من أن الإلغاء هو نتيجة للوضع الأمني. ويشمل الالتزام الذي يفرضه القانون عليهم تعويض الركاب عن إلغاء الرحلات الجوية وتأخيرها، ومنح رحلة بديلة والإقامة في الفنادق، والتي قد تكون طويلة ومكلفة في بعض الأحيان.
وفي كثير من الحالات، تكون هذه الشركات منخفضة التكلفة مثل Wizz Air وRyanair وEasyJet، والتي تبيع تذاكر طيران مخفضة وقد تجد نفسها في موقف تضطر فيه إلى التعويض عن رحلة بديلة يكون سعرها أعلى بكثير من السعر الذي تتقاضاه من "الإسرائيلي" عن رحلته. ولهذا السبب، تفضل الشركات الأجنبية ببساطة إلغاء السفر إلى الأراضي المحتلة.
ويهدف قانون خدمات الطيران (التعويض والمساعدة بسبب إلغاء الرحلة أو تغير شروطها) الذي صدر عام 2012، إلى تنظيم حقوق الركاب والتزامات شركات الطيران في حالة تعطل تشغيل الرحلات الجوية إلى ومن الأراضي المحتلة في حالات الطوارئ المطولة مثل فترة الطوارئ لدى الاحتلال التي بدأت في 7 أكتوبر 2023 وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
وتقترح هيئة الطيران المدني لدى الاحتلال تغيير القانون، بحيث يصبح لديه آلية قادرة على الاستجابة لفترات الطوارئ الممتدة، ويسعى التعديل إلى تخفيف الشرط الذي يلزم شركة الطيران بإثبات أنها فعلت كل ما في وسعها لمنع إلغاء الرحلة وبالتالي الإعفاء من دفع التعويض للعميل كما يتضمن القانون إعفاء بأثر رجعي من دفع التعويض دون إثبات الضرر في حالة إلغاء الرحلة.
تأثير تعليق الرحلات على اقتصاد الاحتلال
وكانت صحيفة "كالكاليست" العبرية قد كشفت عن وجود قلق كبير في مجال التكنولوجيا الفائقة لدى الاحتلال من تداعيات تجميد أنشطة شركات الطيران الأجنبية بسبب الحرب القائمة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث كشفت تغريدات في الأيام القليلة الماضية لاثنين من كبار المسؤولين التنفيذيين في صناعة رأس المال الاستثماري لدى الاحتلال، مايكل أيزنبرغ من مسؤولي شركة "كيرن ألف" وإلعاد أغمون من شركة "إنسايت بارتنرز"، عن الصعوبات وطرق التعامل مع الوضع في مجال التكنولوجيا الفائقة، فقد أكد أغمون أنهم قرروا الانتقال إلى الولايات المتحدة بسبب النقص الشديد في الرحلات الجوية، بينما تحدث أيزنبرغ عن نقل مندوبي المبيعات إلى الولايات المتحدة.
وتعتمد صناعة التكنولوجيا الفائقة لدى الاحتلال على المبيعات في الخارج، وخاصة في الولايات المتحدة. الشركة الوحيدة التي تقلع حاليا مباشرة إلى الولايات المتحدة هي شركة العال، التي امتلأت رحلاتها بأقصى طاقتها بعد أن قفزت أسعار تذاكر الطائرة إلى عدة آلاف من الدولارات، وهو ما دفع بعض الشركات مثل؛ يونايتد وأميركان إيرلاينز ودلتا إلى وقف الاستثمار لدى الاحتلال خاصة بعد إطلاق إيران لمئات الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة.
وبحسب "كالكاليست"، لا يمكن لشركات التكنولوجيا الفائقة لدى الاحتلال أن تعمل إذا لم تكن لديها حرية الطيران، إذ تحتاج الشركات إلى رحلات جوية لأن التكنولوجيا الفائقة تتطلب الاتصال بالعالم، ولكل شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الفائقة احتياجات مختلفة، ولكن معظمها لديه حاجة مستمرة للرحلات الجوية، ويجب على الشركات التي تمر بمراحل توظيف مختلفة أن تسافر للقاء المستثمرين الذين نادرًا ما يأتون إلى الأراضي المحتلة بسبب قلة الرحلات الجوية ومسألة التأمين، والحاجة الثانية والحاسمة هي مسألة المبيعات، حيث لا يمكن لمندوبي المبيعات الذين يعملون أمام العالم الاعتماد فقط على Zoom أو المكالمات الهاتفية، حيث يجب على مندوب المبيعات أن يقابل عميله وجهاً لوجه، وفي بعض الأحيان يتعلق الأمر بالتعامل مع أزمة تتطلب رحلة فورية.
وبحسب الصحيفة، تتمتع العديد من شركات التكنولوجيا الفائقة بخبرة كبيرة من فترة كورونا في التعامل مع نقص الرحلات الجوية، لكنها كانت أزمة عالمية واليوم أصبحت أزمة خاصة بالاحتلال، حيث تستمر المؤتمرات في الانعقاد، وهذا القطاع يسير في العالم كالمعتاد لكنه لدى الاحتلال يعاني من أزمة.
ويقول أحد كبار المسؤولين في صناعة التكنولوجيا الفائقة للصحيفة العبرية إن "الصعوبة كبيرة جدًا. في الماضي كنا نسافر طوال الوقت. لكن اليوم، كل تغيير نقوم به يكلفنا آلاف الدولارات. لا يمكن لرجل الأعمال أن ينجح إذا بقي هنا. في نهاية المطاف، أعمالنا في الولايات المتحدة وكبار موظفينا هناك، من المستحيل القيام بكل شيء على Zoom، وعلينا أن نلتقي بالموظفين والعملاء، وعلينا أن نحضر المؤتمرات، وإذا لم يتم حل المشكلة، لقد أصبحنا هنا في سجن للعاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة، وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لنا، فمن المستحيل أن نبقى هنا، وللعلم فإن كبار التقنيين ينتقلون أيضًا إلى الولايات المتحدة أو يختارون توظيف العمال هناك".
ويقول إيدان تندلر، نائب رئيس شركة بالو ألتو نتوركس العملاقة في مجال التكنولوجيا إن "إسرائيل عبارة عن جيتو مواصلات ولم يكن الأمر كذلك على الإطلاق. كان الأمر منطقيًا في بداية الحرب، لكننا أصبحنا منفصلين أكثر فأكثر عن العالم. نحن جزء من شركة متعددة الجنسيات لديها مركز تطوير وهناك المئات من مراكز التطوير الأخرى هنا والتي تضم عدة آلاف من الموظفين. مركزنا مهم في تطوير الشركة، وقمنا أيضًا بعمليات شراء ونؤمن بالمركز الإسرائيلي، ولكن يجب أن نحافظ على اتصالات مستمرة مع المقر الرئيسي في كاليفورنيا، ليس فقط من المديرين ولكن أيضًا من كبار الموظفين الذين يسافرون إلى كاليفورنيا كثيرًا، ومن المفترض أن يأتوا إلينا للتخطيط للأنشطة المستقبلية وإدارة الأعمال والأمر صعب بدون رحلات جوية، ولا يمكن أن نستمر لفترة طويلة وهذا يجعل من الصعب على إسرائيل أن تظل مركزًا تنمويًا مهمًا".
ويقول إيال ليفي، نائب رئيس شركة BigID التي تعمل في مجال حماية الخصوصية، إنه "خلال العام، وبسبب الوضع، كان لدينا العديد من الرحلات الجوية والرحلات التي تعطلت، وهناك خوف أيضًا لدى الموظفين، والعثور على رحلات جوية اليوم هو بالفعل أكثر صعوبة، ونشعر اليوم أننا معزولون في جيتو".