الأسلحة غير القاتلة تحضر في ظلال ضربة البيجر

2024.09.20 - 10:35
Facebook Share
طباعة

بطريقة ما، بدت الأسلحة غير القاتلة Non Lethal Weapons، اختصاراً "إن إل دبليو" NLW، كأنها شبح يتجوّل بحذر في ظلال الضربة الزلزالية الواسعة التي طاولت آلاف اللبنانيين في موجتين متتالتين من انفجارات أجهزة الـ"بيجر" والـ"ووكي توكي" اللاسلكيين.

ربما حضر ذلك الشبح من واقع أن الضربة أحدثت إصابات بالآلاف، لكن الوفيات جاءت بحدود اثنين في الألف! إذن، هل تمكن الكيان الاسرائيلي من جعل أجهزة لاسلكية تعمل بتقنية قديمة نسبياً أسلحة غير قاتلة؟

 

السياق التاريخي

 

يشير موقع "وور أون روكس" (War on the Rocks) إلى أن الجيش الأميركي الأقوى عالمياً منخرط منذ قرابة ثلاثة عقود في صنع أسلحة "إن إل دبليو" وتطويرها، مع تذكّر أنه الجيش الأقوى والأعتى عالمياً.

كذلك، وافق حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العام 1999 على سياسة مماثلة، أدرجت الأسلحة غير القاتلة ضمن استراتيجية حلف الناتو. وبحلول عام 2000، أُطلِقَت أبحاث واسعة النطاق عن مجموعة متنوّعة من قدرات الجيل التالي من الأسلحة غير القاتلة.

باختصار، حينما يختلط أمر التمييز بين المدني والعسكري، وهو أمر شائع ومتصاعد في الحروب المعاصرة، تصبح القوة الفاتكة إشكالية بسبب إمكانية إحداثها خسائر فادحة بالمدنيين. ظهر ذلك بوضوح في حروب الصومال والبوسنة وكوسوفو والعراق وأفغانستان وغيرها.

ولعل حرب غزة شكلَّت المثل الفاضح والكوارثي والمؤلم في ذلك الأمر، وقد برزت فيها إشكالية استهداف المدنيين وبنى الحياة اليومية المدنية، إلى حدّ قربها من حرب إبادة، يُنظر في أمرها أمام محكمة العدل الدولية.

بالاستعادة، وفي عام 1993، شهد الصومال الاستخدام المتعمد الأول للمدنيين كغطاء وحماية للمسلّحين. وقد جسد فيلم "بلاك هوك داون" هذا التكتيك بفاعلية، وفق ما ذكر موقع "زي ديفنس بوست" (the defense post). بعدها، ضغط سلاح مشاة البحرية "مارينز" لمصلحة تسريع تطوير أسلحة غير قاتلة أكثر فاعلية، وتولّى الكونغرس تمويلها.

 

الطاقة الموجهة والحرارة اللاهبة

 

ضمن ذلك السياق، ظهر سلاح سُميَّ "نظام الإنكار النشط" (Active Denial System)، وقد صمم لإبعاد الحشود المدنية عن القوات الأميركية من خلال موجات طاقة موجَّهة تجعلهم يشعرون بحرارة شديدة في أجسادهم، كأنهم يعانون تحت شمس حارقة. يصل مدى هذا النظام إلى مئات الأمتار، ويفيد أيضاً في عرقلة القناصة الذين يحتاجون إلى

التصويب على أهدافهم، مما يفرض عليهم الكشف عن أنفسهم، ويغدون عرضة لذلك النظام.

تستخدم #أسلحة الطاقة الموجّهة الموجات الكهرومغناطيسية لتحقيق التأثير على الهدف. وبالتالي، يعتمد مدى الضرر الذي تُحدِثه على نوع الموجة الكهرومغناطيسية، ونوعية تردداتها، وكمية الطاقة المحمولة في كلّ موجة، ومدّة تفاعل الموجة مع الهدف.

مثلاً، قد يستخدم سلاح الطاقة الموجهة موجة كهرومغناطيسية مصممة للتشويش على الإلكترونيات تحديداً، بهدف تعطيل محرّك إحدى المركبات الآليّة البريّة. وحديثاً، استعمل ذلك السلاح لإيقاف السفن أو حتى الأشخاص بصورة مباشرة.

 

 

الجهاز الصوتي طويل المدى

 

في سياق مماثل، ابتُكِر سلاح يعمل بالموجات ما فوق الصوتية، لكن التجربة الفعليّة لحلف الناتو معه لم تكن مرضية تماماً. في المقابل، يبدو أن الروس يستخدمون تلك التقنية في مضايقة الدبلوماسيين الأميركيين والمسؤولين الاستخباراتيين.

لكن الجهاز الصوتي الطويل المدى (LONG-RANGE ACOUSTIC DEVICE) يُسوّق كبديل للميكروفونات والأنظمة الصوتية المستخدمة من قبل الشرطة، بالرغم من أنه وصف متلاعب، إذ يقدر ذلك الجهاز على بثّ أصوات مرتفعة. لكنه صُمّم أساساً لتحذير الناس ثمّ إعاقتهم، إذ ينتج الجهاز موجات صوتيّة بمستوى يصل إلى 152 ديسيبل.

ومع تذكّر أن المتسوى الطبيعي لاستماع الأذن البشرية يقارب عشرين ديسيبل، يسهل تصوّر مدى قدرة الجهاز الصوتي الطويل المدى على التسبّب بأضرار سمعيّة دائمة.

 

قنابل "فلاش بانغ"

 

تعود أصول القنابل المسمّاة "فلاش بانغ" أو "قنابل الصدمة الخاطفة" إلى مهمة إنقاذ رهائن دعمتها القوات الخاصة البريطانية في عام 1977. تتوفر قنابل "فلاش بانغ" على هيئة أدوات تُلقى باليد تشبه القنابل أو المقذوفات التي تتناسب مع قاذفات القنابل المعيارية من عيار 40 ملليمتراً.

تتسبّب تلك القنابل بحدوث "فلاش"، أي ضوء ساطع فجائيّ، يتكفل بإحداث ألم في العينين، مع ارتباك وحالة عمى موقت. ويترافق ذلك مع صوت انفجاريّ يتجاوز قوة 165 ديسيبل، ممّا يعني أنه قد يُحدِثْ إصابات سمعية متنوعة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8