فصلٌ جديد في الحرب السيبرانيّة... ما هي الفرضيّات المطروحة؟

2024.09.19 - 08:42
Facebook Share
طباعة

كشف الخبير في الحوكمة والتحول الرقمي ربيع البعلبكي في حديث صحفي له، أن حجم وقوة الانفجارات يدلان إلى أن ما حدث هو بفعل تفخيخ الأجهزة وتفجيرها في لحظة صفر، عبر إرسال رسالة محدّدة إلى حوالى 3000 جهاز في الوقت نفسه. ولهذا اختلفت الأصابات، فمن كان في منطقة آمنة ليفتح الجهاز ويقرأ الرسالة كانت إصابته مباشرة، أما من كان في منطقة عامة فكانت الإصابة في جسده. وأشار البعلبكي إلى أن من وجهة نظره "انفجار بطارية الليثيوم لا يمكن أن يكون بهذه القوة".

 

وحذّر من أن هذا الحدث سيؤدّي إلى خسارة الثقة بالعالم الرقمي، وأنّ التهديد أصبح عاماً ويمكن أن يطال أيّ أحد، مضيفاً: "دخلنا مرحلة ثانية في الأمن السيبرانيّ أكثر خطورة، ليس تجسساً أو مراقبة، بل اغتيال جسديّ".

وعلى خطٍ موازٍ، صرّح مصدر أمني لبناني كبير، ومصدر آخر، لوكالة "رويترز" أن جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" زرع كميات صغيرة من المتفجرات في داخل 5 آلاف جهاز. وأفاد المصدر الأمني اللبناني أنّ الحزب طلب 5 آلاف جهاز بايجر، من طراز "إيه.بي924". وأنّ الأجهزة تمّ تعديلها "في مرحلة الإنتاج" بتدخّل من جهاز المخابرات

الإسرائيلي "الموساد"، الذي وضع لوحاً في داخل الأجهزة، يحتوي على مادة متفجرّة تتلقّى شيفرة من الصعب جداً اكتشافها تقنيّاً بأيّ وسيلة، حتى باستخدام أيّ جهاز أو ماسح ضوئيّ.

وكذلك، رأى المستشار والخبير في مجال الأمن السيبراني رولان أبي نجم، أنه على الرغم من عدم وجود أيّ معطيات مؤكّدة بعد، إلّا أنّ الشبهات حول سبب الاختراق تقع حول "هجمات سلاسل التوريد" "Supply Chain Attack"، إذ من الممكن أن تكون بعض شحنات الأجهزة التي استوردها الحزب كانت مخترقة أو اخترقت وتسبّبت بما حصل.

 

وفي السياق عينه، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، صرّح أشخاص مطّلعون على أنّ أجهزة "البايجرز" المتضرّرة كانت من شحنة جديدة تلقّاها الحزب في الأيام الأخيرة. كما أكّدت "رويتزر" المعلومة بأنّ الأجهزة المنفجرة هي من أحدث جيل جلبه الحزب. واليوم، نقلت الوكالة عن مصدر أمني، أنّ "حزب الله" اشترى أجهزة اللاسلكي المحمولة قبل

5 أشهر في وقت شرائه أجهزة "البايجرز" تقريباً.

 

وكان مسؤول في "ح ز ب الله" قال، إنّ مئات المقاتلين لديهم مثل هذه الأجهزة، وتكهّن بأن البرامج الضارّة ربما تسببت في تسخين الأجهزة وانفجارها، مشيراً إلى أنّ بعض الأشخاص شعروا بتسخين أجهزة الاتصال وتخلصوا منها قبل انفجارها.

 

وإحدى السيناريوهات المطروحة أيضاً، هو احتمال أن يكون تمّ اختراق النطاق التردّدي الذي يستخدمه عناصر الحزب، لا الأجهزة كلّها، خصوصاً أنّ تلك المماثلة مع قوى الأمن والمستشفيات مثلاً، لم تتضرّر بالمجمل. أو أنّ إشارة يمكن من خلالها رفع حرارة الأجهزة لتنفجر بطاريات الليثيوم تمّ تفعيلها، وهذا ما لم يمكن نفيه حتى الآن.

 

 

أمّا عن تأثير هذا الخرق أمنياً وتقنياً على الحزب، فتفجير هذه الأجهزة وخصائصها يحرم عناصر الحزب من المزيد من الإمكانيات للتواصل في ما بينهم، وبالتالي سيطرأ ضرر كبير في عملية التواصل في الداخل الحزبي.

إن انفجارات الأجهزة اللاسلكية ليست مجرّد حادثة، بل هي مقدّمة لحروب المستقبل. إنها تصف كيف يمكن للحرب السيبرانية أن تتطوّر إلى شيء أكثر فتكاً من القرصنة والتجسس.

 

خلاصة، تأكيد ما حدث سيكون رهنُ الأيام المقبلة، لكنّ المؤكّد أنّ الحرب بين الحزب وإسرائيل دخلت في مرحلة جديدة أكثر حساسية. ورغم أن الأمن السيبراني التقليدي كان يدور حول حماية الشبكات والمعلومات والخصوصية، فقد أدرك كثيرون أن المستوى التالي سيكون أكثر خطورة.

في حين أنّ مساحة المعركة بين الفضاء الإلكتروني والمجالات المادية التقليدية تتلاشى أكثر فأكثر، فإنّ العواقب على أمن الدول والتكتيكات العسكرية والمدنيين ستكون حادة. المفاهيم التي تحتاج إلى مراجعة في ضوء هذا الهجوم ليست مجرد قضايا الأمن السيبراني ولكن قضايا أمن الناس وممتلكاتهم في العالم، حيث كل شيء متصل بالإنترنت ومترابط.

 

فما حدث يفتح الباب لسؤال مقلق حول مدى ثقة الأفراد بعد اليوم وليس الجماعات والمؤسسات فقط، بأيّ جهاز تقني بين أيديهم. فماذا يعني ما حدث بالنسبة إلى الأنظمة التي لدينا في العصور الحديثة، والتي أصبحت أكثر تطوراً بكثير؟ الهواتف الذكية والطائرات من دون طيار وأجهزة الإنترنت، وهي بالفعل جزء من المجتمع اليوم. كلّ هذه التقنيات، إذا

تعرّضت لهجوم مماثل، يمكن أن تسبّب كوارث أكبر لم نكن نتخيّلها، مثل ما حدث أمس، وأكثر. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 3