ثمّة نقطة بارزة في ولادة ذلك الأفق الأسطوريّ للتجارة الإلكترونية تمثّلت قبل ثلاثين عاماً في ظهور شركة "أمازون" Amazon التي باتت عملاق ذلك النشاط الاقتصاديّ فضاء الإنترنت الذي صار صعباً فصله عن الحياة اليومية للبشر.
في عام 1994، أطلق جيف بيزوس "أمازون" كشركة ناشئة متخصّصة في بيع الكتب عبر الإنترنت، وباتت اليوم إمبراطورية تكنولوجية تسيطر على مجالات متعدّدة. تقدّر مبيعاتها على الإنترنت في الولايات المتحدة وحدها هذا العام بنحو 554 مليار دولار، أي ما يُمثّل حصّة سوقية تبلغ 42 في المئة، وهي نسبة بعيدة كلّ البعد عن أقرب منافسيها.
ولم تتوقّف طموحات "أمازون" عند التجارة الإلكترونية، بل ابتكرت أجهزة مثل قارئ الكتب الإلكترونية "كيندل" Kindle والمساعد الذكيّ الافتراضي الذي يعمل بالصوت "أليكسا" Alexa الذي بات مألوفاً في مدن غربية كثيرة. وكذلك تستحوذ الشركة على 31 في المئة من سوق الحوسبة السحابية (تقدر قيمتها بـ300 مليار دولار) بفضل خدمة
"أمازون ويب سيرفيسز".
وكذلك تدير "أمازون" خدمة البثّ التدفّقيّ عبر الإنترنت "برايم فيديو" Prime Video، رابع أكثر خدمات البثّ مشاهدةً في الولايات المتحدة.
وتحتل "أمازون" المرتبة الثالثة في الإعلانات الشبكية خلف عملاقين آخرين هما "ألفابت" (الشركة الأم لجوجل) و"ميتا" (فايسبوك سابقاً).
وفي خطوة طموحة، تعمل "أمازون" على تطوير أسطول "كويبر" المكوَّن من أقمار اصطناعية للاتصالات تحلّق في مدار منخفض، ما يؤشّر على تطلّعات تتخطّى الكرة الأرضية.
ومع تحقيقها هذا النجاح الكبير، تواجه "أمازون" الآن تحدّي كيفية التعامل مع هذا التوسّع الهائل. ففي السابق، عملت قطاعات من أعمالها بشكل شبه مُستقلّ. ومثلاً، شُغِّلَتْ خدمة الحوسبة السحابية باستقلالية بهدف تجنّب إثارة الشكوك عن تضاربها مع خدمات "أمازون" للبيع بالتجزئة.
إن النجاح المستقبلي لـ"أمازون" سيعتمد على قدرتها على مواجهة هذه التحدّيات والاستفادة من الفرص المتاحة.
إذ تمتلك "إستراتيجية الخياطة" القدرة على تعزيز نموّ الشركة إذا نجحت في دمج أقسامها المختلفة بسلاسة، ومساعدة كلّ منها في تطوير حلول ذكية مبتكرة.
وكخلاصة، ثمّة تحدٍّ يتمثّل في دمج كيانات "أمازون" المختلفة مع الحفاظ على روح الابتكار والمرونة التي ساهمت في نجاحها الأسطوريّ.