ح7: العنصريون البيض في بولندا واخطارهم

اعداد خضر محمد سعيد

2024.06.23 - 10:26
Facebook Share
طباعة

 أشار بحث في موقع "Eacea" إلى التعدُّد العرقي في بولندا, وانخفاض عدد سكان بولندا، وبالمقارنة مع الدول الأوروبيَّة الأخرى، فإنَّ بولندا متجانسة للغاية من حيث الجنسيَّة أو العرق, وتشير التقديرات إلى أنَّ ما لا يزيد عن 3٪ من إجمالي السكَّان هم من الأقليَّات القوميَّة, منها القوميَّة البيلاروسيَّة, والتشيكيَّة, والليتوانيَّة, والألمانيَّة, والأرمينيَّة, والروسية, والسلوفاكية, والأوكرانية, واليهوديَّة؛ مع 4 أقليات عرقيَّة: تسمى كريم، ليمكو، روماني وتتار؛ دينيَّاً الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي أكبر كنيسة في بولندا, والغالبية العظمى حوالي 87٪, من السكان هم من الروم الكاثوليك( ), حزبيَّاً, وتبعاً لهذه التركيًّبة سيطرت الأحزاب اليمينيَّة على المشهد السياسي في بولندا، ويبدو أنَّها في أقوى موقع لها حتى الآن في السلطة.
وأشارت بحث نشر في " news eu" أنَّه في بولندا، يوجد التمييز على مستوى متعدِّد الأبعاد، حيث تفتقر المؤسَّسات إلى سياسات الاندماج، والتي تعد ضرورية لمنع التمييز والإقصاء في المدارس المحلية، كما تقول مارغريت أويا، الباحثة في مؤسسة "Never Again Association"، وهي منظمة مستقلة مناهضة للعنصرية، ومقرها في وارسو( ), وقالت "كاسيا ناركوفيتش" في تحليل لمنظَّمة " discover society", تعتبر الاعتداءات على منازل الغجر وحرق دمية يهوديَّة أرثوذكسيَّة, في مظاهرة عامة, وتدنيس مساجد عمرها قرن, من الأمثلة الأخيرة على انتشار العنف العنصري في جميع أنحاء بولندا, وتقول المنظمة المناهضة للعنصرية "Nigdy Więcej", إن بولندا تشهد حاليًا "أكبر موجة من الكراهية" في تاريخ البلاد الحديث, وحسب التقرير, فإنَّ الجماعات القوميَّة مسؤولة عن التعبيرات الأكثر إثارة عن الكراهية، وتنفجر العنصرية في المنتديات عبر الإنترنت لليبراليين العلمانيين, وكذلك من المحاضرات الكنسية في جميع أنحاء البلاد, وحزب "القانون والعدالة" المنتخب حديثًا يزيد الطين بلَّة, وفي الآونة الأخيرة، ألغت الهيئة الحكومية الوحيدة التي تكافح التمييز العنصري، لأنها اعتبرت ذلك بلا فائدة، مرسلةً رسالة رمزية إلى الأقليات الهشة بالفعل في البلاد( ).
الأحزاب اليمينيَّة المتطرِّفة في بولندا:
وحسب بحث لـ"Justyna Kajta" في معهد " open democracy", فإنَّ حزب الحرية والاستقلال التابع للحزب اليميني الراديكالي "Konfederacja Wolność i Niepodle głość", من أهم الأحزاب القوميَّة المسيطرة في البلاد, وللقوميين في بولندا انتشار في الدوائر الكاثوليكية والمحافظة والوطنية والقومية, ويبدأ القوميون اليمينيون الراديكاليون في الظهور ليس فقط في الأحزاب السياسية، وأيضاً في المؤسسات العامَّة, وفي ظل حكومة, وحاليَّا هناك حزب القانون والعدالة المتطرِّف( ).
وحسب تقرير " "James F. Downes و" "Horace Wongفي " culturico", فإنَّ حزب القانون والعدالة, تأسَّس في الأصل العام 2001م, كحزب يمين وسطي, يعارض بشكل خاص النخب السياسيَّة الشيوعيَّة السابقة, وفي السنوات الأخيرة، تبنَّى حزب القانون والعدالة بشكل متزايد إيديولوجية استبدادية يمينيَّة وأصليَّة, على غرار عدد من أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا الغربيَّة، كما أوضح حزب القانون والعدالة معارضته الشديدة للإسلام, ويقود الحزب حاليًا "ياروسلاف كاتشينسكي" (رئيسًا) بينما يشغل أندريه دودا منصب رئيس بولندا, وتحوّل حزب القانون والعدالة في السنوات الأخيرة من حزب محافظ (أي يمين الوسط) إلى حزب يميني راديكالي كامل العضوية, كما تلقى حزب القانون والعدالة دعمًا ثابتًا عند حوالي 40٪ من إجمالي حصة التصويت, وكان الحزب الحاكم الرئيسي في بولندا منذ عام 2015م, كما تبنى حزب القانون والعدالة مواقف سلطوية تجاه القضايا الاجتماعية مثل معارضتها القوية لمجموعات المثليِّين إلى جانب قضايا مثل النسويَّة, في الوقت نفسه، شدَّد حزب القانون والعدالة باستمرار على أهمية القيم الكاثوليكية التقليدية( ).
وحسب تقرير المركز الوطني للعلوم في بولندا, ينتمي حوالي 51٪ من أعضاء البرلمان البولندي إلى حزب القانون والعدالة, ويحتل حزب القانون والعدالة وشريكه الائتلافي "Kukiz’15" ما مجموعه 60.2٪ من المقاعد في البرلمان, علاوة على ذلك، فاز عضو حزب القانون والعدالة أندريه دودا في الانتخابات الرئاسيَّة العام 2015م, ويمتلك الحزب في يديه كلا من السلطات التنفيذية "الرئيس ومجلس الوزراء ورئيس الوزراء" والسلطات التشريعية (البرلمان)( ).
التحالف بين الدين والأحزاب المتطرِّفة في بولندا:
بولندا لديها أعلى نسبة كاثوليكية (87٪) بين دول وسط وشرق أوروبا, وكانت الكاثوليكيَّة جزءًا مهمَّا من الهويَّة الوطنية فيها, وكان البولنديون يميلون إلى النظر إلى الكنيسة الكاثوليكية كرمز للنضال من أجل الاستقلال وتتمتع الكنيسة الكاثوليكية بمكانة عالية بين البولنديين, وسيطر التحالف بين حزب القانون والعدالة والكنيسة الكاثوليكية على الأجندة السياسية في السنوات الأخيرة, وجلب السياسات نحو اتجاه المحافظة ومقاومة الضغوط الخارجية من الاتحاد الأوروبي, وبالتالي يمكن اعتبار الكنيسة الكاثوليكية البولندية مؤثراً حاسماً على المواقف الأيديولوجية لحزب القانون والعدالة، إلى جانب تنفيذ السياسات النسائيَّة المحافظة, وسياسات مكافحة المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية, وحصل حزب القانون والعدالة على موافقة الكنيسة الكاثوليكية لإضفاء الشرعية على خطوط حزبه المثيرة للجدل لتشديد حقوق الإجهاض وحقوق مجتمع الميم.
الحزب الثاني في قائمة اليمين المتطرُّف, كان حزب "رابطة العائلات البولنديَّة (LPR)"، وهو حزب يميني راديكالي شعبوي يتمتَّع بقيم محافظة ومواقف معادية للساميَّة، وحصل بالفعل على تمثيل في البرلمان البولندي (مجلس النواب) في وقت مبكر منذ العام 2001م, وعندما تأسس حزب القانون والعدالة، كان LPR يميل إلى حزب القانون والعدالة, ويتبنى مواقف أكثر راديكاليَّة من حزب القانون والعدالة, بالنسبة لعضوية الاتحاد الأوروبي, والهجرة.
وبالتالي نتيجة لوجود تلك الأحزاب, كانت السنوات الخمس الماضية فترة تغيُّرات سريعة على الساحة السياسية في بولندا, وكثيراً ما أشارت الحملات الانتخابيَّة إلى مخاطر الهجرة، وأثارت مخاوف اللاجئين أو الإسلاميِّين، وناشدت المشاعر المعادية للسامية والأوكرانيَّة, وكل ذلك أدّى إلى مزيد من التطرف والعنصريَّة في بولندا( ).
فحسب تقرير "دومينيك سوجيل", و"مونيكا رباعه" في السنوات الماضية, حرَّك القانون والعدالة "PiS" البلاد إلى اليمين, من خلال دفع أجندة شعبويَّة مناهضة للهجرة ومؤيدة للكاثوليكيَّة, وكذلك شكَّلت الأحزاب القوميَّة المتطرفة في بولندا، ائتلافًا "Konfederacja" وأصبحوا أوَّل حزب يتحدَّى حزب القانون والعدالة من اليمين, ويقول "ميشاي أوربانياك" الرئيس الإقليمي لحزب الحركة الوطنيَّة، المشارك في ذلك الائتلاف, "نحن في الغالب قوميُّون"، وبالتالي, سمح صعود حزب "القانون والعدالة", بإيجاد مساحة أكبر لليمين المتطرِّف في بولندا, حتى أنَّه أعلن عن "حركة الشباب البولنديين" المنبثقة عن الائتلاف السابق, والذي يضم أكثر من 1000 عضو, منتشرين في جميع أنحاء بولندا( ), ويعتبر ائتلاف "Konfederacja", من المنافسين على المقاعد القوميَّة المتطرِّفة في البرلمان البولندي, واتهم بأنَّه موالِ لروسيا, وحثَّ في الانتخابات الأخيرة, الجماعات اليمينية على الخروج في مظاهرات, تحمل لافتات مثل "لا للمزاعم اليهودية" أو "ضباع الهولوكوست", كما قال "سلومير منتزن"، أحد مرشحي Konfederacja، في تجمع حاشد في وقت سابق: "لا نريد اليهود والمثليين جنسياً والإجهاض والضرائب والاتحاد الأوروبي"( ), لكن حزب القانون والعدالة الموالي للغرب, كان حاضراً وبارزاً في الساحة البولنديَّة, فحسب تحليل "cas mudde" في "الجارديان", زاد حزب القانون والعدالة الشعبوي اليميني الحاكم حصته في التصويت في الانتخابات الأخيرة بنسبة 6٪ ، من 37.6 إلى 43.6٪، واستعاد أغلبيته في مجلس النواب "Sejm", مع ذلك، وبسبب النظام الانتخابي المختلف والتعاون الاستراتيجي من قبل أحزاب المعارضة الرئيسية، فقد حزب القانون والعدالة أغلبيته في مجلس الشيوخ "سينات", في حين أن مجلس النواب هو مجلس النواب الأكثر قوة، يمكن لمجلس الشيوخ استخدام حق النقض "الفيتو" ضد التشريع ويلعب دورًا رئيسيًا في تعيين وعزل بعض الشخصيات السياسية الرئيسية، بما في ذلك رئيس الغرفة العليا للرقابة، الذي يشرف على البيروقراطيَّة( ).
الجماعات اليمينيَّة المتطرِّفة, والعنصريين البيض في بولندا:
1. جماعة النهضة الوطنيَّة لبولندا "Narodowe Odrodzenie Polski":
وهي جماعة يمينيَّة متطرفة شبيهة بالنازيَّة, مقرها بولندا, ولها بعض الأتباع في الولايات المتِّحِدة, يُترجم اسم المجموعة أحيانًا إلى أشكال إنجليزية أخرى، مثل التجديد الوطني البولندي أو النهضة الوطنية لبولندا, لديهم وشم يحمل شعار المجموعة, ويستخدم النازيون الجدد الأمريكيون أحيانًا نسخة العلم من هذا الرمز عند عرض مجموعة من الأعلام النازية والنازية( ).ئء
2. جماعات مواجهة الإسلاموفوبيا:
حسب "كاسيا ناركوفيتش", الباحثة المشاركة في جامعة يورك, وجامعة سودرتورن, في مؤسَّسة مناهضة العنصريَّة في بولندا, في تقرير نشر في "discover society" فإنَّ المتطرِّفين القوميين وعنصريَّتهم, استهدف الأقليَّات الدينيَّة, وكانت العنصرية في النقاش العام لبولندا، وخاصة استهدافهم المسلمين، من خلال الجدل البولندي الأوَّل حول المساجد في بولندا العام 2010م, وما تلاه من مظاهرات ضد بناء أوَّل مسجد, في وارسو, ولم تتوقَّف الاحتجاجات عند افتتاح المسجد، بل أدَّت إلى موجة من الهجمات على المساجد القليلة المنتشرة في أنحاء بولندا, حيث أضرمت النيران في مسجد في مدينة "غدانسك" وتحطيم محتويات مسجد "بوزنان" وكتابة شعارات معادية للإسلام, بينما تلقى الإمام تهديدات بالقتل, ورُش دماء خنزير على جدار مسجد التتار التقليدي في "كروسزينياني"( ), ويقدَّر عدد المسلمين في بولندا 35 ألف مسلم فقط, في بلد يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة( ), وحسب تقرير "Irish times", يميل خطاب الحكومة البولندية حاليَّاً إلى الخلط بين اللاجئين والإرهاب والإسلام, في صورة تهديد متصور للقيم البولندية( ).
3. المعسكر الوطني الراديكالي (ONR):
وهو أحد أكبر وأكثر الجماعات نشاطًا وتطرُّفا في بولندا, هذا الحزب السياسي مناهض للديمقراطية جذريًا، وسلطويًا، ومفتونًا بالجناح الفاشي للحركة الوطنيَّة, إنَّها تحلم ببولندا بدون يهود واشتراكيين وأقليات عرقية, ومن المحتمل أن تكون مستعدة لاستخدام العنف ضد خصومها, حسب " Ryszard Machnikowski" نائب العميد للبحوث والشؤون الدولية في كلية الدراسات الدولية والسياسية في جامعة لودز، بولندا، في تحليل لموقع "eeradica lization"( ), وهي تُعبر أيضاً, إحدى المجموعات التي أسَّست, ولا تزال تلعب دورًا رائدًا في تنظيم مسيرة الاستقلال السنوية في وارسو، والتي تجتذب عشرات الآلاف من المشاركين وتلقى دعمًا من المعسكر الحاكم الحالي في بولندا, وحسب تقرير " not esfrom Poland", تم تشكيل ONR الأصلي وسط نمو الفاشية في إيطاليا وألمانيا، واعتمد شعار "Falanga" على النمط الفاشي، والذي لا يزال يستخدم حتى اليوم, وفي عام 2019م، بدأ المدعون تحقيقًا في فرع مكتب ONR في لوبلين بتهمة نشر الفاشية( ), ويُعتبر هدفها الأساسي حسب تقرير منظَّمة " vsquare", عمل من شأنه تشكيل جنود سياسيين بولنديون واعين، مفعمون بالحيوية ومرتبطون بالأفكار, وسيكونون على استعداد للدفاع عن القيم الكاثوليكيَّة والوطنية من خلال الإجراءات المباشرة"( ), وقال "Daniel Tilles" أنَّه في العام 2019م، بدأ المدَّعُون تحقيقًا في فرع ONR في لوبلان عن الجريمة لنشر الفاشية( ).
4. الجماعات البولنديَّة المتطرِّفة في أوكرانيا:
تُعتبر بولندا متاخمة مباشرة لأوكرانيا، وتلعب مؤخَّراً دور العبور, بالنسبة للمقاتلين الأجانب, تشمل مواطنين من فنلندا أو النرويج أو فرنسا أو النمسا, وشارك نحو 30 مقاتلا أجنبيا من بولندا في الصراع في شرق أوكرانيا على الجانبين, الدافع الرئيسي لاختيار أطراف النزاع هو المواقف الشخصية تجاه روسيا وأوكرانيا, ومنهم جماعات يمينيَّة متطرِّفة كالمعسكر الراديكالي الوطني (ONR), الذي ذكرناه سابقاً, ومعسكر بولندا الكبرى، أو المنظمات الفاشية الجديدة مثل "فالانجا", الموالية لروسيا, وكذلك كانت كتيبة روسيش أو كتيبة بريزراك أو كتيبة كالميوس، بالإضافة إلى ميليشيا نوفوروسيا المدنية( ).
5. الحركة الوطنيَّة (RN):
حسب "Gavin Rae" الباحثة في مجال جماعات التطرف في معهد " social europe", فإنَّ الحركة الوطنيَّة (RN)، تشكلت العام 2012م, ودمجت أجزاء من اليمين المتطرِّف مثل المعسكر الراديكالي الوطني, وشباب عموم بولندا, وقادة بارزون في حزب الجبهة الوطنيَّة، مثل "كرزيستوف بوساك" و"روبرت وينيكي"، وهما يشغلون الآن مقاعد في البرلمان, والآخر هو "Korwin"، بقيادة السياسي المنشق "يانوش كوروين ميكي" حاضر دائمًا في الأطراف المتطرفة للسياسة البولندية خلال العقود الثلاثة الماضية, وهذا النموذج يقدِّم مزيجًا انتقائيًا من النيوليبرالية المتطرفة في بولندا, وتم انتخاب سياسيين بارزين آخرين من اليمين المتطرف تحت راية الكونفدرالية, ومن بين هؤلاء "Grzegorz Braun"، الذي ادعى ذات مرة أن بولندا "هي مجمع سكني ألماني روسي تحت وصاية يهودية"( ).
6. الحركة الوطنية في بولندا (NOP):
هو حزب سياسي يميني متطرِّف في بولندا, مسجَّل من قبل محكمة المقاطعة في وارسو واللجنة الانتخابية الوطنية, اعتبارًا من انتخابات العام 2015م، لم يكن للحزب مقاعد في البرلمان البولندي, كان عضوا في الجبهة الوطنية الأوروبية, وحسب منظَّمة "Dbpedia", فهو متطرف معادي للصهيونيَّة, ومناهض للرأسماليَّة( ), وحسب مشروع بحثي من قبل المركز الوطني للعلوم في بولندا، يعتبر "NOP" المنظمة الوحيدة في بولندا التي تروج علانية للأيديولوجية العنصرية والفاشيَّة الجديدة, وهي عضو في العديد من المنظمات الدوليَّة اليمينيَّة المتطرِّفة،

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6