كان مقرراً أن تستمر سيطرة عائلة بونغو على السلطة في الغابون منذ 56 عاماً، إلا ان الانقلاب الذي شهدته البلاد عقب نتائج الانتخابات كشفت هشاشة هذه السلالة التي تعتبر من أطول السلالات السياسية عمراً في العالم، ووضعتها في مأزق.
يكشف مارك بورسي، الذي قدمت شركته للعلاقات العامة المشورة لعلي بونغو في حملة إعادة انتخابه، ان الانتفاضة لم تكن عفوية، وان هناك رسائل تلقاها شخص تشير الى ان توقيت التمرد، سيكون بعد وقت قصير من إعلان نتائج الانتخابات.
وكما هو الحال في المستعمرات الفرنسية السابقة الأخرى، قال بورسي إن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته على مدى الأشهر الـ 18 الماضية أظهرت أن فرنسا لا تحظى بشعبية كبيرة بين غالبية الغابونيين.
فقد كانت الغابون بالإضافة إلى توغو، بمثابة الفناء الخلفي لفرنسا. تحكمها سلالات ديكتاتورية تدعمها باريس لتحافظ على مصالحها في البلاد، حيث يرث الزعماء السلطة من آبائهم الذين استخدموا العلاقات مع فرنسا لسحق التمردات والحفاظ على فبضة محكمة على السلطة، وهذا هو أسلوب أسلوب إدارة فرنسا لمستعمراتها السابقة.
خلال حكم الرئيس الأسبق للبلاد عمر بونغو، ساعد في إبقاء النفوذ السياسي الفرنسي والقوّة العسكرية الفرنسية على قيد الحياة من خلال توقيع العديد من معاهدات الدفاع المشترك مع فرنسا.
وبعد وفاة والده وتولّيه السلطة عام 2009، حرص علي بونغو، على الحفاظ على ولاء بلاده لفرنسا، معزّزاً أيضاً علاقاتها مع واشنطن، ولا سيما في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، ما جعل البعض يلقّبه برجل أوباما.
تشابك المصالح الكبير بين فرنسا والغابون، والنظام المكوّن من الشبكات السياسية والتجارية غير الرسمية، انفضح في أعقاب انقسام وقع بين أفراد الأسرة الحاكمة، بسبب خلاف على الثروة التي خلّفها بونغو الأب.
وشغل هذا الخلاف ودور فرنسا في القارة الإعلام الفرنسي في تلك الفترة، فبحسب الوثائق التي نشرتها صحيفة "ميديا بارت"، فإنّ ما لا يقلّ عن أربع شركات فرنسية متعدّدة الجنسيات موجودة في الغابون، على غرار بولير، وبويغيز، وإيراميت،التي أعلنت تعليق أعمالها في البلاد فوراً عقب الانقلاب.
كما أشارت تقارير أخرى إلى الدور الرئيس الذي أدّته شركة النفط الفرنسية توتال في الاقتصاد الغابوني.