الشباب ضحايا المتمماتُ الغذائيةُ المغشوشة في سورية

يانا العلي-سورية-خاص وكالة أنباء آسيا

2023.05.26 - 02:43
Facebook Share
طباعة

توالت طرقُ الموتُ في سورية، من الحربِ إلى الزلزال مروراً بالأخطاءِ الطبية غير المقصودة، وصولاً إلى بيعِ الموادِ الغذائيةِ المغشوشة عن قصد.


ضجتْ مُحافظةُ اللاذقية بوفاةِ الشابين الشقيقين نوار وكرم زيدان بفارق 32 يوماً بعد تعرضهما لإصابةٍ جَرثومية تَسببتْ بالتهاباتٍ حادة انتهت بوفاتِهما.


وأشارتْ التحاليلُ والخبرةُ الطبية إلى أن سبب الوفاة جرثومي بعد تناولِ مسحوقٍ مزوّرٍ من المُتمماتِ الغذائيةِ التي يَستخدمها الرياضيون.


وللوقوف عند تفاصيل الحادثة الأليمة كانَ لوكالةِ أنباء آسيا لقاءٌ خاصٌ مع عَمُّ الفقيدين السيد مأمون زيدان حيثُ أوضحَ أنّ "أعراض الكريب و الوهن ظهرت في البداية عند المرحومِ المحامي نوار، وازدادت حالتهُ سوءاً. وبعد أسبوع من إصابته عَلمنا بأنهُ مُصاب بمرضٍ يُسمى "متلازمة غِيلان باريه"، ويوجدُ جهازٌ وحيد في مشفى تشرين لمُعالجةِ هذا المرض، لكنهُ لم يستجبْ للعلاج، وتوفاه الله.


بعدَ 32 يومًا بدأ شقيق المرحوم نوار، المهندس كرم يُعاني من التهاباتٍ قويةٍ، فذهبنا به إلى دِمشق وقُمنا بكافةِ التحاليل في عدةِ مُستشفيات حكومية وخاصة، وظهرتْ نفس أعراض مرض الشاب نوار ، وهي أعراض مُتلازمة غيلان باريه ذاتِها. لم نكن نعلم بأن الذي أصابَ نوار هو تسممٌ غذائي، حتى اليوم الثالث من علاجِ المرحوم الثاني أخيه كرم، وذلك من أطباءٍ كُنا نَستشيرهم للحصولِ على تشخيصٍ دقيق للمرض. وقالَ المرحوم كرم لوالدهِ قبلَ وفاتهِ: "معقول يصير معي متل نوار؟. نوار أخذ نص علبة البروتين من المتممات المغشوشة ، والنص التاني بالبيت، أخدت منها مرتين أو ثلاثة، هل يمكن ان تكون تلك المتممات هي السبب؟".


العلبةُ التي تحدثَ عنها هي علبة بروتين لماركةٍ مشهورة يأخذها أغلبُ رياضيي سورية والعالم، ولم تكن منتهيةِ الصلاحية. إنها تزويرٌ لماركاتٍ عالمية، لصنف باهظ السعر، وهذا البروتين مصدرهُ بشكلٍ عام لبنان، ويتم تَهريبهُ مع شخصٍ مُسافر ربما، لأنه غير متوفر في الصيدليات. وللأسف، يأخذُ أغلب شبابنا هذا البروتين.


نحنُ كأهلِ الفقيدين، نُعَزي أنفسنا و نطلبُ ونَتمنى من مُعظمِ الشباب الخائفين حالياً من هولِ الحادثة، والذين يُخفون عِلب البروتين نتيجة حادثة موت الفقيدين، أن لا يخافوا ولكن لا ينسوا، وأن يَبحثوا عن مصدرِ المتممات الغذائية التي يشتَرونَها. والأهم من ذلك، هو أن يتمُ الحصول على هذه المكملات من مصادرٍ رسميةٍ ومُراقبة".


وعن مرضِ "غيان باريه" أفادت الدكتورة هالة شاهين لمصادرنا " بأنه مرضْ مجهولُ السبب، إلا أنه يحدثُ بسببِ عدوى فيروسية، وتظهرُ أعراضه بعد حوالي الأسبوعين من الإصابةِ التنفسية أو الهضمية، ورجّحت أن يكون مسحوقُ المُتممات هو المُتسبب بوفاةِ الشابين نتيجةِ تشابه الأعراض حسب إفادة ذويه.

 

والتقت وكالةُ آسيا نيوز مع الدكتور ناظم علي أخصائي جراحة عظمية وطب رياضي فقال :" تتنوعُ المكملاتُ الغذائيةُ بينَ الضروريةِ في حالاتِ عَوز الفيتامينات والمعادنِ الأساسيةِ التي يتم تَعويضها عن طريقِ الأدويةِ والحبوب، والشائعة حالياً في الرياضة وبناء الكتلة العضلية. ومع وجودِ دراسات تؤكدُ ضرورةَ ضبط هذا الموضوع، يجدرُ بالرياضيين الاحترافيين فقط وتحتَ إشراف طبي إتباع نظام غذائي متوازن يكفي لتلبيةِ احتياجاتهم الغذائية والبروتينية. فالمكملاتِ الغذائيةِ الرياضيةِ تحتوي على أنواعٍ مختلفة من البروتين والأحماض الأمينية والكرياتين والكافيين وغيرها، وعلى الرغمِ من فَعاليتها الجيدة في بعضِ الحالات، إلا أنها قد تسببُ ضرراً للجسم.


لذلك، يَنبغي على الرياضيين أن يتَعرفوا بشكلٍ جيد على المُكملاتِ الغذائية التي يتَناولونها، والتأكدُ من جُودتها و مصدرها، و التحلي بالحذرِ والانتباه لأي علاماتٍ أو أعراضٍ غير طبيعية تظهرُ على أجسادهم. كما ينصحُ بالتشاورِ مع الأطباءِ والمُتخصصين في التغذيةِ قبل تناولِ أي نوعٍ من المكملات الغذائية، لتجنبِ أي مشاكل صحية قد تنجمُ عن تناولها بشكلٍ خاطئ أو غير مُلائم لحالةِ الجسم.


تحتوي معظمُ المنتجات التجارية غير المؤكدة المصدر على موادٍ مشكوكٍ فيها، والتي يمكنُ أن تسببَ مشاكلَ خطيرةً للجسمِ، مثل قصور كلوي والتهاب كبد سريع، وارتفاع كبير في هرمون التستوستيرون الذكوري الباني العضلات، مما يؤدي إلى مشاكلٍ وظيفيةٍ في الأعضاء. لذا، يجبُ على الإنسان الحذَر وتفادي استخدامُ هذهِ المنتجات بشكلٍ كامل، والتأكدُ من شراء المنتجات المرخصة من وزارةِ الصحة والتي تحملُ ختمها، أو المنتجاتِ التي تُنتجها شركات دوائية معتمدة.

ومن جانبٍ آخر، وحولَ تزايد انتشار هذهِ المتممات الغذائية وغيرها من الأنواع المختلفة وتحديداً المغشوشة منها، في الأنديةِ الرياضية وتَرويجها للفئةِ العُمرية المتوسطة من الشباب، من قِبل بَعض المُدربين وأصحابُ النوادي. كان لوكالةِ آسيا لقاء مع المشرفِ على الأنديةِ الرياضية الدراج والمدرب رامي خطيب فأوضحَ قائلاً : "ازدادَ استخدامُ المُتممات الغذائية والهرمون، بسببِ هَوس منظرُ العضلات أمامَ الناس وبعضُ عِقدُ النقص، واستغلال بعضَ المُدّعين أنهم مُدَربين، من أجلِ المال. وإعطاءِ الابرةِ الموضعيةِ للعضلةِ ، بسببِ استعجالِ الشباب للظهورِ بالعضلاتِ الجَذابة، التي تَحتوي على سوائلٍ وزيوت تُحقنُ داخلَ العضلة، وتؤدي إلى تَلفِها، وتستمرُ على هذا الحال حتى تَتحولُ إلى خَلايا سَرطانية. كما يُمكنُ أن تُؤدي إلى جَلطةٍ وتَلف الكبد والكلية. بعضُ الأجسامِ لا تتحملُ ويكونُ التمرين خاطئًا ولا يُساعدُ على إزالةِ المادةِ من الجسمِ .ناهيك عن المشاكلِ الصحيةِ المتعلقةِ بالتمارينِ بالطُرقِ والأساليبِ والتوقيت، لذلك يَجبُ على الشخصِ إجراء فحص شامل لدى الطبيب والتحققِ مما إذا كانت الكِلى والكَبد والغدة الدرقية سليمة أم لا، لتَجنبِ المشاكلِ الصحيةِ.


كما يمكنُ أن يؤدي تناولُ كمياتٍ زائدةٍ من البروتين إلى زيادةِ إنزيمات الكبد، ويمكنُ أن تكون خطيرة، خصوصاً بعضها التي تعبّأ محلياً، لأن هدفها المال وليس صحة من يستخدمه. كما يوجدُ ايضاً تعاطي مادة G.H هرمون نمو تحفيز تكاثر وتجديد خلايا وحرق دهون منتج يحوي ١٩٠ حمضًا أمينيًا، لتحفيز جهاز مناعي يعادل البنكرياس. كان قديماً يُستخرج من الجثث ويُستخدم للنمو، تنتجه الغدة النخامية وكان محظورًا دولياً...وأغلبُ رجال الأعمال يستخدمونه كي يحافظوا على شبابهم.


وللحد من هذه الظاهرة نحاول حالياً ضبط استخدامها من خلال الإشراف على الأندية بشكل دوري ، وخاصة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً".

 

إذاً، الهدفُ واضح والطرقُ سالكةٌ والضحيةُ جاهزةٌ. يبقى دورُ الرقابة هي الحامي الأول لمنعِ انتشارِ المتمماتِ الغذائية المغشوشة. وبالمثلِ تأتي أهميةِ الوعي الذاتي للرياضي ليتمكنَ من درءِ الخطر عن صحتهِ بالدرجةِ الأولى.وبذات الوقت متابعةُ أصحاب النوادي لما يحدثُ من أمور قد تسببُ خطراً لأحدهم داخل أنديتهم ومعالجتها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 9