"أشباح بيروت".. فخٌ إسرائيلي لترويج التطبيع الفكري

زينة أرزوني- بيروت

2023.05.21 - 11:31
Facebook Share
طباعة

 على الرغم من مرور خمسة عشر عاماً على استشهاده، الا انه من الواضح ان "شبح" القائد عماد مغنية لا يزال يرعب القادة الصهاينة والاميركيين، وبهدف كي الوعي الجماعي، رصدوا ميزانية ضخمة لا تقل قيمتها عن ميزانية ترسانة من الاسلحة لتشويه صورته، وتمرير مفاهيم مضللة عبر مسلسل "اشباح بيروت" (Ghosts of Beirut) الوثائقي الممتد على أربعة أجزاء، والذي انطلق عرضه نهار الجمعة على على منصّة "شوتايم" (Show Time) الأميركية للبث التدفقي.
اللافت بحسب متابعين ان صناع المسلسل لا يملكون معلومات عن مغنية، وانهم إستعانوا بإعلاميين ومنتجين لبنانيين خلال بحثهم عن معلومات تخصه، فهم لا يعرفون عنه الا ما سمح إعلام حزب ال له بنشره عنه عبر مقاطع فيديو مصورة، ومن يتابع المسلسل يكتشف ان المنتجين والكتاب اخترعوا الاحداث من بنات أفكارهم، وان الحقيقة الثابتة في المسلسل هي إظاهر أماكن تواجد مغنية في مسجد بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، اضافة الى عرض الاحياء التي نشأ فيها.
ويأسف مراقبون ان شخصيات لبنانية شاركت في عملية التضليل للأحداث والوقائع، وساهمت في الحرب الناعمة والتطبيع الفكري عبر ماكينتها الاعلامية التي يحاول العدو الاسرائيلي من خلالها فرض صورة مشوهة لأحد ابرز قادة المقاومة الذين شغلوا على مدى أعوام الاستخبارات الاميركية والموساد، وعملوا على تحقيق النصر في حرب تموز عام 2006 والتحرير عام 2000، وقاوموا الاحتلال بكل الاساليب.
الرواية الاسرائيلية القائمة على مقابلات مباشرة مع مسؤولين من وكالة الاستخبارات المركزية والموساد، تحاول ربط اضطرابات بيروت عام 1980 بعمليات التجسس في الشرق الأوسط، وتسعى الى إظاهر مغنية بمثابة "إرهابي" على غرار تلك التي ظهرت بها شخصيات مقاومة في المسلسل الصهيوني "فوضى"، فتجدهم يعملون على تسطيح فكرة العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال، عبر تمريرهم عبارة يقولها الممثل هشام سليمان الذي يؤدي دور مغنية "تضغط على الزر وتذهب إلى الجنّة"، وليس غريباً على الممثل سليمان أن يقول مثل هذا الكلام وهو الذي حاضر قبل مدّة أمام "مجندين" شبان إبان التحاقهم بجيش الاحتلال الاسرائيلي، فالممثل والمخرج المسرحي الفلسطيني هشام سليمان، كان قد عمل سابقاً من خلال مسلسل "فوضى" على تشويه صورة أحد القادة الفلسطينيين، فبحسب متابعين تحرص الماكينة الاعلامية الاسرائيلية على اختيار ممثلين عرب إرتضوا ان يكونوا دُمى في ايديهم، للتودد الى المشاهدين العرب من خلالهم، تمهيداً للولوج الى افكارهم وتثبيت أكاذيبهم، وصولاً الى كي الوعي العربي، وخلق ذاكرة مشوهة، فإسرائيل ومعها اميركا لا تكتفي بالحروب العسكرية والحروب الاقتصادية لفرض ما تريد، فهم يُدركون ان للاعلام دورًا بارزًا في حروبهم الناعمة، لطمس الحقائق والترويج لافكارهم المعادية لكل من يحاول مقاومتهم.
المسلسل الذي هو من تأليف أي آفي آسخاروف وليئور راز، (ضابطان في الأمن والاستخبارات الاسرائيلية)، يروي الأحداث من وجهات نظر اميركية وإسرائيلية ولبنانية معادية للمقاومة، فقد عملت كاتبة السيناريو اللبنانية جويل توما استناداً إلى بحث مكثف للأحداث التي لا تزال سرية بحسب زعم صناع المسلسل.
فالكاتبة توما والتي لها باع طويل في التعامل مع الاسرائيليين سينمائياً، كانت قد شاركت في تشويه صورة العمليات الاستشهادية والقضية الفلسطينية من خلال عمليها السابقين "القضية رقم 23" و"الصدمة"، التي اشتركت في صناعتهما مع زوجها السابق المخرج اللبناني المطبّع زياد دويري، ومهنا يجزم المراقبون ان مسلسل "اشباح بيروت" لن يكون مغايراً عن ما قدمته الكاتبة سابقاً من تبنّي للرؤية الاسرائيلية وترويجها خدمةً للتطبيع الفكري، والإيقاع بالجمهور العربي في هذا الفخ من دون ان يدري.
ولتفادي هذا الفخ، دعت "حملة مقاطعة داعمي إسرائيل" في لبنان، إلى مقاطعة الدراما التجسسية الإسرائيلية "أشباح بيروت"، وحثّت الحملة على "الالتزام في حال مشاهدتها بمعايير الحملة حول مشاهدة منصات الوسائط المتدفقة، الواردة في النقطة الحادية والعشرين من وثيقة الحملة".
كما دعت الأجهزة المعنية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لتطبيق القانون اللبناني، لا سيما قانون المقاطعة الصادر عام 1955 الذي يورد في مادته الأولى: يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيّاً كانت طبيعته، مشيرة الى ان التساهل القضائي في حالات مشابهة، يسهّل خرق قانون المقاطعة والتطبيع بشكل عام.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5