من السجن إلى الإقامة الجبريّة انتهاكات يتعرض لها الباحثون والأكاديميون في مصر

2023.02.03 - 06:49
Facebook Share
طباعة

 العديد من الانتهاكات يتعرض لها الباحثون والأكاديميون في مصر، منذ ثورة يناير، وتحديداً على مدار العشر سنوات الأخيرة، ويأتي السجن الاحتياطي في مقدمة هذه الانتهاكات، ومن ثم المنع من السفر، فضلا عن منعهم من العمل في أماكن خاصة والتعنت في انهاء أوراقهم الرسمية.


وجاءت تلك الانتهاكات على خلفيات متعددة، منها: معارضة سياسات الدولة، الاشتباك مع نقاط بحثية محظورة، والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك وفقا لما رصدته مؤسسة الفكر والتعبير وهي مؤسسة حقوقية مصرية غير حكومة، في تقريرها " سجن بلا نهاية".


ويواجه بعض الأكاديميون صعوبات في العودة إلى العمل بعد تنفيذ قرار قضائي بإخلاء سبيلهم، حيث تقوم الجامعات بفصل البعض بسبب الانقطاع بدون سبب أو التعسف في إصدار قرار العودة إلى العمل، كما في حالة شادي الغزالي حرب أستاذ كلية الطب بجامعة القاهرة.


اذ واجه شادي الغزالي حرب، صعوبات في العودة إلى عمله. حيث كان عضوًا في هيئة التدريس بكلية الطب جامعة القاهرة. ألقي القبض على حرب، الذي كان أحد قيادات حزب الدستور المعارض وتم حبسه على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر نيابة أمن الدولة العليا، من مايو 2018 حتى مارس 2020، أي حوالي عامين من الحبس الاحتياطي.


فور خروجه من السجن حاول حرب العودة إلى عمله فى كلية الطب قسم الجراحة من خلال التقدم بطلب استلام لعمله، ولكن جامعة القاهرة رفضت تسليمه عمله، وبالتالي لم يتم حصوله على الترقية المستحقة له من أستاذ مساعد إلى درجة أستاذ، بسبب قرار وقفه لتغيبه عن العمل-وفقا لما رصدته المؤسسة.


توجه حرب إلى القضاء الإداري وأقام دعوى ضد الجامعة وحكمت محكمة القضاء الإداري في يوليو 2022 بإعادة حرب إلى عمله وعدم قانونية قرار الجامعة. ولكن حتى الآن لم يتم إبلاغ الغزالي بتنفيذ القرار من قبل الجامعة على الرغم من قرار المحكمة الإدارية، في تعنت واضح من إدارة الجامعة تجاه حرب.


لم تتوقف صعوبات العودة إلى العمل عند القطاع الحكومي فقط بل امتدت إلى القطاع الخاص سواء جامعات أو شركات. فبعدما رفضت جامعة القاهرة عودة شادي الغزالي حرب إلى عمله كعضو هيئة تدريس بكلية الطب جامعة القاهرة، توجه شادي الغزالي حرب إلى المستشفى الفرنساوي وغيرها من المستشفيات الخاصة. وبرغم معرفة تلك المستشفيات به شخصيًّا، فإنها رفضت قبوله للعمل لديها وفقاً ل"الفكر والتعبير".


تأتي عقبة المنع من السفر التي استخدمتها السلطات المصرية تجاه عدد من الحقوقيين والسياسيين، ثالث الأزمات التي تواجه الباحثين والأكاديميين فور خروجهم من السجن.


إذ منعت السلطات المصرية  أحمد سمير سنطاوي، طالب الماجستير في مجال الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع في الجامعة الأوروبية المركزية في فيينا – النمسا، من السفر، لاستكمال دراسته في أغسطس 2022، حيث تم إيقافه من قبل الأجهزة الأمنية في مطار القاهرة الدولي وإبلاغه بمنعه من السفر دون أن يتم إبلاغه بأسباب هذا القرار. وعند التوجه إلى مصلحة الجوازات، أخبر الموظفُ سنطاوي بأنه ممنوع من السفر طبقًا لجهة أمنية، مع عدم وجود قرار رسمي بذلك، ولا يستطيع سنطاوي استكمال دراسته أونلاين.


وتعود أحداث القضية إلى قيام الأجهزة الأمنية بالقبض على سنطاوي، بعد عودته إلى مصر فى زيارة عائلية فى فبراير 2021، وقد حققت معه نيابة أمن الدولة العليا فى البداية على ذمة القضية رقم 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة العليا، قبل أن تضيفه إلى قضية جديدة حملت رقم 774 لسنة 2021 حصر أمن دولة العليا، التي أحيلت بشكل عاجل إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، التي أصدرت في يونيو 2021 حكمًا بحبس سنطاوي 4 سنوات وغرامة 500 جنيه على  خلفية اتهامه بنشر أخبار كاذبة من خارج البلاد.


وفي 4 يوليو 2022 أصدرت محكمة جنح أمن دولة طوارئ، حكمًا جديدًا في القضية رقم 774 لسنة 2021 جنح أمن الدولة طوارئ،  بحبس سنطاوي  ثلاث سنوات. وجاء ذلك الحكم بعد إلغاء حكم سابق بالحبس 4 سنوات وغرامة مالية 500 جنيه. تم الافراج عن سنطاوي بعفو رئاسي في يوليو الماضي.


بالمثل تم منع باتريك جورج باحث الماجستير في جامعة بولونيا في إيطاليا من السفر بعد الإفراج عنه. فقد ألقت الأجهزة الأمنية في مطار القاهرة القبض على باتريك جورج فى 7 فبراير 2020 بعد عودته من إيطاليا في زيارة عائلية. نقل بعد ذلك إلى أحد مقرات الأمن الوطني في القاهرة وتعرض للتعذيب على خلفية مقال عن أقباط مصر نشره على موقع درج. ورحل فى اليوم التالي إلى  المنصورة. في  8 ديسمبر 2021 أخلت محكمة أمن دولة طوارئ سبيل باتريك على ذمة القضية 7245 لسنة 2019 بعد أكثر من 20 شهرًا حبسًا احتياطيًّا. واستمرت المحكمة فى تأجيل المحاكمة عدة مرات آخرها إلى 29 نوفمبر.


وبالإضافة إلى هذا، منع باتريك من استخراج جواز سفر من مصلحة الجوازات في مايو 2022. توجه بعد ذلك إلى مكتب النائب العام للاستفسار وفوجئ بوضع اسمه فى قضية جديدة برقم 2017 لسنة 2021 حصر أمن دولة  لا يعرف عنها شيئًا ولم يتم استدعاءه للتحقيق فيها. كما فوجئ بأن اسمه على قوائم الممنوعين من السفر.


كما واجه محمد محيي الدين عثمان صعوبة فى استخراج بطاقة الرقم القومي، التي استغرق استخراجها ثلاثة شهور بعد الإفراج عنه، حيث رفضت الجامعة أن تختم الاستمارة الخاصة باستخراج البطاقة قبل أن تتراجع وتوافق في النهاية. كذلك يواجه محيي الدين صعوبة فى العودة إلى عمله بسبب رفض النيابة إعطاء شهادة بمدة الحبس لكل من تجاوز حبسه الاحتياطي سنتين.


شهدت مصر في السنوات الماضية تعديًا حادا على الأكاديميين والباحثين وأساتذة الجامعة، لاسيما المحسوبين على صفوف المعارضة لمنعهم من إبداء آرائهم بحرية، أو تعطيلهم عن كتابة المقالات والأبحاث التي قد لا تتوافق مع رؤى المنظومة الأمنية- وفقا ما رصدته الشبكة العربية لحقوق الإنسان.


الجدير بالذكر أن مصر صنفت ضمن الفئة الأخيرة، أي الفئة الأسوأ والأدنى في مستوى أداء الحريات الأكاديمية وفقا للتقرير السنوي لمؤشر الحرية الأكاديمية الذي صدر في مارس/آذار عام 2021.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 3