أخطر ما تصنعه للطفل

ربى رياض عيسى

2023.01.26 - 07:54
Facebook Share
طباعة

 أخطر على نفسية الطفل من الخوف أن تبث فيه الإحساس بالذنب عن طريق تحقيره أو حمله على الخجل من نفسه...فالفكرة التي تغرسها في الطفل أن به نقصا لن يفلح في علاجه مهما يحاول ..وأنه لهذا يستحق العقاب, هو أسوأ ما يمكن أن يغرس في نفس الطفل, وأن يحيق الضر بكيانه العاطفي.

ومع ذلك, فإن الأشياء التي يحقر الآباء أبناءهم بسببها, وربما عانوا من أجلها مرارة الإحساس بالذنب في صباهم على أيدي آبائهم...مثال على ذلك أن الأطفال مجبولون على مداعبة أعضائهم الجنسية, مدفوعين على ذلك باللذة التي يجنونها دون أن يدركوا لهذا سببا....

وبرغم أن الآباء أنفسهم قد مروا بتلك المرحلة نفسها إلا أنهم يتخذونها مادة يصبون عليها التحقير, ويبثون في نفس الطفل بسببها الإحساس بالذنب والعار...وخير لنفسية طفلك ولا شك..أن تدرك أن ما يفعله إنما هو شيء طبيعي بحت..أو هو على الأقل طبيعي ما لم يتماد فيه الطفل. وعليك أن تجد الدافع الذي دفع طفلك إلى ذلك. فعسى أن يكون الدافع نوعا من الحرمان العاطفي يعوض عنه باجتلاب اللذة.

وأفضل علاج لهذا ليس التعنيف والتحقير, بل أن تعمل جاهدا على أن تحل شيئا آخر محله يجني منه الطفل متعة وسرورا, أما التعنيف فلا يعقب سوى انطواء الطفل على نقيصته.

 

التحقير شيء..والعقاب شيء آخر

......أحيانا في بعض أنواع العقاب..تكمن في أنه ينزع عن الرغبة في الإنتقام..مهما تحاول دمغه بأنه قصاص عادل, والقصاص معناه أن تجعل الجزاء على قدر الذنب, واضعا نصب عينيك مصلحة الطفلة لا مصلحتك أنت أو راحتك..فإذا كان القصاص ما توقعه, فهو شيء ضروري كي يشب الطفل أوفر نضجا, ويتعلم أن للحياة قانونا يجب طاعته, أما إذا كان ما توقعه بالطفل انتقاما, فهناك تكمن الخطورة...ولكي تفرق بين القصاص والإنتقام أجب عن السؤال: أتراك يكون عقابك للطفل إن قلب مائدة خاوية معادلا لعقابك به إن قلب المائدة وعليها أطباق من أطعمتك المفضلة؟

وينبغي أن يكون هدف القصاص دائما التربية, وأن يضع الأب نصب عينيه أنه ينبغي أن يخرج للحياة رجلا تقوم آراؤه على العدالة, وحكمه على الإنصاف, ومعاملته للناس على أساس الود والتعاطف.

 

اربط بين الذنب والجزاء

على أن يكون العقاب والتخويف لن يحفزا الطفل أبدا على أن يرغب في أن يكون صالحا...وإنما الذي يحفزه على ذلك اطمئنانه إلى حبك وتشجيعك...والعقاب ليس شيئا دافعا, وإنما هو أشبه بالفرملة تضغطها كلما لاح خطر, ومن ثم وجب أن يقترن العقاب بالخطأ في اللحظة نفسها, حتى يتم الإرتباط بين الضرر الذي وقع, وبين الألم الناشيء عنه, وتظل هذه الرابطة سببا في منع تكرار الخطأ مرة أخرى..

ولا تحسب أن العقاب معناه أن تظهر لطفلك أنك لا تحبه, وإنما اجعل همك أن يرى طفلك أن العقاب كان لمصلحته هو لا لمصلحتك أنت, ولا لمصلحة شخص آخر.

وبالنسبة لأنواع العقاب.....فإن العقاب يختلف من شخص لآخر...ويكون تقديره من وجهة نظر الطفل لا من وجهة نظر عنف الأب أو لينه...فإذا كان العقاب البدني يصلح لبعض الأطفال, فإنه على التحقيق لا يصلح لأطفال آخرين..يكون اثره في نفسيتهم شديدا حتى ليقضوا العمر وهم في خوف منه مقيم...

ومهما يكن من لون العقاب, فلا تحاول قط أن تشعر الطفل بالضعة أو الحقارة أو النقص, وعندي أنه ليس ثمة إلا احساس واحد يدفع الطفل إلى أن يكون أمينا مثاليا عادلا منصفا, ذلك هو الإحساس بالكرامة واحترام الذات, فإذا منحته هذا الإحساس مع الحب أمكنك الركون إلى أن طفلك سيشب على خير ما تنشده له من الصفات..

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 8