بداية الغزل الاقتصادي بين السعودية وسورية

يانا العلي - سورية

2023.01.23 - 11:21
Facebook Share
طباعة

المصالح هي من تجمع دول، وتفرق أُخرى. على مبدأ لا عداوة دائمة ولا صداقة أبدية، هذا ما تَجسدَ في العلاقات السورية السعودية التي كانت بعد أكثر من عقد ونيف تدعم منابع الإرهاب وصولاً إلى توصية اللجنة الاقتصادية رقم 2 بالسماح بالاستيراد من المملكة العربية السعودية للمواد المسموحة بالاستيراد كافة بموجب الدليل التطبيقي المعتمد لمنح الموافقات لإجازات موافقات الاستيراد، بما في ذلك المواد الكيماوية والبتروكيماوية والسكر.


وهذا إن دل على شيء، يدل على أن القرار هو مؤشر بداية لفتح العلاقات السعودية السورية على مصراعيها وتحقيق تبادل تجاري بين البلدين وتوفير فرصة للسماح للمركبات السورية والسعودية بالدخول ونقل البضائع دون أي حواجز.

 

وفيما يخص هذا الجانب صرّح الدكتور ذو الفقار عبود الأستاذ في الاقتصاد و العلاقات الاقتصادية الدولية لوكالة أنباء آسيا أنه: "رغم تجميد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وسورية، فإن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين لم تنقطع، وتكشف الأرقام عن أن الرياض استأنفت علاقاتها التجارية مع دمشق منذ عام 2016. فقد تجاوز التبادل التجاري بين سورية والسعودية، حتى نهاية تموز 2022، ما قيمته 140.37 مليار ليرة.


حيث كانت تذهب السلع السورية إلى السعودية عبر الأردن، وفي مقدمتها الخضار واللحوم والصناعات الغذائية، وهي موضع قبول وطلب لدى السعوديين، لأن للمنتج السوري خصوصيةً وطعماً لا تَحظى به السلع الصينية أو حتى الأوروبية التي تدخل المملكة، كما أن السوريين المقيمين في السعودية يفضلون استهلاك منتجات بلادهم.


كما أن منح سمات الدخول لسائقي الشاحنات السورية للسعودية يعني الدخول لمنطقة الخليج بأكملها، فبعد إعادة فتح معبر نصيب مع الأردن والسماح السعودي بذلك، سيزداد نقل البضائع من سورية وإليها."

 

أما عن الإحصائيات المتعلقة بالتبادل التجاري بين سورية والشركاء التجاريين في الدول الأخرى يخبرنا د.عبود: "وتبقى السعودية مقصد رجال الأعمال السوريين الأول وبحسب أرقام وزارة الاقتصاد السورية، فإن السعودية كانت أولاً بين الدول العشرين التي صدّرت لها سورية عام 2019 بواقع 74.5 مليون يورو، وبزيادة 19 مليون يورو عن عام 2018، ليأتي لبنان بالمرتبة الثانية.


وحسب الأرقام السورية الرسمية، فإن 13 دولة عربية، في مقدمتها السعودية ومن بعدها مصر، زادت تبادلاتها التجارية مع سورية، لتزيد قيمة الصادرات السورية للدول العربية تلك، العام 2022 على 344.8 مليون يورو.


وبقيت الصين في مقدمة شركاء سورية التجاريين بصادرات قيمتها 718 مليون يورو العام 2019، بزيادة قدرها 119 مليون يورو عن عام 2018، وتتراجع روسيا من المرتبة الثانية إلى المرتبة الرابعة، بعد تراجع صادراتها بنحو 69 مليون يورو."

 

وعن انعكاس التقارب الاقتصادي بين البلدين على الواقع المحلي السوري يقول:" بالتأكيد الانفتاح الاقتصادي بين سورية والسعودية سيكون له تداعيات كثيرة، فالسعودية بلد نفطي ولا يعاني من أية أزمات اقتصادية، وهي من أكبر 20 اقتصاد في العالم، وفي نفس الوقت هي سوق واسعة ويتميز بالقدرة الشرائية المرتفعة إضافةً إلى الرؤية السعودية (رؤية 2030) الساعية إلى تنويع مصادر الاقتصاد السعودي وعدم الاعتماد على قطاع النفط بشكل مطلق. وهذا ما يعني أن من مصلحة سورية زيادة التعاون الاقتصادي مع السعودية، فالاستيراد من السعودية بالنسبة لسورية هو أقل كلفة من الاستيراد من دول بعيدة، كما أنه أقل مخاطرة، وأكثر سرعة بسبب القرب الجغرافي نسبياً بين البلدين، إضافةً لتقارب التشريعات ووجود جالية سورية كبيرة في السعودية، وكذلك وجود استثمارات سورية عديدة في السوق السعودية، هذه كلها عوامل تدفع باتجاه زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين.


من جانب آخر فإن ضعف الإنتاج في سورية هو عامل يجعل الاعتماد على الواردات السعودية خياراً صائباً لعدة أسباب:
١. المنتجات السعودية لن تنافس مثيلاتها من المنتجات السورية لأن الطلب الكلي على السلع أكبر من العرض الكلي في السوق السورية.
٢. رخص أسعار السلع السعودية مقارنة بمثيلاتها الواردة من بلدان أبعد تتطلب نفقات تأمين ونقل ورسوم جمركية ورسوم خدمات أخرى ونفقات مخاطر مما يزيد من تكلفة السلع وبالتالي زيادة أسعارها.
٣. السلع السعودية ذات نوعية جيدة وهي منافِسة لمثيلاتها في السوق الدولية."ختاماً، نعتقد بأن زيادة المبادلات التجارية بين سورية والسعودية سيصب في مصلحة البلدين ولا سيما سورية."

 

هذه المؤشرات وغيرها على الصعيد الاقتصادي الدولي، ربما تتزايد في المرحلة المُقبلة، سَتخلق نوعاً من التدفق التجاري والاستثماري الذي يحقق الأمان الاقتصادي الذي بات مطلباً ضرورياً لسورية وشعبها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6