كتبَ عماد رحيم: التنمر يزداد تنمرًا!

2022.07.08 - 05:00
Facebook Share
طباعة

 لا أعرف ما أصابنا؟ وجعلنا بهذه الحالة من اللامبالاة؛ ولا لماذا يزداد التنمر بهذا الشكل اللعين؟

لا نحتاج لمعاناة لنرى ما يجاورنا ليل نهار؛ من متنمرين أصابت عقولهم وقلوبهم لوثة عجيبة؛ جعلتهم يستأسدون على الغير؛ بطرق مستفزة؛ وإذا مرت الأمور؛ ازدادوا؛ وإذا حدث ما يعكر صفوهم اعتدلوا.

نبدأ بالطرق والسيارات؛ معاناة لا تنتهي؛ فكم منا يمكن أن يحكي عن التزام الناس بحارات السير في الطرق؟ أثق أن الالتزام؛ أضحت صفة شحيحة تمامًا؛ الغريب؛ هو أن السعي لمحاولة فهم سبب عدم الالتزام؛ محاولة تُكلل بالفشل غالبًا.

في إحدى المرات سألت أحد السادة قائدي السيارات غير الملتزم بالسير في حارة؛ برد اعتبرته مفاجأة؛ حينما قال "أنا حر" وكأني اقتص من حريته حينما طالبته بالالتزام!!

هذا مفهومه؛ وبت لا أعرف مفهوم الآخرين؛ ولكن متأكد من امتلاكهم لوجهة نظر غالبًا ستكون صادمة بالنسبة لي على الأقل؛ كنت أركب مترو الأنفاق مؤخرًا؛ ورأيت مكانًا شاغرًا؛ ولكن أحد الركاب يجلس جلسة عجيبة؛ يهيئ للناس أنه يملك مقعدين؛ وحينما اقتربت مطالبًا إياه بالاعتدال حتى أستطيع الجلوس؛ رد بتأفف شديد وغلظة أشد، وقتها وجدت أنه من السلبية تجاهل الأمر؛ حيث أني قد جلست؛ وبادرته لماذا لا يعتاد الناس الجلوس بشكل يسمح لكل منا أن يحافظ على حقوق الآخرين في الجلوس بشكل سليم؟!

أُسقط الأمر في يده؛ وأخذ يفكر في الرد؛ وتفاجأ بعدد آخر يطرح نفس السؤال؛ وكأنهم في انتظار من يبادر بطرحه؛ وانتهى النقاش؛ بأن هناك حالة من التنمر بين الناس؛ بدأت تزداد بازدياد حالة اللامبالاة؛ وأن الحكمة تقتضي مواجهتها قبل استفحالها.

فالمتنمر؛ يسكن داخله جزء من الرهبة بجوار جزء آخر يريد التغول على حقوق الآخرين؛ إذا وجد لامبالاة؛ زادت حالة التنمر؛ وإذا وجد مواجهة؛ طغت الرهبة؛ وتراجع على الفور.

منذ فترة قليلة؛ توقفت أمامي إحدى سيارات الميكروباص؛ بطريقة تمنعني تمامًا من التحرك حتى ينزل أحد الركاب؛ ونظر إلى السائق نظرة انتصار ونشوة عجيبة؛ لأنه شل حركة سيارتي تمامًا؛ فهممت أن أكون إيجابيًا وترجلت وأنا في حالة من الغضب الشديد؛ متوجهًا نحوه؛ فحاول أن يسرع لولا أن الراكب لم يكن قد ترجل؛ لأنه يجلس في مقعد بعيد؛ وعندما بادرته بسؤال لماذا فعلت ذلك التصرف الغريب؟

كان الرد من الركاب حصل خير؛ وصلي على النبي؛ ورد السائق يا بيه كل تأخيرة وفيها خيرة! وهنا تيقنت أن التنمر حينما يأتي لصالح أحدهم فهو جيد وجميل وغالبًا العكس صحيح؛ وتلك ثقافة بدأت تسود في مجتمعنا؛ أتمنى دراسة أسبابها بتمعن حتى ندحضها باقتدار.

لذلك من المهم متابعة حالة عدم اللامبالاة التي تسود في بعض الأحايين بدون داع؛ ظنًا من اللامبالي؛ أنه ينأى بنفسه عن الدخول في مواجهات غير محمودة؛ والحقيقة أننا بتغذية تلك الفكرة؛ نمعن في زيادة حالات التنمر.

اللافت بشكل يدعو للقلق؛ أن التنمر آخذ في التزايد؛ أراه في نظرة الشباب الصغير للفتيات؛ لاسيما في المناطق الأقل رقيًا؛ بعد أن كانت تلك السمة عيبًا كبيرًا في زمن مضى؛ اليوم تغير الحال؛ وأمسى التنمر سمة؛ لابد من ملاصقتها للشخص الفتي العفي؛ هكذا يتصور بعض ضعاف النفوس.

فكرة التنمر مسيطرة بدرجة كبيرة على عقولهم؛ تصور لهم ضرورة التنمر على الناس؛ باعتباره جزءًا من قوة الشخصية؛ وكلما ظهرت قوة الشخصية؛ أضفت على صاحبها بريقًا؛ وللحقيقة هو بريق خادع؛ لا يسمن ولا يغني من جوع.

من اليسير ملاحظة ما يفعله الشباب بالفتيات السائرات وحدهن في عدد كبير من الطرق؛ ولا يُشترط أن تكون هادئة؛ يكفي أن تسير الفتاة بمفردها ليتنمر بها أحد المتخلفين!

الأمر جلل؛ وما نعطي له ظهرونا اليوم؛ من المؤكد أنه سيطعننا في الغد؛ وبشكل مباغت.

 

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9