كتبَ مهدي مصطفى: رسالة تأخر وصولها قرنين

2022.06.17 - 08:06
Facebook Share
طباعة

 أكون أو لا أكون. تلك هى المسألة.

يبدو لى أن مصر استعارت عبارة هاملت الخالدة، من نص وليم شكسبير فى لحظة فارقة، كانت تتعرض فيها للمحو من الوجود، قبل أحد عشر عاما.

ظن الذى خطط، والذى ارتجف، والذى تمنى، أن المسألة انتهت، حين اختطفوها بليل، وصدقوا أنفسهم، لكنها، باستعارتها العميقة تلك قررت أن تكون.

فى البداية.

لملمت  أشلاءها فى صمت، تركتهم فى غفلتهم، تماما كما فعل هاملت حين تظاهر بالجنون، تظاهرت هى  بالخروج من التاريخ، تركت لهم الحبال، أمسكوا بها جيدا، لكنهم وجدوا أنفسهم يلفون هذه الحبال حول أعناقهم، فقد قرر الشعب أن يظهر على المسرح، مستعرضا فتوته، كاشفا أنه لم يكن مجنونا، ولا مهزوما كهاملت، ومصمما على استعادة بلد، هو أمة فى حد ذاته، وتمت الاستعادة بروح مصرية خالصة.

لا شك أن مسرح العمليات، وكان يتم إعداده على مدى عقود طويلة، استغرق من صانعيه تفكيرا مضنيا، فالهدف ليس أى هدف، وعندما  ظنوا أنهم نجحوا، ودانت لهم المحروسة، اكتشفوا  أنه السراب.

فى النهاية.

كانت ليلة ونهارا، تدفق المصريون إلى الشوارع والميادين، استعادوا أسطورتهم الخاصة، ثم  فاضوا  بأسطورتهم على دول الإقليم العربى، وكانت قد أصيبت بنفس الداء، حين  استلهمت شعوب المنطقة المثال، الروح والفكرة، وقرر بعضهم  أن يسير على نفس الجسر، وينزع المبادرة من الخاطفين، ثم ينزع الخوف الذى رتبه المخططون على مدى سنوات.

المعركة صعبة ومعقدة.

لكن الأمة جديرة بالتضحية، دما، ومالا، واستقرارا، وقد فعلت دون تردد.

إن المخاض عسير، فما بالنا بمخاض أمة كاملة؟

فبحجم المخاض، تكون الحروب. كانت ولا تزال، إعلامية، واقتصادية، وإرهابية.

شاهدنا ونشاهد منصات موجهة، لم تترك شاردة ولا واردة إلا وتقذف بها الأمة المصرية، ثم تتجاوز كل الخطوط، ويبدو مشعلوها وكأنهم أبرياء، وهم فى الحقيقة غارقون فى مستنقع من العار التاريخى.

ويكشف السعار الإعلامى بأدواته الجديدة، أن أصحابه أصيبوا بمس من الجنون. وكلما اقترب (البلد الأمة) من تحقيق وجوده الجدير به، زاد السعار إلى درجة الهوس، هوس التخطيط المهزوم.

كانت 30 يونيو رسالة أولى.

كان رد الرسالة إرهابا عابر الحدود، وحده خاض الشعب بمؤسساته الوطنية هذه الحرب الملعونة، بأيديه وسواعده العارية، ثم كانت معركته لاستعادة الهوية، وتأكيده الحاسم على الانتماء العربى، وإيمانه الواضح بالانتماء الإفريقى، وجدارته بالانتماء إلى مجتمع دولى أسهم فى بناء منظماته الدولية منذ اللحظة الأولى لنشأتها، ثم بناؤه لحضارة معمارية تليق بمكانته بين الأمم، وهو البانى القديم المتجدد.

كان قرار الإصلاح الاجتماعى الشامل رسالة ثانية.

رسالة تأخر وصولها قرنين كاملين. 

كان رد الرسالة أنها واجبة التنفيذ، وقد هيأ شروطها الرئيس السيسى، على مدى ثمانية أعوام، إدراكا واستباقا لنظام دولى مختلف، متعدد الأقطاب والمشارب، ومصر جديرة بأن تكون قطبا فاعلا فى هذا النظام الجديد.

 

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8