غموض حول تزايد حالات التهاب الكبد عالمياً بين الأطفال

2022.05.25 - 04:53
Facebook Share
طباعة

 قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الإثنين 23 مايو/أيار 2022، إن مرضاً خطيراً وغامضاً يواصل الانتشار بين الأطفال، وإن التساؤلات لا تزال تدور حول سببه، وضمن ذلك احتمالية ارتباطه بمرض كوفيد-19. لكن الخبراء يقولون إن من المبكر جداً تحديد سبب هذه الحالات.

حيث شُخصت أكثر من 600 حالة إصابة بالتهاب الكبد حول العالم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، مع عدم معرفة السبب، بجانب أن كثيراً من الحالات كانت لأطفال كانوا أصحاء قبل أن يتعرضوا لهذه الحالة المرَضية الشديدة.

غموض حول أسباب تزايد التهاب الكبد بين الأطفال

التقرير قال كذلك إنه على الرغم من أن مزيداً من الحالات يجري التعرف عليها، فإن السبب لا يزال يشكل غموضاً طبياً.

من جانبه قال جيسون كيندراتشوك، الأستاذ المساعد في قسم علم الأحياء الدقيقة الطبي والأمراض المعدية بجامعة مانيتوبا، والذي شارك في تأليف تعليق جديد حول وضعية هذه الحالات: "إن الميدان يتغير كل ساعة. باتخاذ خطوة تلو أخرى، نبدأ في تحديد ماهية هذه المشكلة. لكني لا أعتقد أن لدينا جميع قِطع الأحجية بعد، إذا جاز لنا القول".

في حين أن الالتهاب الكبدي الطفيف ليس نادراً بين الأطفال، فإن الحالات الشديدة من الالتهاب تعد نادرة. في المعتاد، تُجري بريطانيا من 8 إلى 10 عمليات زراعة كبد سنوياً، لكنها تجاوزت هذه الأرقام بالفعل، بعد أن أجرت 11 عملية في 3 أشهر فقط.

فيما تطلبت 26 حالة مرضية حول العالم عمليات زراعة كبد. وقد توفي 11 حالة من الحالات المصابة، نصفها تقريباً في الولايات المتحدة، برغم أن الحالات المصابة لديها يشكل نحو ثلث إجمالي الحالات المصابة حول العالم.

تكشف اختبارات الدم أن التهاب الكبد الحاد ليس السبب، وضمن ذلك فيروسات A وB وC وD وE.

من ناحية أخرى لا تزال البحوث قائمة حول الأسباب المتعددة المحتملة للإصابة بالمرض. يمكن أن يكون هذا فيروساً جديداً لم يُحدد بعد. أو قد يكون فيروساً موجوداً بالفعل، أو ربما فيروسات موجودة مجتمعة تتسبب في الأعراض الجديدة.

فحص الفيروسات الغذائية

في سياق ذي صلة تعد الفيروسات الغدانية من أكثر الفيروسات التي توضع في الحسبان. لكن أنسجة الكبد التي خضعت للفحص حتى الآن، لا تُظهر علامات على وجود إصابة بالفيروسات الغدانية، بجانب أنه من غير الشائع أن يتسبب هذا الفيروس في التهاب الكبد.

لكن ليس من النادر اكتشاف آثار فريدة لفيروسات شائعة. ففي عام 2012، اكتُشف أن فيروساً معوياً شائعاً يتسبب في حالة نادرة تُعرف بالتهاب النخاع الرخو الحاد. تظهر هذه الحالات الفريدة للغاية عندما تكون هناك زيادة كبيرة في الحالات، وهو ما قد يكون الوضع بالنسبة للفيروسات الغدانية؛ نظراً إلى أن مسؤولي الصحة في بريطانيا الذين يتتبعون المرض، اكتشفوا أعلى مستوى منذ خمس سنوات في الحالات المصابة بين الأطفال الصغار خلال فصل الشتاء.

كذلك يمكن أن يكون السبب هو الآثار طويلة الأجل لمرض سارس-كوف-2. في بعض الحالات، كان الأطفال المصابون بالتهاب الكبد مصابين بكوفيد، بينما في حالات أخرى لم يُسجل أي تاريخ للإصابة بكوفيد.

من ناحية أخرى، توجد بالفعل ارتباطات بين كوفيد ومشكلات الكبد. فقد وُثقت حالات لعدم أداء الكبد وظائفه بطريقة اعتيادية لدى الأطفال والبالغين خلال الجائحة، وضمن ذلك احتمالية الإصابة بالتهاب الكبد بعد الإصابة بكوفيد.

الارتباط بين التهاب الكبد وكوفيد-19

كذلك فقد أثار الباحثون الإيطاليون الانتباه إلى الارتباط المحتمل بين التهاب الكبد وكوفيد في مايو/أيار 2021، بعد أن شهدوا إصابة صبي يبلغ من العمر 10 أعوام، بمشكلات في الكبد أثناء إصابته بكوفيد. كذلك وثق الباحثون البرازيليون حالات التهاب كبدي بسبب كوفيد لدى طفل يعاني من مشكلات بجهاز المناعة، وذلك في سبتمبر/أيلول 2021.

وفقاً للبحوث، فإن متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال، وهي متلازمة التهابية خطيرة مرتبطة بكوفيد، يمكنها أن تصيب الكبد كذلك. إذ إن الالتهاب الكبدي يعد مؤشراً رئيسياً لمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة، وهو ما توصل إليه الباحثون في أغسطس/آب 2020.

من ناحية أخرى نشر باحثون هنود دراسة في مرحلة ما قبل الطباعة، لم تخضع بعد لمراجعة الأقران ولم تُنشر، في 9 مايو/أيار 2022، تسلط الضوء على زيادة حالات التهاب الكبد عند الأطفال، بعد إصابتهم بمرض كوفيد بدون أعراض ظاهرة. من بين 475 طفلاً مصابين بكوفيد، عانى 37 من أعراض التهاب الكبد، وتعافوا جميعاً عن طريق العلاج.

لكن ذلك لا يعني أن إصابات التهاب الكبد في الوقت الراهن، ترتبط بكوفيد. فربما يكمن السبب في أن الأجهزة المناعية التي ضعفت بسبب كوفيد أُصيبت بفيروسات أخرى، مما جعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد.

أشار باحثون آخرون إلى أن كوفيد قد يخلق ردود فعل ضخمة لمسببات المرض الأخرى، بعد الإصابة الأولية. لكن هذه الدراسة، مثل دراسات أخرى، لا تشكل إلا حلقة واحدة في سلسلة، ولا تقدم الدليل الدامغ، وذلك وفقاً للخبراء.

من جانبه قال كيندراتشوك: "إننا نأخذ دائماً قِطع الأحجية ونجمعها رويداً رويداً. جميع هذه الأشياء يجب أن توضع في قائمة العوامل المسببة المحتملة، والآن يجب علينا أن نحاول جاهدين كي نؤدي الجانب الصعب"، المتمثل في معرفة ماهية الأمر.

سواء كان السبب يرتبط بالفيروسات الغدانية أو فيروس كورونا، أو مزيج من السببين، أو سبب آخر، تشير البحوث الناشئة إلى آثار طويلة الأجل للفيروسات، لا سيما أنها تنتشر على نطاق واسع وتكشف عن آثار جانبية نادرة.

قال كيندراتشوك: "ليس لدينا كل الإجابات لما يحدث الآن. لكن ما لدينا هو بالتأكيد المعلومات حول تدابير التخفيف وتدابير الحماية، التي يمكنها أن تقلل الإصابات".

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 10