هل تعود أمريكا إلى سوريا في محاولة للضغط على روسيا؟

كتبت تارا توتنجي - حلب - وكالة أنباء آسيا

2022.05.24 - 08:10
Facebook Share
طباعة

 في صباح يوم الأحد 15 أيار/ مايو 2022، وصلت قافلة عسكريّة أمريكية إلى إحدى النقاط العسكريّة التي كانت قد أخلتها نهاية عام 2019 في إطار الانسحاب من المواقع التابعة لها في ريفيّ حلب والرقة على خلفيّة إطلاق تركيا عمليّة نبع السلام.
تمركزت القافلة في قاعدة خراب عشق الملاصقة لمعمل إسمنت لافارج في الريف الجنوبي لمدينة عين العرب/ كوباني شمال شرق حلب، ورافقتها طواقم وآليات فنيّة ومعدّات حفر باشرت فور وصولها بأعمال ترميم الموقع وإعادة رفع السواتر الترابيّة في محيطه.
وقد تكون خطوة عودة القوات الأمريكيّة إلى قاعدة خراب عشق مؤشراً على نيّتها إعادة التمركز في بقيّة المواقع العسكريّة التي كانت قد أخلتها نهاية عام 2019. وهي خطوة قد تسعى الولايات المتحدة من خلالها لتحقيق عدد من الأهداف في هذه المرحلة وهذا التوقيت، وأهمّها:
• إبداء الاهتمام مجدّداً بالملف السوري مع زيادة وضوح معالم سياسة إدارة الرئيس جو بايدن تجاهه. وبالتالي، الرغبة في أخذ دور أكبر في هذا الملف وكسر حالة الجمود التي يمرّ بها، بما يقود لممارسة الضغوط على بقية الفاعلين لا سيما روسيا وإيران.
• السعي لتفعيل دور الولايات المتحدة كوسيط وضامن بين تركيا وقوات سورية الديمقراطيّة مع ازدياد حدّة التصعيد المتبادل بين الطرفين مؤخراً، خاصةً في منطقة عين العرب/ كوباني. وفي حال كان هذا المسعى قائماً على صيغة تفاهم مع أنقرة فقد ينتج عنه وثيقة جديدة شبيهة بمذكرة تفاهم سوتشي (2019)، يحلّ فيه الجانب الأمريكي مكان نظيره الروسي، أمّا إن كان تحركاً أحاديّ الجانب من حيث التنسيق والتنفيذ فإنّ الغاية الرئيسيّة منه هي محاولة منع القوات التركية من إطلاق عمليّة عسكريّة جديدة في المنطقة تستهدف قسد وحزب العمال الكردستاني.
• التحضير والاستعداد لمرحلة التعافي المبكّر، لا سيما وأنّ خطوة القوات الأمريكية سبقها منح استثناء من عقوبات قانون قيصر للشركات الراغبة في العمل بعدد من القطاعات الاستثماريّة والخدميّة ضمن مناطق سيطرة قسد ومناطق سيطرة الجيش الوطني السوري باستثناء عفرين، خاصةً وأنّ قاعدة خراب عشق ملاصقة لمعمل إسمنت "لافارج سيمنت سيريا" الفرنسي المتوقّف عن العمل منذ منتصف عام 2015، والذي يعتبر المنشأة الأكثر أهميّة في هذه المرحلة مع توارد معلومات أوليّة عن وجود مخطط لصيانته وإعادة تشغيله من قبل الشركة المالكة له أو شركة أخرى تقوم باستثماره.
لكن، وبالنظر لتعدّد الفاعلين المحليّين والدوليّين في المنطقة فإنّ إعادة انتشار القوات الأمريكيّة فيها تضع على عاتقها مسؤوليّة خلق البيئة الأمنيّة المستقرّة والملائمة لإنجاح خطّة التعافي المبكّر. بالتالي، التعهّد بإخراج حزب العمال الكردستاني من المنطقة، منعاً لاستهدافها وما فيها من منشآت من قبل القوات التركيّة في حال استغلال عناصره وكوادره لها؛ بالسيطرة عليها والاختباء فيها كما حصل في منشآت أخرى، خاصةً محطّات تحويل الكهرباء في منطقتي تل تمر والمالكيّة بريف الحسكة.
وقاعدة خراب عشك (إحدى أكبر القواعد الأمريكية في سورية) هي القاعدة التي انطلقت منها القوات الأمريكية التي شاركت بتصفية زعيم “داعش” السابق أبو إبراهيم القرشي، مطلع شهر شباط/ فبراير الماضي.
وفي منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2019 انسحبت قوات التحالف الدولي من قاعدة خراب عشك بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من سورية.
وبقيت قوات التحالف الدولي تستخدم هذه القاعدة بشكل محدود ودون أن تتمركز بها، وذلك بالتنسيق مع القوات الروسية التي انتشرت في المنطقة بعد عملية “نبع السلام”.
ويرى خبراء أن هذه التحركات تأتي بالتزامن مع مع قرار إعفاء العديد من مناطق شمال سوريا من العقوبات الاقتصادية، وهو ما يعني أن هناك رغبة أمريكية بإعطاء زخم جديد لدورها في الملف السوري.
ويرجح الخبراء أن يكون الهدف الأمريكي وراء ذلك هو تصعيد الضغوطات على روسيا في مناطق عديدة من ضمنها سورية وليبيا، كجزء من ردها على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأعلن مسؤول في “البنتاغون” عن إن الولايات المتحدة قررت الإبقاء على 900 جندي في سورية لدعم “قسد” في قتالها ضد تنظيم “داعش”- بحسب ما نقلته مجلة “بوليتيكو”.
وهو ما عزز الشكوك عند الخبراء حول وجود تحول في الموقف الأمريكي تجاه الملف السوري، مشيرين إلى عدم تنفيذ صفقة الغاز بين مصر والأردن ولبنان والنظام السوري، رغم إعفاء الولايات المتحدة هذا المشروع من عقوبات “قيصر”.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5