أطفال حساسية الألبان.. الموت جوعا او البحث عن اللبن

سارة السيد _ القاهرة _ وكالة أنباء آسيا

2022.05.13 - 08:43
Facebook Share
طباعة

في منزل بإحدى قرى محافظة سوهاج جنوب مصر، عائلة متوسطة الحال الأب موظف بإحدى المصالح الحكومية، والأم ربة منزل؛ خرجا من الدنيا بثلاث من الأبناء يعمل الأب ليل نهار لسداد احتياجاتهم اليومية، قبل 3 أعوام ونصف تبدّل حال تلك الأسرة، وضعهم القدر في اختبار صعب، بولادة أحد ابنائهم مصابا بمرض حساسية الألبان.


سناء، سيدة أربعينية رُزقت بـحسن وأشقائه الثلاثة، كانت حياتهم رغم صعوبة المعيشة مستقرة إلى حد كبير، فور ولادة طفلها أخبرها الأطباء أنه مصاب بمرض حساسية الألبان لذا فعليهم الحرص الشديد ولا يمكن ان يتناول سوى نوع بعينه من اللبن، التزمت الأم بتعليمات الطبيب، حاولت سناء التعايش مع مرض طفلها لكنها ووالده واجها صعوبة كبرى في الحصول على اللبن.


كانت الأم تذهب شهريا لمنافذ وزارة الصحة المسموح بتواجد اللبن بها بأسعار مخفضة، خاصة وان سعر اللبن بالخارج تكلفته مرتفعة وأغلب مصابي حساسية الألبان من أطفال الأسر المتوسطة التي لا يمكن أن تتحمل تكلفة شراء علبة او علبتين لبن شهريا لأحد أطفالها.
في الأسابيع القليلة الماضية واجهت سناء مشكلة صعبة في كيفية الحصول على اللبن لصغيرها، ذهبت مرارا وتكرارا إلى منافذ وزارة الصحة في محافظتها لم تجده متوفرا، سألت العديد من أقربائها في العاصمة الكبرى "القاهرة" لكنها أيضا لم تتمكن من العثور عليه.
وضعت الأم في موقف صعب بين البحث عن طعام طفلها ومحاولة العثور عليه من أماكن اخرى لكن بأسعار وتكاليف مرتفعة لن تقوى عليها، فإما إطعام طفل واحد أو إطعام 3 آخرين، لكن سعت الأم إلى طريق آخر وهي الذهاب إلى أحد فاعلي الخير وسؤالهم لتوفير اللبن للطفل وهناك وجدت المساعدة.
حالة نجل سناء كانت نموذجا لمئات بل آلاف الأطفال ممن يعانون من حساسية الألبان ووضعوا في مأزق كبير خلال الأيام الماضية نتيجة عدم توفر اللبن الخاص بهم في وزارة الصحة، بينما اللبن الذي تم توفيره في صيديلات خاصة كانت تكلفتها مرتفعة فوق طائلة المواطنين.
في هذا التحقيق تكشف وكالة أنباء آسيا تفاصيل الأزمة والمعاناة التي يواجهها مرضى حساسية الألبان في مصر، بسبب أزمة عدم توفر لبن نيوكيت الخاص بحساسية الألبان للأطفال.


حساسية الألبان
وتعتبر حساسية الألبان وفقا لدليل وإرشادات لمنظمة الصحة العالمية، هي استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة تجاه الحليب ومنتجاته، وهي من أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعًا لدى الأطفال، حيث يعمل الجهاز المناعي على تفسير وجود بروتينات الحليب على أنها أجسام ضارة فيقوم بمقاومتها، وعمل أجسام مضادة لها، تفرز في كل مرة يتم تناول الحليب بها، مما يؤدي إلى ظهور علامات التحسس، خاصة عند التعرض بشكل مباشر في السنة الأولى من العمر.

وتظهر عادة تلك الحساسية عند الأطفال الرُضع، ولم تفرق تلك الحساسية بين الذين يرضعون رضاعة طبيعية أو صناعية، ولكن حليب البقر ومشتقاته هو أكثر الأنواع المسببة للحساسية بالإضافة إلى البيض، فول الصويا، الفول السوداني، السمك، المحار، المكسرات، القمح «الجلوتين»، وبعض الخضروات والفواكه مثل: الموز، الفراولة، المانجو، الكيوي، الكوسة، وأيضا الشكولاتة والمخبوزات واللحوم الحمراء، بالإضافة إلى الحلويات.
مبادرات للبحث عن اللبن
حالوت وكالة أنباء آسيا الوصول إلى حالات أكثر من مصابي حساسية الألبان، وعبر البحث توصلنا إلى بعض المجموعات التي تم إنشائها عبر فيسبوك، والتي من خلالها تم إنشاء مبادرات من أجل مساعدة الأهالي ممن لا يساعدهم الدخل المادي الخاص بهم في توفير لبن الأطفال، ومن بينهم شيماء التي قامت بالإعلان عن عدة مبادرات خاصة بحساسية الأطفال عموما، ومن ضمنها حساسية الألبان من أجل مساعدة الغير.
تواصلت وكالة أنباء آسيا مع شيماء، تلك السيدة التي تقطن بمحافظة القاهرة وأم لثلاث أطفال مصابين لديهم حساسية غدائية وتعاني معاهم على مدار سنوات عمرهم، وآخرهم من رضيع مخصص له تناول لبن نيوكيت، شيماء لا يوجد لديها أي ظروف مادية لكن كانت معاناتها في الحصول على اللبن خاصة وأنّه غير متوفر، لكنّها أيضًا وبسبب مبادرتها ساعدت الكثير من عائلات الأطفال المرضى عن طريق تةفير الألبان لهم.

 

طلب إحاطة بالبرلمان
بعدما تفاقمت الأزمة الاسابيع الماضية، على إثرها تقدم أحد نواب البرلمان المصري، بطلب إحاطة موجه إلى الحكومة بشأن نقص حليب"نيوكيت" المخصص للأطفال مرضي حساسية الألبان، في الوحدات الصحية أو الصيدليات، ونشر ت المواقع المصرية خبر طلب الإحاطة، والذي جاء نتيجة أزمة اللبن مع ارتفاع سعره بشكل جنوني في السوق السوداء حيث وصل ثمن العلبة الواحدة إلى 300 جنيه إن وجد، وهو ما يمثل عبئ مادي كبير على كاهل الأسر المتوسطة أو محدودة الدخل.
وشدد عضو مجلس النواب، على ضرورة وجود قاعدة بيانات توضح أعداد الأطفال الذين يعانون من الحساسية، مع وضع تسعيرة محددة للألبان وعدم ترك المواطن فريسة للشركات المستوردة.
استغاثات للحصول على اللبن
وفي هذا الشأن تواصلت وكالة أنباء آسيا مع الدكتورة شيرين زكي رئيس لجنة سلامة الغذاء بنقابة الأطباء البيطريين، لتؤكد أنه خلال الاسابيع الماضية كانت هناك العديد من استغاثات بشأن نقص لبن نيوكيت للأطفال، والخاص بمصابي حساسية اللألبان للأطفال.
وتابعت رئيس لجنة سلامة الغذاء، أن هناك العديد من الأنواع الخاصة بحساسية الغذاء كما أن هناك العديد من أنواع الألبان الخاصة بتلك الحساسيات، لكن بعد وفاة طفلة في أمريكا الفترة الماضية تم منع تلك الأنواع ولم يتبقى سوى نيوكيت وليس له بديل، والمشكلة التي حدثت حسب حديث بغض أصحاب الشركات هي فقط بسبب الجمارك.
وأضافت الدكتورة شيرين زكي، أن الأسر واجهت معاناة كبرى الفترة الماضية، خاصة وأن العلبة وصل سعرها قرابة 300 جنيه وأصبحت تباع سوق سوداء ولا تكفي الطفل غير 3 أيام"، لذا يجب أن تتوافر الفترة القادمة مبادرة رئاسية لمرضى الحساسية بمختلف أنواعها، مثلما حدث في العديد من المشكلات خاصة وأن الأطفال من مصابي حساسية الألبان من اسر متوسطة الحال وبسيطة.


أعراض حساسية الأطفال
تواصلت أيضًا وكالة أنباء آسيا، مع السيدة مها محمد، أحد السيدات التي أنشأت مبادرة خاصة بمرض حساسية الأطفال لمساعدة عائلاتهم، قالت أن الفترة الماضية عانى الكثير من الأهالي في الحصول على اللبن لذا لجا البعض بإطعام الأطفال انواعا أخرى غير مسموح بها لهم مما عرض حياتهم للخطر.

وتابعت، ان الأعراض التي يمكن أن تحدث نتيجة نقص اللبن، في حالة أخذ الطفل لبن آخر، يمكن أن يتسبب بالإصابة بإعياء شديد، وبالفعل تعرضت حالات لدخول المستشفى الأيام الماضية وحدوث رعشة واختناق أو أعراض جلدية وطفح واحمرار وهناك أعراض هضمية مغص وإسهال وقد تصل في النهاية إلى وفاة الطفل، وقد تضطر الأمهات لمنع أي بروتين تتناوله والاتجاه لرضاعة طفلها مما يؤدي لضعف جسدها وصحتها ونقص المعادن والعناصر لديها.
وأشارت في تصريحات لوكالة أنباء آسيا، إلى أنها خلال المبادرة عملت على مساعدة كثير من الاطفال مصابي الحساسية إما بتوفير الالبان لهم أو محاولة توصيلهم باشخاص يسهلون عليهم عملية الحصول على اللبن.
وأوضحت مها والتي تملك طفلا ايضا مصابا بمرض حساسية الألبان، أنه لا يوجد رقم معين لمرضى حساسية الالبان في مصر، سواء في وزارة الصحة او المركز القومي للبحوث والذي يتم تسجيل الأطفال المصابين به للحصول على اللبن، مطالبة وزارة الصحة بتوفير قاعدة بيانات لهؤلاء الأطفال تسهيلا عليهم في الحصول على اللبن.

 

جولة ميدانية
غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، أعلنت قبل أيام في بيان لها نشر على المواقع المصرية، عن وصول شحنة كبيرة من لبن نيوكيت المستورد المخصص لمرضى حساسية الألبان، وسيتم توزيعها على جميع مراكز وزارة الصحة وصيدليات العزبي، مؤكدين على توافر كميات من لبن نيوكيت باستمرار لمنع حدوث أزمة أو نقصه في الأسواق.
لكن معدة التحقيق بعد الإعلان قامت بجولة داخل عدد من الصيدليات الشهيرة التي اعلنت الوزارة عن توافر الالبان بها في محافظة القاهرة وتحديدا صيدليات العزبي، لكن كانت الإجابة على المعدة في كل مرة"للأسف اللبن غير متوفر هناك نقص شديد به في السوق".


تفاقم الأزمة بسبب الدولار
العديد من خبراء الأدوية، وأعضاء شعبة الدواء بالغرف التجارية، قالوا إن سبب الأزمة سعر الدولار، لكن وكالة أنباء آسيا تواصلت هاتفيا مع الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية، والدكتور حسن خليل مسؤول لجنة الحق في الصحة، ليتحدثا عن سبب تفاقم تلك الأزمة والتي لم تكن حديثة، فأجاب الدكتور علي عوف، بأن الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار، هو من تسبب في حدوث أزمة في توافر جميع الأدوية ومن ضمنها ألبان الأطفال، كما حدث هذه المرة ومست تلك الاضطرابات سوق هذا اللبن المهم، وهددت حياة آلاف من الأطفال.

فيما قال الدكتور حسن خليل، أنّ الأزمات المتعلقة بالدواء وخاصة الخاصة بأمراض المناعة لن يكون لها حل إلا إذا فعلت الدولة مبادرات خاصة بها، المشكلة ليست في غدم توفير اللبن الخاص بالأطفال ممن لديهم حساسية الألبان لكن هناك مشاكل أخرى في أدوية أخرى بسببها يقفد الكثير من الأطفال تحديدًا حياتهم.

وكانت وزارة الصحة المصرية قد نشرت في بيان لها ، تناقلته وسائل الإعلام المحلية، عن وفاة أربع حالات بسبب تلك الأزمة منهم الطفلين محمد ذكي عبد القادر 7 شهور وشقيقه الذي توفى لنفس السبب، إذ أن مرض التمثيل الغذائي يدخل به العامل الوراثي.
اللبن الوحيد بالعالم
ويعد "النيوكت" هو اللبن الوحيد بالعالم الذي يعتمد عليه أطفال مرض التمثيل الغذائي والحساسية من الألبان إلى أن يتم عمر 6 شهور، هؤلاء الأطفال بعضهم مسجل في وزارة الصحة، و كانوا يحصلون عليه قبل الأزمة مجانًا حتى حدثت الأزمة.

 

محاولة توفير العبوات
وزارة الصحة وعلى لسان متحدثها، الدكتور حسام عبد الغفار، في بيان صحفي نشرته المواقع، قال إن أسباب عدم توافر عبوات اللبن المخصصة لأطفال الحساسية ضد الألبان بمراكز الصحة والمستشفيات، جاء نتيجة تأخر سلاسل الإمداد عالميا، بسبب بعض الأزمات التي حدثت مؤخرا، حتى أنّه أكد، على تم توفير 13 ألف عبوة لبن لأطفال الحساسية ضد الألبان، تكفي لـ 4 أشهر، في 24 مركزا طبيا على مستوى مصر.

تواصلت وكالة أنباء آسيا مع الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث باسم وزارة الصحة، عبر اتصال هاتفي لمعرفة آخر تطورات الأزمة لكنّه أخبرنا أنّه لاجديد منذ الإعلان عن بيان الوزارة قبل أيام وأنّ العبوات الخاصة باللبن متوفرة بالأسواق.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 5