الدراما العربية لرمضان 2022 خنجر من قطن يذبحنا ببرودة أعصاب! 2 من 2

بقلم// جهاد أيوب

2022.04.25 - 08:41
Facebook Share
طباعة

 # مقحمة وغريبة عنا وليست منا وتُهمش مجتمعها وتفتقد الذاكرة
# لا يوجد نص وتُكتب المشاهد بلحظتها وحسب الطلب
# ممثل لا يعرف ماذا يدور في عمله ونص غير مكتمل ومخرج تائه
# الجرأة أصبحت قلة أدب ومفعول به خارج البنية الدرامية

 

 

مشاكل الدراما في العرب كثيرة، ولم تعد دراما عربية بقدر ما هي مقحمة فيهم وعليهم، وليست منهم، ومع كل موسم نجدها غريبة عن محيطها!
نحن لسنا مجتمعات متشابهة كثيراً، ولسنا كلنا شرفاء العصر، و نرتكب أخطاء وجرائم ونسرق، فمنا هذا وذاك، ولكن أن نتعمد تصوير كل قباحات العالم فينا فهذه جريمة جاءت أكثر وضوحاً في هذا الموسم!

 

▪عدد الأعمال
وصل عدد الأعمال العربية الدرامية الرمضانية لعام 2022 إلى أكثر من 125 عملاً رغم ظروفنا الاقتصادية المخيفة، ورغم عدم مشاركة بعض شركات الإنتاج الكبيرة في خوض السباق الموسمي المربح، وتوزعت "حسب ما استطعنا من عدها" على النحو التالي :
- أكثر من 45 عملاً خليجياً بينها 27 كويتياً، و 11 سعودياً، و 5 إماراتياً، و 1 من قطر، و1 من سلطنة عمان...وربما لم نتمكن من إحصاء غيرها!
- أكثر من39 عملاً مصرياً.
- أكثر من 27 عملاً سورياً.
- بالكاد 5 أعمال لبنانية، منها 2 مشتركة.
- حوالي 8 أعمال عراقية.
- 2 فلسطيني...

 

▪الجرأة عنا!
الجرأة في الأدب والدراما مطلوبة، ولكن علينا أن نعرف كيفية استخدامها، وفي هذا الموسم الدرامي ظهرت الجرأة العربية قليلة أدب، وقحة، فيها سذاجة الفعل والافتعال، وتقليد للمسلسل التركي بسذاجة الاغبياء، وتقليد لتصرف الفن الغربي مع الجرأة بكثير من فقدان الذاكرة!
هنا علينا الإشارة إلى ما حدث خلال استخدامنا للجرأة، لنكتشف أن الجرأة لدينا مفعول بها قبل أن تصنع الفعل!
- جرأتنا في تقديم الجنس ليست جرأة بل من اسهل الامور حينما يقع العمل بمن حمل بالافلاس!
- الجرأة في أن تقدم الكلام النابي من اسهل ما يكون في الكتابة حينما يصاب الكاتب وفريق العمل بالفقر الأدبي والفني والعقلي!
هذه الجرأة لا يمكنها أن تنتج عملاً درامياً، ولم تعد تمر على المشاهد الذي تنوعت اختياراته وثقافاته، ودراساته!
- الجرأة في الدراما الغربية إذا أردنا التقليد نجدها ضمن بنية درامية متينة، ومدروسة مع طبيعة الدور ومجتمعاتهم، هي متماسكة غير مزعجة وتُشبههم، بينما في دراما العرب الجرأة التي ذكرتها تأتي من انعدام البناء الدرامي، ورغبة تصابي البطلة والبطل والمنتج الذي يعتقد أنه بذلك يجذب الشباب العربي.
- الجرأة في دراما العرب تقريرية خادشة ووقحة، وفي كثير من الأحيان يدحشونها في المشهد دحشاً وليس اقحاماً فقط، وهي اشبه بمقالة في صحيفة رخيصة...الجرأة من دون بناء درامي تصبح وقاحة لا لزوم لها.

 

▪هوامشنا
المجتمع العربي هو هوامش في الدراما العربية التي تفتقد الذاكرة، وهو مهمش بكل مشاكله، وتضاد قضاياه، وحياته الغريبة العجيبة، ورزقه المفقود الذي يسعى إليه بكل الوسائل...كل هذا لم يحرك أي من القائمين على الدراما، لذلك هي لا تشبهنا، بل خنجر من قطن يذبحنا ببرودة أعصاب!
ونجد هذا العام تغييب الكوميديا النظيفة، واحتلال كوميديا التهريج المتصنع، وأحداث غير صالحة للكوميديا!
وعمل تاريخي يتيم، رصدت له ميزانية ضخمة لكن إشكالية المصادر، وعدم اتفاق العرب والمسلمين على تاريخهم تاه في الزحمة، وابتعد عنه المشاهد العربي الذي قرر أن يقاطع الكثير من الأعمال رغم تخمة الإنتاج العربي!
وايضاً مسلسل "شبه مسلسل" يتيم يصور بيئة المقاومة دون ذكاء ومسؤولية لعب خارج السرب، ونفذ بفقر، وبتدخل كل من هنا وهناك بلعبة الدراما، فكانت النتيجة مخجلة لا لزوم لها ولا للعمل العاق !
وعمل درامي من لحم ودم للقضية العربية المحورية فلسطين تم تجاهله كلياً في العرب!
نحن ... كلنا نتحمل المسؤولية، سياسة نظام، إنتاج مغرور ومُعلب، واخر تافه لا يفقه بأهمية الدراما، ومشاهد مُخدر، ومثقف يبحث عن جائزة ولا يعرف ماذا يحدث في بيئته، وإعلام يعيش انفلاتاً في نشر الحقد وتغييب الحقيقة وتزوير الحقائق، وقضاء حسب الطلب، وعدالة مهشمة...كلنا شركاء في ذبح كلنا!

 

▪موضة العصر
وفنياً، مشغولة الدراما العربية الرمضانية بسرعة التنفيذ دون الأبعاد الفنية ما دام المنتج الأساسي وافق، ولا ريب إذا كتبت الفكرة خلال التصوير، وهذه موضة الدراما العربية في السنوات العشر الأخيرة، لا يوجد نص، بل حوارات تُكتب وتُنفذ في اللوكيشن، لذلك المواضيع الإرهابية الفاسدة تتكرر وتسرق إما من السينما الهوليودية بتشويه، أو من الدراما التركية شكلاً ومضموناً وخيانة وقتلاً بجهل وبفقر وبتعتير وبعباطة في السرقة والتنفيذ، وإما من خلال نشرات الأخبار اليومية...!!
ولا عجب إن وجدنا الممثل لا يعرف ماذا يدور في العمل، والنص غير مكتمل، وفي هكذا حال لا يتمكن المخرج من وضع الرؤية الإخراجية فيهرب إلى المشاهد المثيرة والجنس والتعري، وتكثيف الإضاءة والسينوغرافيا المسرحية حتى يضيع المشهد والممثل معاً، ويضيع بصر المشاهد!
والممثل هنا لا يتمكن من اكتشاف دوره، ولا يحفظه، بل يرتجل وبتصنع، ويذهب مع فريق العمل بأوردر إلى مكان التصوير، ليكتشف انهم غيروا كل النص الذي يرتجلون كتابته، والمغاير عن ما هو معه!
منذ سنوات قلنا، ونعاود الآن:" الفكرة هي الأساس، ومن ثم كتابتها، ومن ثم براعة السيناريو والحوار بعد أن تم الاتفاق على الخطوط الأساسية للعمل، ومن ثم يستلم المخرج ليقرأ، ويجلس مع المنتج ليتم اختيار الممثلين ومن منهم يليق بالدور ويتمكن من تجسيده بدراسة متأنية، ومن ثم المخرج وفريقه مع أراء بعض أصحاب الخبرة من النجوم يتم التعديل بموافقة الكاتب، ومن ثم لا بد من بروفات الطاولة، وهذه أصبحت من الماضي مع إنها اساسية، وتخلق الاجواء المطلوبة بين فريق العمل"...
موضة اليوم مجرد فكرة مسروقة خلسة، وكتابات اللحظة حسب رغبة البطل، وكتابات تحت الطلب، وكتابات رغبة وشهوة المنتج !

 

▪مواضيعنا وهجرة المشاهد
مواضيع دراما العرب الرمضانية تعتمد كما ذكرنا، وسنعاود التذكير، تعتمد اليوم على الانحلال، وخيانات، ودعارة، ونسف فكرة الزواج والاسرة، استسهال الخيانة بحجة حرية الشهوة، نقل أجواء البارات وغرف النوم المحرمة إلى فكر الجيل الشبابي ببساطة دون احترام الدين والمجتمع ومتانة الأسرة، والأخطر استسهال القتل دون رفة ضمير، وجمع الثروة دون تعب، والتعاطي مع كل المحرمات الربانية والأسرية والعائلية دون قيود الاخلاق، وإلغاء التربية المدنية دون تقديم الأسباب غير حب الشهوات، ومفهوم الحرية الشخصة، وعشق الذات ومن بعد حماري ما ينبت حشيش، وتهشيم كل اثاثيات بناء علاقات الحب العذري والطبيعي...في الدراما العربية الرمضانية الحالية لا حب ولا عشق ولا غرام ولا هيام لكون هذه الأمور تعتبر تخلف، ومن العصور الرجعية، والحب اصبح إرهاباً يوصل إلى القتل!
ولقد تمكنت الدراما العربية بأموال العرب، وبعقد نقص في تقليد افكار ما يُنفذ في الغرب بتشويه وفجور، تمكنت من تقليص، وإنهاء مفاهيم شهر رمضان من كل الجوانب، وهذا ولد هجرة كبيرة من المتابع كما حصل هذا العام إلا من قبل الميسورين مادياً، والشعوب المخدرة بسياسة انظمتها، وعند جيل يرفض مجتمعه، ويعتبره مجتمعاً متخلفاً رغم كثافة وكم الأعمال المنتجة هذا الموسم!
ويتحمل مسؤولية رفض الجيل الشبابي لكل شيئ رجال الطوائف المتعصبة البعيدة عن الدين، وفساد أهل السياسة، وسياسة وزارات التربية والإعلام بما تُقدم وتُعرض، ولكثرة القيود والممنوعات، ودماوية بعض الحكام، وتكرار حروب العرب والمسلمين فيما بينها، وقلة خبرة الشباب في بيئتهم وعلمهم وتاريخهم" مع إن غالبية نصوص تاريخ العرب والمسلمين مزورة"، والأخطر هشاشة ثقافتهم، وتقليدهم لقشور "الخواجة" دون أخذ الإيجابيات من علم وحياة الخواجة - لا زالت عقدة الخواجة مسيطرة علينا!
لكل ما نوهت، وقعت الدراما لعام 2022 بهجرة قسم كبير من المشاهدين عنها، ومن لا حول له فرضت عليه من خلال تخمة الإعلانات الذكية والشاطرة، وادمان عشقه لفضائيات بلاده من باب التعصب، وتعصبه لنجومه، وعدم تقبل ابن عمه وغيره من الأقربون، وهذه ولدت عنصرية ضخمة ومكثفة تجعله لا يقبل النقد، وإذا انتقدنا مسلسلاته نُصبح أعداء الأمة والوطن والدين، ونُكفر، ويطالبون بعدم السماح لنا بالظهور عبر شاشاتهم، ولا يمنحوننا فيزا لزيارة بلادهم ...ونحمد الله أن كل العرب يعانون من هذا الغباء، ووقعوا في بئر هذا الجهل، وما حدش احسن من حد!

 

▪ملاحظات سريعة:
- شهدت خفوت المشاهدة، وهجرة المتابع، وكثافة في الإنتاج.
- البطل الفعلي هو المط، والتطويل، والمسلسل يحتاج إلى 10 أو15 حلقة، ويصرون أن يكون 30 حلقة لإرضاء الإنتاج والفضائية والخطة الإعلانية...مما يسبب الملل!
- الدراما اللبنانية والسورية المشتركة إلى خفوت، بدأت بتسليم أوراق نهاياتها، وقد نشهد العام المقبل القليل القليل منها، وبالمناسبات، وحسب المصلحة!
- غياب شركة الصباح عن الإنتاج الرمضاني، أفقر المنافسة لبنانياً!
- هجرة عدد كبير من المخرجين والفنيين السوريين إلى العمل في الدراما العراقية.
- غياب الأسماء الكبيرة عن المشاركة، منها ما هو بسبب الموت أو العمر كما حال مصر، ومنها بسبب عدم الاختيار، وعدم الطلب من المنتج المحلي، وتجاهلهم من قبل المنتج الخليجي مثل ما حدث مع نجوم سورية!
ومنهم بسبب العرف اللبناني الذي يتجاهل الكبار قدراً وقيمة!
- في الخليج نجمات الصف الأول من الجيل الأول والثاني حاضرات، عاندات، ولكن سوء الاختيار غيبهن!
- كم الحقد، والبغض، والبيئة المريضة، والاغتصاب، والمافيات، وشرب الخمور لا تصدق في دراما العرب!
- لا عمل يُعالج قضية إنسانية، ولا حتى في خط درامي رغم الكم الإنتاجي، ورغم كثافة المشاكل من حولنا!
- تغييب كلي للواقع الإنساني الاجتماعي، واستبداله بالدعارة التي احتلت الشاشات!
- حكايات مركبة، وفجأة تطل شخصية من خارج العمل لتصبح ضمن خط درامي أساسي مع إن خطها لو مُنتج لا يؤثر على العمل، ولكن رغبة وصداقات المنتج اساسية!
- عن قصد يغيبون المرأة العربية بكل نضالها كأم عاملة، أو مريضة ولديها مسؤوليات، أو مقاومة، وكذلك الرجل والشاب بكل ما يحمل من هموم هذه الحياة التي نعيشها...ويستبدلونهم بشخصيات ضمن خطوط لا تشبهنا بالمطلق، ولا علاقة لها بحياتنا!
وإذا أرادوا التطرق إلى الواقع، يثرثرون بجملة والسلام!
- الدراما المصرية قررت العيش في غيبوبة، والابتعاد عن الواقع كما يشتهي النظام السياسي، وتشويه البيئة الشعبية، وتخديرها كلياً، وعدم الاهتمام بالوجوه الفنية الشابة إلا من خلال الشكل!
- الدراما اللبنانية تهرب من الوطن إلى قصص من كوكب مجهول، وتصر أن لا تقرأ التفاصيل في أي عمل يقدم، وهمها تعري البطلات في بعض الأعمال!
وما يؤلم عدم إيمانها بالنجوم الكبار، وإن سمحوا لهم بالمشاركة تكون النتيجة في مشاهد قليلة لا لون لها، ولا تؤثر!
- الدراما السورية في السنوات الأخيرة اتجهت إلى الشباب، ومن يتواجد من نجوم في سورية، ولم تعد تهتم بنجوم الصورة والشهرة، ولكنها تركز على قصص المافيات داخل الواقع السوري ما بعد الحرب، وسُمح لها بانتقاد حالات فاسدة وموظفة في النظام، يُعيبها إنها تكثف الأحداث والخطوط الدرامية في بداية المسلسل إلى الحلقة 15 او اقل، ومن ثم يبدأ اللت، والثرثرات، والمط، وتوهان الخط!
- الدراما الخليجية أصبحت بغالبيتها تقريرية، ارشادية، أو تعتمد على جرأة فيها شوائب درامية، أو قادمة من المريخ، وللحق وجب تغيير وجوه غالبية نجمات الصف الثاني والثالث لكثرة ضخامة عمليات التجميل والمكياج!
- الدراما الفلسطينية التي شاهدناها من خلال الأعمال القليلة تعتمد القصة الواقعية على حساب الاخراج، واحياناً أداء الممثلين خافتاً!
- الدراما العراقية من خلال ثمانية أعمال شاهدنا غالبيتها ترغب بالمنافسة عبر قصص غير موجودة في مجتمعها، وهذا خطأ، فالواقعية المدروسة هي التي توصل أصحابها إلى العالم ...قد يتعلمون من التجربة السورية!

 

▪هذا الرمضان
كنا قد اصدرنا بياناً نعلن فيه عن عدم تمكننا من المتابعة وكتابة النقد بسبب انقطاع الكهرباء والاشتراك، ونحمد الله بعد مرور سبعة أيام حصلنا على الطاقة، وعدنا إلى موقعنا الذي بدأناه منذ 42 سنة. ونظراً لعدم المتابعة الأولى كتبنا ملاحظات نقدية وليست قراءات نقدية، وبصراحة بعد جولة مرهقة تبين أن الواقع الدرامي هذا العام مؤسف، ورغم الكم الإنتاجي الكبير وجدنا أن غالبية الأعمال لا تستحق المتابعة، ولا الكتابة النقدية، ولا حتى الحديث عنها، وللأسف غالبية الغالبية تعيش ما أشرنا إليه.
كما أننا لن نكتب الحلقة الأخيرة التي تُعنى بالأفضل والأسوأ لعدم تمكننا من مشاهدة الحلقات الاولى لكثير من الأعمال، وعدنا وتابعنا بعضها عبر السوشال ميديا، وهذا لا يعطينا حق الاختيار !

#الحلقة الاولى: الدراما العربية لرمضان 2022 هروب المشاهد وانحلال وأوهام بالإجرام ضمن 125 عملاً !

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 1