لجنة تقصي حقائق أممية: وضع المهاجرين في ليبيا "مريع جداً"

2022.03.30 - 07:55
Facebook Share
طباعة

 أوفدت الأمم المتحدة لجنة تقصي حقائق إلى ليبيا، لتوثيق شهادات مهاجرين ومهاجرات هناك حول الانتهاكات التي تعرضوا لها في مراكز الاحتجاز. اللجنة ذكرت في تقريرها أن المهاجرين تحدثوا عن مقابر جماعية في الصحراء الليبية بالقرب من مدينة بني وليد، فضلا عن انتهاكات وصفها أحد أعضاء اللجنة بـ"المريعة جدا".


شهادات مروعة جمعتها بعثة تقصي الحقائق الأممية في ليبيا حول معاناة المهاجرين في مراكز الاحتجاز المنتشرة في البلاد. البعثة أفادت بأن الكثير من الشهادات تحدثت عن مقابر جماعية في الصحراء الليبية، بالقرب من مدينة بني وليد، دفن فيها عدد كبير من المهاجرين ممن قضوا تحت التعذيب أو نتيجة الإهمال لأوضاعهم الصحية.


أحد الشهود الذين تحدثوا للبعثة أكد أنه "دفن بنفسه ثلاثة أشخاص في إحدى هذه المقابر"، وفق ما جاء في نص التقرير الذي نشر يوم الإثنين 28 آذار/مارس.


التقرير لم يأت على ذكر أعداد الضحايا المدفونين في تلك المقابر. تشالوكا بياني، أحد أعضاء بعثة تقصي الحقائق، أفاد أنه تم تعيين خبير قانوني خصيصا للتحقيق في وجود هذه المقابر الجماعية، بعد أن قال إن الوضع بالنسبة للمهاجرين في ليبيا "مريع جدا جدا"، ودعا إلى تقديم دعم فني لليبيا لمساعدتها على محاسبة الجناة.


مدينة بني وليد، (150 كلم إلى الشرق من طرابلس)، تعتبر نقطة مفصلية في رحلة المهاجرين القادمين من الجنوب سعيا للوصول إلى الساحل الليبي. فضلا عن كونها محطة مفصلية، فإن اسم المدينة غالبا ما يتكرر في الكثير من الروايات والشهادات حول أوضاع المهاجرين في ليبيا، خاصة لجهة الانتهاكات المروعة التي وثقتها وسائل إعلام عالمية ومنظمات غير حكومية دولية، كالتعذيب والاغتصاب والاستعباد.


في تقرير اللجنة، ترد شهادة لإحدى النساء اللواتي كن محتجزات في أحد المراكز في المدينة. تقول المرأة "إذا سمعت النساء المهاجرات اللواتي كن محتجزات هناك كلمة بني وليد، ستبدأن في البكاء. هناك، يحرقون (تجار البشر) أثداء النساء ومهابلهن".


هذا الموضوع أكدته عدة مهاجرات من شرق أفريقيا، ممن كن محتجزات في تلك المدينة.


مصادر صحفية سبقت وأن تحققت من عدد من الشهادات التي وردته حول الظروف المرعبة التي يمر بها المهاجرون المحتجزون هناك. 


عبدالله، مهاجر سوداني سبق وأن أدلى بشهادته حول ظروف احتجازه في بني وليد في 2019، يصف حينها وقع الخبر على من يعلم بأنه سيذهب إلى بني وليد "كخبر الحكم بالإعدام".


أما صالح، وهو مهاجر أريتري، فقال في شهادته في 2018 "في بني وليد طالبونا بمبالغ إضافية... حوالي ألفي دولار أمريكي عن كل فرد. من لم يستطع الدفع تم احتجازه. أنا كنت من ضمن هؤلاء. كانوا يضربونا ليلا نهارا... شهدت على موت العديد من الأشخاص، منهم من كنت أعرفهم".


وأضاف "بعد فترة اتصلت بوالدتي، كان وضعي سيئا جدا، بكت كثيرا إذ لم يكن بيدها حيلة لمساعدتي، فنحن بعنا كل شيء نملكه حتى يتسنى لي القيام بهذه الرحلة.... المهربون هددوني، إما الدفع أو الموت. كانوا يضربوني ويشتموني وهم يتكلمون مع أهلي على الهاتف. الضرب والتعذيب لم يتوقف، كانوا يوقظوني من النوم بعد منتصف الليل ويرشوني بالمياه الباردة...".


أما إبراهيم، وهو سنغالي، فوصف بني وليد بـ"أسوأ مكان على وجه الأرض. تعرض عدة أشخاص هناك للضرب حتى الموت أمام عيني. دفنت الجثث في الصحراء... إذا لم تنفذ ما يأمرونك به سيقتلونك... تختفي النساء من السجن من الساعة السابعة مساء حتى السابعة صباحا، يتم اغتصابهن في الخارج كل ليلة".


وفي تحقيق صحفي حول عمل عصابات تهريب المهاجرين نشر على حلقتين، قال مصدر من مقرب من عمل إحدى تلك العصابات "العنف الجنسي ضد كلا الجنسين منتشر هناك أيضا. لاجئون ذكور تعرضوا للاغتصاب وأُرغموا على ممارسة الجنس مع محتجزين آخرين تحت أعين المهربين... ويقوم بعض المهربين باغتصاب النساء أمام الكاميرا، ثم يهددون بنشر مقاطع الفيديو على الإنترنت إذا تجرأ أحد على الإخبار عنهم".


صحيفة إيطالية كانت قد نشرت تحقيقا بدورها عن مراكز الاحتجاز في بني وليد، قالت فيه "في أحد المراكز، أكثر من 12 امرأة حملن من نفس المهرب. بعضهن اضطررن لدفع مبالغ باهظة للحصول على حبوب الإجهاض... لا توجد أرقام دقيقة عن عدد القتلى من المحتجزين قسرا في سجون المهربين. في عام 2018، أحد أعضاء منظمة أطباء بلا حدود تحدث عن عدد حقائب الجثث التي يتم طلبها في بني وليد، ووصل عددها إلى 50 أسبوعيا".


في آذار/مارس 2021، نفذت القوات المسلحة عدة عمليات دهم لمراكز احتجاز في المدينة، التي شوهت سمعتها وأصبح صيتها عالميا. القوات الأمنية أفرجت حينها عن نحو 200 مهاجر من جنسيات مختلفة، كما تم اعتقال عدد من تجار البشر. التقارير الأمنية أفادت عن العثور على شرائط فيديو تم تصويرها أثناء جلسات تعذيب المهاجرين، لابتزاز أهاليهم بها.


رويترز أفادت أن يونس العزوزي، رئيس بلدية بني وليد، اعترف بتعرض المهاجرين لانتهاكات في الماضي، لكنه قال إن الوضع تحسن في السنوات الأخيرة ونفى وجود أي مقابر جماعية.


وقال في اتصال هاتفي "نحن ننفي ما جاء في التقرير، لم تزر المدينة أي مجموعة أو منظمة لفترة طويلة ولا نعلم من أين استقت هذه المجموعة معلوماتها".


أعضاء فريق تقصي الحقائق أبدوا اهتماما أيضا بالانتهاكات المرتكبة في مدينة سبها (حوالي 700 كلم جنوب طرابلس)، وهي مركز آخر لتهريب المهاجرين في ليبيا، اشتهرت بقصص حول أسواق النخاسة العبيد في وقت مبكر من عام 2017.


في سبها، قال مهاجر سوداني (18 عاما) كان في طرابلس لفريق الأمم المتحدة، إنه تم إضرام النار في جسده عندما لم تدفع أسرته فدية. المهاجر توفي في وقت لاحق متأثرا بالحروق.


منظمات غير حكومية عدة دعت في الكثير من المناسبات إلى إيجاد حلول للمهاجرين العالقين في ليبيا، وإلى عدم إعادة من يتم اعتراضهم في المتوسط إلى هناك، حيث سيعاودون المرور بكافة أصناف التعذيب والانتهاكات التي كانوا يحاولون الفرار منها. المنظمات حمّلت أيضا الاتحاد الأوروبي مسؤولية مباشرة حول ما يجري في تلك المراكز، خاصة وأنه مسؤول عن تمويل الأجهزة المسؤولة عن إدارتها، فضلا عن دفع الأموال وتدريب جهاز خفر السواحل لمنع أكبر عدد ممكن من المهاجرين من إكمال رحلتهم إلى سواحله الجنوبية.


والتقرير الذي نشر الإثنين هو الثاني من ثلاثة تستند إلى نحو 120 مقابلة تمت بين تشرين الأول/أكتوبر وآذار/مارس. وسلط الضوء أيضا على انتهاكات تؤثر على الانتقال الديمقراطي في البلاد مثل ترهيب النشطاء، وأثار مخاوف بشأن وجود سجون سرية يقال إن جماعات مسلحة متناحرة تديرها.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 2