حكاية نفق الحرية يرويها بطلها زكريا الزبيدي

2022.02.03 - 10:54
Facebook Share
طباعة

في رواية نقلتها المحامية حنان الخطيب اخبر زكريا الزبيدي احد ابطال عملية الهروب الشهيرة بقصته ورفاقه فقال:

"كنت أقبع بقسم 4 بسجن الـ "جلبوع" عندما توجه لي قبل حوالي أسبوعين من العـ ـملية الأسير أيهـ ـم كمـ ـمجي قائلاً لي "في طلعة"، فقلت له بأنني شاعر بذلك لأنني أسمع بالليل أصوات وكنت استغرب أقول في سري "أيعقل أن أحد الأسرى يخـ ـطط للهـ ـرب"، وسألني أيـ ـهم عن استعدادي لذلك فقلت له "أنا اللي بطلع"، فنحن يا أستاذتي العزيزة مـ ـحاربـ ـي حـ ـرية وعندنا مسرح الـ ـحـ ـرية كيف لي أن لا افكر بالـ ـحـ ـرية؟

طوال الوقت وأنا أفكر بالخروج ومكاني ليس بالسجن فكيف لي أن لا أوافق عندما تأتي القصة لدي؟

قبل أسبوع من العـ ـملـ ـية طلبت الانتقال لغرفتهم لكي أطلع على الموضوع، عندما دخلت ورأيت الحمام، (عرفت أننا برة.. )، سألتهم عن التكتـ ـيكات والخطة المرسومة وكيف سنسير بالنفق لأنني لم أجرب الدخول للنفق بالمرة من قبل، فأخبروني بأن السير سيكون يد للأمام ويد للخلف والمشي بطريقة الحلزون ولكن يوجد مقطعين يجب النوم على الظهر والسير زحفاً .

سألت منـ ـاضـ ـل نفيـ ـعات لماذا تريد أن تكون معنا ولم يتبقى على إطلاق سراحك أقل من شهرين فقال لي مفاخراً "أنا اللي حفرت وتعبت ولازم أكون شريك معكم"، وعندها أطلقت عليه لقب (الـ ـبايجـ ـر).

بيوم العـ ـملية جاء أحد السجانين ومعه شخص وبدأ بفحص فتحة المجاري فرأى تراب مبلول فثارت الشكوك بداخلنا ومباشرة تدخلت ووقفت بينهم، وبدأت بمناداة الأسرى لجلسة لخلق حالة إربـ ـاك وعندها أطبقوا الفوهة وذهبوا للتفتيش والفحص بالغرفة المجاورة غرفة رقم "4"، عندها أخبرت الشباب أن الوضع لا يُحتمل ويجب أن نخرج الليلة من النفق.

بالبداية دخل النفق الأسير منـ ـاضـ ـل نفـ ـيـ ـعات وتلاه محمد العـ ـارضـ ـة وبعدها يعـ ـقوب قـ ـادري وأنا وبعدي أيـ ـهم كمـ ـمجي وآخرنا كان محمود العـ ـارضـ ـة.

داخل النفق علقت وشعرت أن جسمي لا يتحرك حوالي ربع ساعة وكانت المنطقة مظلمة فأحسست بأنني بمنطقة البرزخ بين الأرض والسماء، وعندها طلب مني أيـ ـهـ ـم ومحمود مواصلة المسير، وأخبرت يعـ ـقوب الذي كان أمامي بأنني عالق فظن يعـ ـقوب أن الحقيبة تعرقل مسيري فقام بسحبها مني فقلت له أن جسمي عالق بالنفق وأنا لا أستطيع التحرك، حيثُ هم متعودون على النفق والسير به لأنهم جربوه من قبل أما أنا فهذه أول مرة أسير به ولم اعتاد عليه وبعد محاولات عديدة تركت نفسي وواصلت المسير.

وصل يعـ ـقوب فوهة النفق منهك القوى وتعب، أما أنا فرفعت يدي وقام منـ ـاضـ ـل نفـ ـيعـ ـات بانتـ ـشالي وإخراجي من فوهة النفق وخرجنا جميعاً.

عندما قطعنا الشارع كادت سيارة أن تدهس أيـ ـهـ ـم وعندها أيقنا بأنه سيتم الإبلاغ عنا، فقلت لهم سنقطع أرض القطن بسرعة لأنهم سيبلغون عنا ويجب أن نجري، ونحن نجري رأينا طـ ـيارة "هيليـ ـكوبتـ ـر" وسيارات شرطة فتأكدنا أنه تم الإبلاغ عنا، بعد حوالي كيلو متر من المسير تعب يعـ ـقـ ـوب ولم يعد يقوى على الجري فتوقف وقال لنا "اتركوني واذهبوا"، المهم أن تنجوا أنتم فرفضنا جميعاً وقلت له اتكئ علي وأنا سأسندك، فاستند علي وواصلنا المسير حيثُ كنا نمشي بأرض زراعية ومحفورة، إلى أن وصلنا إلى قرية الناعورة.

اغتسلنا بالجامع واستبدلنا ملابسنا وبعدها عندما لم تأت السيارة لنقلنا خاب أملنا وقررنا الانفصال لأزواج وكان نصيبي مع محمد الـ ـعارضـ ـة.

واصلنا أنا ومحمد المسير بطريق لا نعرفها وكان همنا الخروج من البلدة، مشينا حوالي 7 ساعات وعندما جاء النهار أحسست بجسم يرتطم بالأرض فقال لي محمد أنها أبقار.

وأنا جالس أنا ومحمد العـ ـارضـ ـة بأحد الأحراش رأيت شجر الصنوبر الذي زرعه الاحتلال مكان شجر الزيتون وكان بجانب إحدى شجرات الصنوبر فروع وعروق زيتون قد نبتت بجانبها فقلت لمحمد "تفرج وشوف كيف زرعوا صنوبر محل الزيتون بس الأساس طالع من جذره، قطعوا الزيتون بس نسيوا انه اله مد، هم بيقدروا يقطعوا الشجرة بس ما بيقدروا يقطعوا مد الزيتون".

اختبأنا بعدها داخل شجرة بطم بالقرب من مستعمرة بمنطقة صناعية، حيثُ كان داخل الشجرة ثوب أفعى ونمل كبير فقلت لمحمد أننا بوكر لأفعى وأننا بمكان آمن لأن الحيوانات والزواحف أأمن من الإنسان فقصصت عليه قصة لأمية العرب الشـ ـنفرة وقرأت له أبيات من الشعر للشنـ ـفرة التي تؤكد على كلامي وأن الحيوان يُحافظ علينا أكثر من الإنسان حيثُ عشنا معهم يوم ونصف ولم يبلغوا عنا أما الإنسان فمجرد أنه شاهدنا أبلغ عنا.

قبل القـ ـبض علينا بيوم اختبأنا بمبنى قيد الإنشاء وقد دخلت أجهزة الأمن "الإسرائيلية" للتفـ ـتيش علينا ولم تجدنا وقد كنا مختبئين بالطابق الثاني.

وكنت في كل يوم أتسلق على شجرة للاستطلاع وقد تفاجأت من حجم التحركات والتفتيش عنا، وإغلاق الأماكن لم يكن طبيعي وبحجم التحركات والوسائل التي استعملها جهاز الأمن "الإسرائيلي" لم أتوقع أن نصمد بالخارج 6 أيام دون القبـ ـض علينا، علماً أنهم وصلوا بمقربتنا عدة مرات ولم يعثروا علينا.

كان معنا أجهزة راديو وقد علمنا من الأخبار أنه تم القـ ـبض على محمـ ـود ويعـ ـقوب ولكننا لم نخف، حتى وأننا بينهم ومحاصرينا لم نخف فنحن طالبي حـ ـرية ليس إلا.

ذهبنا لاستكشاف ما حولنا فرأينا أرضاً بها خروب فأكلنا منه وبالصدفة مروا شخصين "بتراكتورون" نزل أحدهم وأعطانا قنينة ماء وبعد أن ذهبوا حاولنا الركض لأننا شعرنا بأنهم سيبلغون عنا، اختبأنا لمدة حوالي ساعتين تحت شجرة وكانت سيارات الشرطة تمر من جانبنا وتذهب، بعدها رآنا شخص كان برفقة طفلة صغيرة فتحدث معه محمد وأنا جلست وسلمت على الطفلة ولكن للأسف بعد دقائق رأينا طائرات "الهـ ـيليكـ ـوبتر" وقوات كبيرة من جيش الاحتلال فدخلنا تحت سيارة كبيرة، وكان محمد يضع على رأسه حجر كحماية وبعد مرور حوالي 3-4 ساعات تعب محمد من الحجر مما اضطره للتخلص منه وعندما رماه رآه أحد الجنود وتم القـ ـبض علينا، وإعادة اعتقالنا بالقرب من قرية أم_الغنم في منطقة الجليل الأسفل بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر من العام الماضي". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 6