قطار التطبيع… بين " الجار يوسي والدم الفلسطيني"

2022.01.17 - 08:21
Facebook Share
طباعة

 خلال اليوميين الماضيين،  تداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، بفرحة كبيرة، فيديوهات تخرج كليتي طب جامعتي الزقازيق والمنصورة المصريتين، والتي أظهرت احتفالات الطلاب بالتخرج بالغناء والرقص، كلها مشاهد طبيعية تحدث داخل حفلات التخرج.

لكن الملفت أن من ضمن مظاهر الاحتفال غناء الطلاب لفلسطين أغنية "على عهدي على ديني..أنا دمي فلسطيني"، وتلويحهم بالشال الفلسطيني المعروف.

في المقابل تناول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لإحدى الكتب الدراسية لطلاب التعليم الأساسي بدولة الإمارات، تحمل قصة بعنوان ( جارنا الجديد يوسي) محاكاة بين طفلين أحدهما إماراتي الجنسية والأخر من تل أبيب ( فلسطين المحتلة)، وحملت هذه القصة  رسالة عن ضرورة التراحم والحب الذي من المفترض أن يكون موجود بين الشعبين منذ الصغر دون الشعور بالغربة أو القلق.

ورغم معاهدة السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل في مارس من عام 1979، إلا أن العلاقات بينهما لم تكون في حالة استقرار ووئام دائم، وخصوصا مع الارتباط القوي الذي جمع الشعب المصري بالقضية الفلسطينية منذ زمن.

وبالرغم من مرور أكثر من 40 عاماً على اتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب،  لكن لا تزال زيارة المصري لإسرائيل محرمة وتعتبر خيانة لدى الشعب المصري، ولا يُسمح لأي صحافي بالتواصل مع أي إسرائيلي وفقا لقرار نقابة الصحفيين المصريين، وكذلك لا يمكن لأي إسرائيلي أن يتجوّل في مصر ويفصحه عن جنسيته، بل لا يزال الجيش المصري يُنتج أفلاماً سينمائية تشعل مشاعر المواطنين بالعداء لإسرائيل.

ويرى وليد قزيحة، أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية في القاهرة والخبير في العلاقات بين العالم العربي وإسرائيل، أنه كانت هناك لحظات فى الماضى تقارب فيها البلدان. ومع ذلك، فإن هذه اللحظات لم تدم طويلا بما يكفي للحفاظ على علاقة مستقرة. ففى كثير من الأحيان، كانت أعمال العنف الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى تتدخل لتقويض مثل هذه الجهود.

ويعتقد قزيحة أن الطريق الوحيد لعلاقات أكثر دفئا بين إسرائيل ومصر هو «عندما يصبح الشعب المصرى أكثر اقتناعا بأن السلام مع إسرائيل ليس جيدا له فحسب، بل إنه مفيد أيضا للشعب الفلسطينى. إذا حدث ذلك، فسيكون الشعب المصرى مستعدا لاستقبال الشعب الإسرائيلى بأذرع مفتوحة، وقد يفتحون منازلهم لهم». وقال إنه بدون ذلك، فإن أى تقدم يتم إحرازه فى التعاون فيما يتعلق بالأمور الأمنية والمالية «لا يعنى بأى حال من الأحوال مؤشرا على تحقيق سلام دافئ».

الجدير بالذكر أنه في السنوات القليلة الماضية، صدّق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي على عدة قرارات بإسقاط الجنسية عن مواطنين مصريين لأنهم يعيشون في إسرائيل.

وفي آذار/مارس من العام الماضي 2020، أكدت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المصريين، تمسكها بقرارها التاريخي الخاص بـ"حظر كافة أشكال التطبيع المهني والشخصي مع الكيان الصهيوني، وحظر لقاء أي من أعضائه لحين تحرير كافة الأراضي المحتلة في فلسطين"، معلنةً "تعريض كل من يخالف القانون للمحاسبة".

على عكس ذلك تمام، شهدت حالة تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل حالة من الوئام مكللة بترحيب شعبي كبير، ظهر هذا في الكثير من الصور ومقاطع الفيديو، لأطفال يرفعون الأعلام الإماراتية والإسرائيلية، بجانب العلم الفلسطيني.

محاولات الإمارات لم تقتصر على الأطفال فقط، حيث عجت مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الفيديوهات للشباب الإماراتي الذي يرحب بالإسرائيليين، بالعبرية، ووضع أعلام الإمارات وإسرائيل، وفلسطين، حتى الكمامات.

ومنذ إعلان الإمارات بشكل رسمي تطبيع العلاقات مع اسرائيل، بدت ماضية في توثيق وتوطيد تلك العلاقة، وفي غضون ذلك اتخذ الطرفان، كلٌّ من جانبه خطوات عملية، إذ أعلن حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إلغاء قانون يعود إلى المراحل المبكرة من تأسيس الدولة يقضي بـ"مقاطعة إسرائيل، وفرض عقوبات مشددة على مخالفيه".

وفي أعقاب إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل "يمكن للأفراد والشركات في الدولة عقد اتفاقيات مع هيئات، أو أفراد مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما كانوا، وذلك على الصعيد التجاري، أو العمليات المالية، أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته. كما سيتم السماح بدخول، أو تبادل، أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها في الدولة، والاتجار بها".بالإضافة إلى عودة الطيران من وإلى الإمارات وفلسطين المحتلة ( تل أبيب).

وفي تصريح صحفي قال وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق المري، احتفالا بمرور عام على التطبيع مع اسرائيل في سبتمبر الماضي، قال"لقد تبادلنا السفراء، ووقعنا أكثر من 60 مذكرة تفاهم. لدينا 600-700 مليون من التجارة الثنائية قائمة، ولدينا أموال بمليارات الدولارات تم الإعلان عنها، ونتطلع إلى خلق أكثر من تريليون دولار من النشاط الاقتصادي على مدى العقد المقبل".

ويرى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية عمرو هاشم ربيع:" أن نفسية الشعب المصري هي من أجبرت القيادات السياسية والأنظمة التي توالت على مصر على ايقاف التطبيع، وكان على القيادة الاحترام لهذه الرغبة والاستسلام لها. ويلفت هاشم إلى أن الإماراتيين لم يعيشوا صراعاً على الأرض أو حرباً قتلت العشرات مع إسرائيل، وبالتالي ليس لديهم البعد النفسي ذاته الذي يمتلكه المصريون في نظرتهم لإسرائيل.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6