ولَم يبقَ سوى القوميّةِ اللبنانيّة

2021.11.25 - 05:44
Facebook Share
طباعة

 

الحياةُ لِـمَن رامَ المجدَ، وما مجدٌ لا يُكلِّلُه التواضع. تواضعُ المجدِ هو انتصارُ النُبلِ على خُيَلاءِ الغرور. لدينا الغرورُ والخُيَلاءُ ويَنقُصُنا المجدُ والنُبل. ليس المجدُ، بالضرورةِ، انتصارًا سياسيًّا أو عسكريًّا، فَكَم انتصاراتٍ تَسلَّقت على الدِماءِ والفسادِ والحِقدِ والغِشّ ولامسَت خيبةَ الانْكِسار. وكَم انكساراتٍ ظنّها أصحابُها انتصاراتٍ وسَعَوا إلى توريثِها. هناك مجدُ الأعمالِ الخالدةِ الفِكريّةِ والعِلميّةِ والفنيّة، ومجدُ الكرامةِ والقيمِ والفضائل، ومجدُ الإحساسِ بالنعمةِ والحُبور والسلامِ مع الذاتِ. هناك مجدُ الإيمانِ بالوطنِ والأمّة، ومجدُ التحريرِ والحرّية، هناك مجدُ الانتماءِ إلى دولةِ القانونِ والجبينِ العالي، ومجدُ الانتسابِ إلى التقاليدِ والتُراث، ومجدُ الشعورِ القوميِّ الرحيب. هكذا يرتفعُ الفردُ وتَسْمو الشعوبُ وتَرتقي الأمَم. وصْمةُ أكثريّةِ أهلِ الشرقِ وعِلّــتُها أنّها غَلَّلَت مجدَها بالقوميّةِ الأحَديّةِ، وأوْثَقت قوميّتَها بالدينِ وجَرّحَت دينَها بالسيف، ولا تَعرِفُ كيف تُعيدُه إلى غِمْدِه. وإذا السيوفُ كانت زينةَ الرجالِ في الجاهليّةِ، فيُفترَضُ أن يكونَ السلامُ أصبحَ زينتَهم بعدَ الإسلام. لكنَّ ما حصلَ هو العكس: ظَلَّ عنترةُ بن شَدّاد "يَذكُرُ والرماحُ نواهلٌ، ويَوَدُّ تقبيلَ السيوفِ لأنّها لـمَعَت".... وفي أوروبا بَقيت سيوفُ المسيحيّين تَلمعَ في حروبٍ دينيّة ٍكأنْ لم يأْتِ المسيحُ ولم يَفتَدِ، ولا الإنجيلُ دعا إلى أنْ نُحبَّ أعداءَنا. بعد حربِ الثلاثين سنةً (1618/1648)، قال المؤرخ أوليڤيه شالين: "لو جرت حربٌ بين البروتستانت ووثنيّين لكانت أقلَّ عنفًا من تلك التي بين البروتستانت والكاثوليك".غريبٌ أن يَبحثَ الإنسانُ عن مجدٍ في الغريزة. إنَّ...
 
النهار
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8