"حمدوك" من أديس أبابا إلى المصير المجهول

2021.10.26 - 08:27
Facebook Share
طباعة

"عهدي معكم أن نواصل العمل على إكمال مؤسسات الانتقال وتحقيق أهداف وشعارات الثورة. أحييكم مجدداً، وأُشيد بالدور العظيم الذي ظلّت تضطلع به الشرطة في حماية المواكب وكل وسائل التعبير السلمية"، كانت تلك آخر تصريحات لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك قبل أيام قليلة من تطورات عاصفة أطاحت به من المشهد السوداني.

حمدوك كان يعلق، في تويتر، على تظاهرات كبرى شهدتها مدن سودانية نظمها أنصار الحكم المدني، وبعدها بساعات نشر مكتبه، صورا للقائه بمقر إقامته، عصر الأحد، المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، السيد جيفري فيلتمان.
ووصف مكتبه اللقاء بأنه "الثالث خلال يومين لمواصلة النقاش حول سبل الخروج من الأزمة السياسية الحالية في البلاد".

لكن الأزمة التي أمسكت بخناق السودان طوال أسابيع، شهدت تطورات حاسمة، على الأرض، بعد ذلك بساعات محدودة، حين أعفي حمدوك من مهامه رئيسا للوزراء، واعتقل مع زوجته، فيما بدا أن رهانه قد فشل على التوافق، وعلى الشراكة بين العسكريين والمدنيين من أجل قيادة السودان إلى الديمقراطية.

وقال مكتب حمدوك في بيان إنه اعتقل، فجر الاثنين، مع زوجته من مقر إقامتهما بالخرطوم، وتم اقتيادهما إلى مكان مجهول من قبل قوة عسكرية، داعيا الشعب إلى التظاهر "لاستعادة ثورته".

وحمل البيان "القيادات العسكرية في الدولة المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء وأسرته".

وفيما طالب مسؤول رفيع في البيت الأبيض، بالإفراج الفوري عن رئيس الوزراء، لم تتوافر أي معلومات بعد بشأن مصيره وغيره ممن وضعوا قيد الإقامة الجبرية.

واتسمت مسيرة حمدوك بانقلابات متتابعة خلال العامين الأخيرين، منذ تسميته رئيسا للحكومة في آب 2019، إثر اتفاق على تقاسم السلطة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير، الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أدت الى سقوط عمر البشير بعد ثلاثين عاما من حكم السودان بقبضة من حديد.

خبير اقتصادي من كردفان
وحمدوك، خبير اقتصادي يبلغ الثالثة والستين من العمر، عمل مع منظمات دولية وإقليمية، لا سيما كمساعد الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، في أديس أبابا.

ويتحدّر حمدوك من جنوب كردفان، الإقليم الواقع في جنوب السودان الذي شهد، كما النيل الأزرق ودارفور، نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية في عهد البشير ومتمردين استمر سنوات.

ودرس الاقتصاد الزراعي في الخرطوم، ثم حصل على ماجستير من جامعة مانشستر في بريطانيا.

وشارك في الماضي في مبادرات سلام أفريقية للتوسط في نزاعات دارفور وكردفان والنيل الأزرق، كما عمل لصالح البنك الأفريقي للتنمية.

ووصل حمدوك إلى الخرطوم في صيف 2019 قادما من أديس أبابا، بعد ثورة لم يشارك فيها على الأرض، لكنه تبنى أهدافها، وتسلّم حكومة مكلفة إقامة مؤسسات ديمقراطية في البلاد، بينها برلمان لم ير النور، واقتراح حل اقتصادي قادر على وقف التضخم المتسارع والفقر المزمن.

ولدى تسلمه الحكم، وعد السودانيين البالغ عددهم 45 مليونا، بالعمل على إيجاد "سياسات جيدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية".

نجاح وتعثر
ونجح الاقتصادي المتمرس في المؤسسات الدولية في الحصول من صندوق النقد الدولي على محو لديون السودان الضخمة مقابل تطبيق سياسة تقشف كلفته خسارة جزء كبير من شعبيته.

ولم يساعد هذه الشعبية واقع أن السلطات الانتقالية لم تحاكم بعد المسؤولين في عهد البشير، وأولئك الذين قمعوا انتفاضة 2019 بالدم، بحسب ما نقلت "فرانس برس".

ونجحت حكومته في توقيع اتفاق سلام مع مجموعات متمردة كانت لا تزال تحمل السلاح في مواجهة القوات الحكومية في تشرين الاول 2020، بينما وافقت واشنطن على إزالة اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب في وقت وافقت الخرطوم على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

ويتمتع حمدوك بصورة رجل يلتزم بالشفافية وحسن الإدارة، لا سيما منذ أن رفض في 2018 منصب وزير المال الذي عرضه عليه البشير.

لكن حكومته لم تنجح خلال الأشهر الماضية في التجاوب مع مطالب السودانيين في تأمين حاجات أساسية، بعد أن أقفل متظاهرون مناهضون لحكومته الطرق التي تربط مرفأ بورتسودان في شرق البلاد والذي تصل عبره الإمدادات بشكل رئيسي، ببقية مناطق السودان.

وبعد محاولة انقلاب فاشلة الشهر الماضي، اتخذ نبرة جدية ليحذر من الانقسامات العميقة داخل السلطة، ومعتبرا أن العملية الانتقالية تمرّ "في أسوأ أزماتها".

المصدر: الحرة
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4