شمال سورية المشتعل: معادلات محتملة بين موسكو وأنقرة

اعداد رؤى خضور

2021.10.19 - 07:14
Facebook Share
طباعة

 

وسط التهديدات التركية بشن هجوم عسكري جديد في شمال سورية يستهدف الأقلية الكردية في تل رفعت، استهدفت القوات السورية والروسية، لأول مرة منذ سبعة أعوام، الطريق بين باب الحاوي وسرمدا على الأطراف الشمالية لإدلب، في رسالة نارية واضحة من دمشق وروسيا إلى أنقرة مفادها أن الحليفَين جاهزَين للتوجه إلى آخر نقطة على الحدود السورية مع الحدود التركية.
لا شك أن روسيا والجيش السوري كسروا المعادلة في شمال سورية باستهداف سرمدا لمنع القوات التركية من التحرك للسيطرة على تل رفعت، وهذا ما وجّه التكهنات إلى معادلة محتملة لتسوية سياسية ميدانها تل رفعت وإدلب.
فهل يقوم بوتين وأردوغان بمقايضة الأراضي في سورية مرة أخرى؟
تحت هذا العنوان كتب الصحافي والمحرر الدبلوماسي إبراهيم حميدي: خلال لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس السوري بشار الأسد، في موسكو في 14 أيلول / سبتمبر، وجه بوتين انتقادات حول الوجود غير القانوني للقوات الأجنبية في سورية، في إشارة إلى الولايات المتحدة وتركيا، وبعد أيام من اللقاء صعّد الجيشان الروسي والسوري عملياتهما العسكرية في إدلب، آخر معقل معارض للدولة السورية.
ورداً على التصعيد الروسي، أرسل أردوغان تعزيزات عسكرية إلى الخطوط الأمامية في ريف إدلب، وفي أواخر أيلول/سبتمبر أدان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار روسيا، زاعماً أنها لم تلتزم بوقف إطلاق النار المتفق عليه في آذار/مارس 2020.
وبحسب الكاتب، فإن تاريخاً من التعاون والمقايضات الإقليمية جمع بين موسكو وأنقرة رغم اختلاف الأولويات، فبالنسبة لأردوغان يتصدر التهديد الكردي شرقي نهر الفرات جميع الأولويات الأخرى في سورية، بينما شدد بوتين على أن "تحرير" إدلب يتصدر قائمة أولوياته، ووسط التصعيد الأخير، نوّه الخبراء الأتراك إلى اقتراح سابق لـ "المقايضة" حول طريق اللاذقية - حلب السريع الذي يمر عبر إدلب مقابل الجهود الروسية لإجبار وحدات حماية الشعب الكردية على الخروج من إحدى ضواحي حلب.
في الأساس، يقوم أردوغان بتنفيذ اتفاق موسكو المذكور أعلاه في آذار / مارس 2020 بشأن إدلب، وكجزء من هذا الاتفاق، تخطط تركيا للقضاء على هيئة تحرير الشام مقابل تنفيذ بوتين لاتفاقية سوتشي في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بشأن شرق الفرات، ودفع وحدات حماية الشعب من بعض المناطق في شمال شرق سورية.
وأشار حميدي في مقاله إلى المقايضة التي تمت بين الطرفين في العام 2016، عندما غض بوتين الطرف عن استيلاء الأتراك على منطقتي الباب واعزاز في حلب، وشكل ذلك نواة ما أصبح يعرف بمنطقة "درع الفرات"، ثم جاءت مبادلة أخرى في بداية العام 2018، عندما تجاهل الروس عملية تركية في مدينة عفرين غربي الفرات، مقابل السماح لقوات الحكومة السورية بالسيطرة على معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية، وتأمين العاصمة السورية دمشق، وفي كلتا المناسبتين، أظهر أردوغان أنه مستعد للتضحية بوكلائه، المتمردين السوريين، لتسجيل نقاط ضد وحدات حماية الشعب.
الآن، بحسب الكاتب، عادت المحادثات حول تبادل الأراضي إلى الطاولة، وسط اعتقاد تركي روسي مشترك بأن الولايات المتحدة تستعد لفك الارتباط من الشرق الأوسط، كما فعلت مع أفغانستان، وإذا سحبت الولايات المتحدة قواتها من سورية، فإن ساحة المعركة السورية ستكون خالية أمام أنقرة وموسكو لاقتسامها.
وعلى مدى عامين، كان بوتين يحاول إحياء اتفاق أضنة، وهو اتفاق بين دمشق وأنقرة أبرم في العام 1998 للحفاظ على منطقة عازلة على طول الحدود التركية السورية، وهذا الاتفاق لن يعيد العلاقات الأمنية بين سورية وتركيا فحسب، بل سيعمل أيضاً على استقرار المنطقة الحدودية بأكملها، فضلاً عن أنه يمنح الأتراك الحق في دخول ما يصل إلى خمسة كيلومترات داخل الأراضي السورية لملاحقة الأكراد، وقد وافق أردوغان على العودة إلى الاتفاقية، مع تعديلات، من بينها توسيع المنطقة التي يمكنه الدخول إليها حتى 30 كيلومتراً.
ويرى الكاتب أن بوتين والسوريين لا يمانعون في هذا الاحتمال، وإذا تم تحقيق ذلك، فسيكون الأمر أكثر راحة بالنسبة لروسيا وتركيا، ففي نهاية المطاف، يدرك كل من أردوغان وبوتين، بعد الخلاف في ليبيا وناغورنو كاراباخ أنه ليس لديهم ما يكسبونه من خلاف إضافي حول إدلب، وأن الاتفاق أسهل بكثير وأقل تكلفة من التصعيد والحرب.
حتى الآن ليس مؤكداً ما إذا كان هذا سيحدث، لكن ما هو مؤكد هو أن شمال سورية سيكون مركز معركة شرسة ستدمر كل التفاهمات السابقة لرسم معادلات وخطط جديدة للهيمنة.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3