بحث:التمدد الاسرائيلي في العراق ح1

2021.09.30 - 08:39
Facebook Share
طباعة

  

1.    التغلغل الإسرائيلي في العراق:
          يُعتبر تدخَّل إسرائيل وتغلغلها في العراق ليس بجديد أو طارئ, بل ازداد واستمدَّ قوَّته  من الاحتلال الأمريكي لبغداد, والشواهِدُ كثيرةٌ على ذلك, وحسب وسائل إعلام غربيَّة, نَشَرَت العديد من الصحف تقارير عن تدخُّل إسرائيل في مختلف جوانب الحياة العراقيَّة, الثقافيَّة, والأمنيَّة, والسياسيَّة, والاقتصاديَّة, وحتى الاجتماعيَّة, فحسب تقرير سابق لصحيفة "الغارديان البريطانيَّة" فإنَّ قطاعات عسكريَّة إسرائيليَّة, عملت ضمن القوَّات الأمريكيَّة, مهمَّتَها تدريب الجنود الأمريكان, كما أشارت مواقع عديدة, لدخول شركات إسرائيليَّة العراق, بالمشاركة مع شركات مصريَّة وأردنيَّة, كما أشار تقرير لمركز "دار بابل" للدِّراسات, أنَّ هناك تنسيق بين إسرائيل والولايات المتَّحدة في السفارة الأمريكيَّة في المنطقة الخضراء, على عمل الوزارات العراقيَّة([1]), كما ينسِّق الجانبان العمل الإسرائيلي في العراق, حيث تقدِّم إسرائيل عبر شركة "رافئيل" خدمات عسكريَّة للجانب الأمريكي من تحصين المدرَّعات العاملة في العراق([2]), وذكرت "صحيفة هآرتس" أنَّ مصنع "يتسحاق" للذخيرة يُعتبر المزوِّد الرئيسي للولايات المتَّحدة في العراق, وذكرت مجلَّة "نيويورك" في تقرير سابق, أنًّ القوَّات الخاصَّة الأمريكيَّة تلقَّت مساعدات إسرائيليَّة مخابراتيَّة وفنيًّة.
          وفي هذا الصدد نشر "سيمور هيرش" في مقال سابق, عن مظاهر النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي في شمالي العراق ودوافعه، في أعداد مجلَّة "نيويوركر" حيث قال: "أنَّ الموساد يهدف من تغلغله في العراق, وتعاونه مع الأكراد, لمراقبة إيران بالأساس", حيث يعمل على التعاون مع المخابرات الأمريكيَّة، لزرع أجهزة مراقبة متقدِّمة على الحدود أو في داخل الأراضي الإيرانيَّة, كما كَشف "هيرش" عن تورُّط الموساد في تدريب عناصر حزب الحياة الحرَّة في كردستان "بيجاك PEJAK", وهو الحزب الكردي الانفصالي المناظر لـ PKK، الذي يقاتل الحكومة الإيرانيَّة, وأمدَّته بالأسلحة والمعدَّات العسكريَّة، ويرى هيرش وغيره من المراقبين، أنَّ من ضمن أغراض الموساد مراقبة سورية، وإثارة أقليَّتها الكرديَّة ضدها, وهناك أسباب تتعلَّق بالعلاقة المتغيِّرة بين تركيا وإسرائيل, والحديث عن انسحاب مرتقب للولايات المتَّحدة من العراق([3]), وبالتالي فإنَّ الشغل الشاغل للإدارة الأمريكيَّة وإسرائيل, هو تحقيق السلام والتطبيع بين البلدين.
          وأشارت بعض المواقع على أنَّ محادثات سريَّة بين الطرفين, وتصريحات لمسؤولين ونوَّاب عراقيُّون, منهم زعيم الكتلة الصدريَّة السابق "بهاء الأعرجي", الذي تحدَّث عن التطبيع مع إسرائيل, ومن بين الشخصيَّات التي زارت العراق زعيم حزب الأمَّة العلماني في العراق، "مثال الألوسي"، الذي أشار إلى أنَّ القادة العراقيِّين, كانوا بالفعل على اتصال بالإسرائيليِّين، وأنَّهم ما زالوا قلقين من النفوذ الإيراني([4]).
          وحسب موقع "rudaw", نَشَرَت العديد من التقارير أسماء الشخصيَّات التي حلَّت في إسرائيل العام 2019م, ومن تلك الشخصيَّات,  ممثِّلين عن السُنَّة: كأحمد الجبوري من نينوى، وأحمد الجربا من نينوى، وعبد الرحمن اللويسي النائب السابق عن نينوى، وعبد الرحيم الشمري من نينوى, وعلياء ناصف من الطائفة الشيعيَّة من بغداد, إضافة إلى خالد المفرجي من محافظة كركوك الذي نفت كتلته ذلك لاحقاً([5]).
2.    مؤتمر التطبيع:
          نتيجة لكل ما سبق, وبسبب الكثير من التطوُّرات في المنطقة, أُعلن في العراق مؤخَّراً عن اجتماع تطبيع من الكيان في مناطق الأكراد مؤخَّراً, حيث قالت التقارير, أنَّ الاجتماع  حصل مؤخَّراً بين قادة من حكومتي العراق وإقليم كردستان في بغداد, وأشارت لحضور أكثر من 312 عراقي، بمن فيهم زعماء عشائر، اجتماعاً في إقليم كردستان, للمطالبة بتطبيع العلاقات بين بغداد وإسرائيل, وأشارت "وكالة فرانس برس" إلى أنَّ الاجتماع استضافه مركز أبحاث أمريكي([6]).
          وأشارت التحليلات, أنَّ الملفت في الطبيع هو توقيت المؤتمر, الداعي للتطبيع هو التكامل التطبيعي مع الدول التي دخلت تحت ظل النفوذ الإسرائيلي, كوكيل رسمي عن انسحاب الإمبراطوريَّة الأميركيَّة من الشرق, وأشار "Roshan Amiri" في موقع "the Arab posts"أنَّ ذلك حدثٌ غير مسبوق، في هذه المرحلة, باجتماع 312 من قادة عراقيِّين سُنَّة وشيعة, مطالبين بإقامة علاقات دبلوماسيَّة كاملة مع "إسرائيل", ودعا المشاركون العراقيُّون في المؤتمر, قادة بلادِهم لإنهاء حالة الحرب, والانضمام إلى ما يسمى باتفاقات إبراهيم, وحسب المعلومات تحدَّث الحاضرون الآخرون من جميع أنحاء المنطقة بشكل افتراضي إلى المشاركين، بمن فيهم المسؤول الإماراتي السابق "علي النعيمي" و"كيمي بيريز"، نجل الرئيس الإسرائيلي الأسبق "شيمون بيريز"([7]), وقال "وسام الحردان"، الذي قاد ميليشيَّات عشائريَّة سنيَّة متحالفة مع الولايات المتَّحِدة: "نطالب بعلاقات دبلوماسيَّة كاملة مع ما أسماها "دولة إسرائيل", "وسام الحردان" زعيم حركة الصحوة العراقيَّة المنتمية لقبيلة الدليم, و"سحر كريم الطائي" مديرة دائرة البحوث في وزارة الثقافة في حكومة بغداد, كانا من بين الحاضرين, حيث قالت الطائي, "إسرائيل اليوم دولة قويَّة, وجُزء لا يتجزَّأ من العالم والأمم المتَّحِدة", وصدرت مذكَّرة اعتقال عن مكتب رئيس الوزراء العراقي للتحقيق مع المطبِّعين([8]), لكن التركيز على المناطق الكرديَّة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ليس حديثاً وطارئاً, بل له أسباب وتداعيات وتاريخ طويل من التمدُّد والتغلغُل:
3.    العلاقات الكرديَّة الإسرائيليَّة:
          قال "Hoger Tarkhani" في موقع " jpost" أنَّ العلاقات بين كردستان وإسرائيل تعود إلى منتصف الستينيَّات، عندما رأت إسرائيل الأكراد حليفًا قويًا يدعمهم, ويمكن الاعتماد عليهم لإضعاف النظام العراقي السابق, وأشار التقرير أنَّه لِعُقود من الزمن، كانت إسرائيل الوحيدة التي قدَّمت الدَّعم والتدريب للأكراد في العراق, نتيجة لذلك، تتمتَّع إسرائيل بعلاقة قويَّة وخاصَّة مع الأكراد, ويمتد ذلك إلى السنوات الأخيرة عندما أجرت حكومة إقليم كردستان استفتاء على الاستقلال عن الحكومة العراقيَّة المركزيَّة, في هذا الوقت الفريد، كانت إسرائيل هي "الجهة الوحيدة" التي دعمت الاستقلال الكردي ودعت إليه.
          من جهة أخرى حرص قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر على حكومة إقليم كردستان, على إقامة علاقات مع إسرائيل, ففي العام 2006م، قال رئيس كردستان العراق ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني "مسعود بارزاني"، في بيان: "إقامة علاقات مع إسرائيل ليست جريمة, وإذا أقامت بغداد علاقات دبلوماسيَّة مع إسرائيل، فسنفتح قنصليَّة لها في أربيل", كما أنَّه لطالما اعتبرت إسرائيل أنَّ وجود علاقات قويَّة مع الأكراد, هو أيضاً ميِّزَة لإسرائيل، لأنَّه سيوفِّر لإسرائيل المزيد من القوَّة في المنطقة, وقال في هذا الإطار ضابط مخابرات إسرائيلي سابق لصحيفة "نيويوركر"، "من خلال التحالف مع الأكراد، فإنَّ إسرائيل تكتسب أعيناً وآذاناً في إيران والعراق وسورية".
4.    التواجد الإسرائيلي في كردستان:
          أصبحت العلاقة أكثر وضوحًا, وبحسب بعض التقارير، فقد نشط الجيش الإسرائيلي ووحدة استخباراته منذ العام 2004م, في المناطق الكرديَّة في العراق وإيران وسورية، حيث قدَّموا الدَّعم والتدريب لهذه الوحدات ونفَّذُوا عمليَّات سريَّة, وأصبحت إسرائيل أوَّل جهة في العالم تُصادق على الاستقلال الكردي في 9 سبتمبر 2017م, وأفادت التقارير أنَّ رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" ضغط على زعماء العالم لدعم الاستفتاء الكردي, وخلال المسيرات المؤيِّدة للاستقلال في أربيل عاصمة إقليم كردستان، أعرب الشعب الكردي علناً عن تقديره لدعم إسرائيل من خلال التلويح بعلم الكيان, وترديد التقدير لإسرائيل في المسيرات والمظاهرات والاحتفالات, ولم تكن هذه هي المرَّة الأولى التي يظهر فيها نتنياهو دعمه للشعب الكردي, ففي خطابه السياسي لعام 2014م، أيَّد إنشاء دولة كرديَّة مستقلَّة عندما قال، "الشعب الكردي شعب يكافح, لقد أثبتوا التزامهم السياسي واعتدالهم السياسي، وهم يستحقُّون استقلالهم السياسي".
 
يتبع..


[1]- https://almajd.ps/news990/
[2]- http://www.saaid.net/mktarat/iraq/103.htm
[3] - https://www.ecssr.ae/reports_analysis/%D9%86%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D9%88%D9%88%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86/
[4]- https://insidearabia.com/iraq-faces-pressure-to-normalize-relations-with-israel/
[6]- https://worldakkam.com/iraqi-kurdistan-conference-promotes-normalization-of-baghdad-and-israel/357721/
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2