تفنّن "قطّاع الطّرق" بالسّرقات يهزّ أمن لبنان

ناديا الحلاق

2021.09.20 - 08:34
Facebook Share
طباعة

ارتفعت نسبة جرائم السّرقة والقتل التي تندرج تحت خانة "الجريمة المنظمة" في لبنان بشكل ملحوظ ، حتى زادت إلى 144% خلال العام 2021. ولا يكاد يمر يوماً إلا وتتناقل فيه الوسائل الاعلامية خبراً عن جريمة سرقة أو قتل أو نشل أو احتيال، يروح ضحيتها مواطنون أبرياء.
ويشهد لبنان جرائم مختلفة تحولت إلى ظواهر مرعبة تهدّد حياة اللبنانيين على الطّرقات، ومنها ظاهرة "قطاع الطرق" الذين يتبكرون الأساليب المختلفة بداعي السّرقة.
ناجون يروون لحظات الرّعب
على أوتستراد "الكوستبرافا" تبدأ الرّحلة نحو المجهول الأسود، حيث يستغلّ "قطّاع الطرق" انقطاع الكهرباء الدائم عن أعمدة الإنارة، فينصبون الكمائن للمارّة.
فجأة يعترض سائق درّاجة ناريّة طريق محمد المتوجّه نحو الجنوب، عند السّاعة الثّانية فجراً، يرمي صاحب الدّراجة بنفسه أمام السّيارة، للوهلة الأولى يظنّ محمد أنّه صدم الرّجل، وما إن يترجّل من سيارته لتفقّده حتى يظهر أمامه ثلاث شبان يحملون أسلحة بيضاء، ينهالون عليه بالضرب، يطعنوه بالسّكين، قبل أن يسرقوا سيارته من نوع "غراند شيروكي" ويرفرون إلى جهة مجهولة.
أما مروة فكادت تكون ضحيّة "قطّاع الطرق" على طريق سوق الأحد، بعد أن حاول شبّان مشبوهين في سيارة من نوع "رينو" إيهامها بأن دخان يتصاعد من محرك سيارتها. مشيئة الله حالت دون نزول مروة من السّيارة، أقفلت كل الأبواب وأكملت طريقها بسرعة، ولما وصلت عند نقطة لحاجز الجيش، تفقدت سيارتها، وعندها علمت أنها نجت من كمين مدبّر.
ومن أكثر وأخطر أساليب عصابات "قطّاع الطّرق"، رمي بيضة على زجاج السّيارات، وهذا ماحصل مع عصام عند نفق المطار، ولمّا حاول إزالتها عبر تشغيل "المساحات" تشوشت رؤيته، فركن السيارة جانباً كي يحاول تنظيفه، وإذ يتفاجأ بشابين وإمرأة، ضربوه وطلبوا هاتفه ومحفظته، وبعدها سرقوا سيارته من نوع "كيا سيراتو".
قصص مرعبة عاشها بعض المواطنين اللّبنانيين على الطّرقات بسبب التّفلت الأمني، انتشار السّلاح، والأوضاع الاقتصادية المتردية وما نتج عنها من ازدياد في معدلات الفقر.
ارتفاع معدلات الجريمة
وبحسب ما أحصته الدّولية للمعلومات من خلال نشرات قوى الأمن الدّاخلي خلال الخمس أشهر الأولى من العام 2021، ارتفعت نسبة جرائم السّرقة عموماً إلى 196% ووصل عددها إلى 2553 جريمة، فيما ارتفعت نسبة السيارات المسروقة إلى 43% حيث تم سرقت 435 سيارة، أما عدد حالات النشل فقد ارتفعت بنسبة 47% ووصلت إلى 210 حالة.
ويؤكد الباحث في "الدّولية للمعلومات" محمد شمس الدين أن النّشاط الجرمي الكبير في لبنان، عادة ما تقوم به عصابات منظّمة يديرها عقل مدبر، إذ لا يمكن القيام بالسّرقات الكبيرة بشكل فردي، خصوصاً بالنسبة لسرقات السيارات التي تتمّ على مختلف الأراضي اللًبنانيّة.

الدّولة سبب ازدياد الجريمة
مصدر عسكري يؤكد لـ "وكالة أنباء آسيا" أن تردي الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة، دفعت الكثير من الأشخاص للجوء إلى جرائم السّطو والسّرقة والقتل، وقد لا حظنا مؤخراً ارتفاع نسبة هذه الجرائم في مختلف المناطق اللبنانية.
ويشير إلى أن أغلب من ارتكب هذه الجرائم هم من أصحاب السّوابق بسنة 70%، يليهم الأشخاص المتأثرين بالضائقة المعيشية بنسبة 0%1، إضافة إلى أشخاص يمارسون الأعمال المخلّة بالأمن والذين لم نستطع الكشف عن هوياتهم بعد بنسبة 20%.
ويلفت المصدر العسكري إلى أنّ أكثر المناطق التي تنتشر فيها العصابات المنظّمة، منطقة البقاع-الهرمل حيث تواجد الرؤوس المدبّرة التى تنظّم وترسل "قطاع الطرق" ليلاً إلى الشّوارع بهدف السّرقة والسّطو والسّلب، خصوصاً سرقة السّيّارات لتهريبها إلى سوريا.
ويؤكد المصدر العسكري أنّ 90% من مرتكبي جرائم قتل مواطنين لبنانيين، بدافع سرقتهم، هم من النّازحين السّوريين.
وعن أعداد السّيارات التي تم سرقتها خلال شهري تموز وآب، يوضح أنه بحسب الإحصاءات الأخيرة فقد تم سرقة حوالى 43 سيارة، استطاعت عناصر القوى الأمنية ومخابرات الجيش اللّبناني استعادة بعضها.
ويلفت إلى أساليب جديدة يعتمدها "قطاع الطرق" وهي اعتراض السيارت بهدف سرقة مادة البنزين منها بسبب شحّها في الأسواق اللبنانية واذلال الشعب من أجل الحصول عليها.
ويحمل المصدر العسكري المسؤولية الأولى لانتشار هذه العصابات، للدولة اللّبنانية التي ساهمت بتجويع الشعب وحرمانه أدنى متطلبات الحياة الأساسية، مشيراً إلى أن 74% من سكان لبنان يعانون الفقر خلال 2021 بحسب دراسة صدرت خلال شهر أيول الحالي، ما ينذر بآفاق مبهمة وارتفاع في نسبة الجريمة.

قوى الأمن
هذا وأكد مصد من قوى الأمن الداخلي ارتفاع معدلات السّرقة والسّلب والقتل في مختلف المناطق اللّبنانية بشكل مخيف خلال العامين 2020 و2021، بسبب اتفاع نسب اليأس لدى معظم اللّبنانيين الذين أرهقهم تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار سعر صرف اللّيرة اللّبنانية، إضافة إلى الأزمات المتتالية التي ضربت كل القطاعات، وفقدان الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات وغيرها.
وأوضح أن أغلب السّرقات التي حصلت خلال الشهرين الماضيين استهدفت السيارات، لافتاً إلى نوع مستجد فيها وهو اعتراض السيارات على الطرقات وسرقة البطاريّات والاكسسوارات منها. مواطنون كثر اشتكوا من هذه السّرقات في منطقة بيروت وخلدة والدامور، وقد تعرضت حالات عدة لهذا النوع من السّرقات، ولكن لا يوجد لدينا أرقام دقيقة عنها.
وقال المصدر الأمني، الانهيار الاقتصادي في لبنان، ساهم بخسارة عشرات الآلاف من اللبنانيين لوظائفهم، ولامس معدل البطالة 35%، ما دفع العديد من النّاس للجوم إلى أساليب إجراميّة بهدف تأمين الأموال، لافتاً إلى أنّ معظم السّرقات تتم من قبل اللاجئين السّوريين والفلسطينيين.
ويختم، تعمل القوى الأمنيّة بكل طاقاتهم على الأرض من أجل الحافظ على الأمن والتّصدي لكل أنواع الجرائم. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 9