كتب خالد قنديل: جورجيا ومصر.. تعاون بنّاء ومستقبل زاهر

2021.09.13 - 09:49
Facebook Share
طباعة

 مما لا جدال فيه أن الدولة المصرية استطاعت بعد 30 يونيو وإلى الآن أن تبني علاقات خارجية قوية وتنفتح على العالم الخارجي بروح السلام والتعاون في المجالات المختلفة، حيث تمثل هذه الروابط علاقات إستراتيجية ممتدة وقوية وتتطور يوميًا طبقًا للتحديات والمشكلات التى تظهر على الساحة السياسية إقليميًا ودوليًا، تطويرًا هائلًا فى هذه العلاقات بما يخدم مصلحة الشعب المصرى مع شعوب العالم المختلفة وبما يعزز العلاقات المصرية والتشاور حول عدد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وقد دارت نقاشات واسعة بين الرئيس السيسي وزعماء العالم لتقوية أواصر العلاقات والتعاون في المجالات كافة.


وتأتي دولة جورجيا كواحدة من الدول ذات الخصوصية في العلاقات الدبلوماسية معها، حيث تتسم تلك العلاقات بالتفاهم المشترك على جميع المستويات، إذ يقدر مسئولو جورجيا كون مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف باستقلال جورجيا وتقيم علاقات دبلوماسية معها.

 

وقد كان لي عظيم الشرف بزيارة جورجيا خلال الأيام الماضية، فكانت بحق واحدة من أفضل الزيارات الخارجية لي، والتي تركت أثرًا نفسيًا إيجابيًا عميقًا في الروح، سوف يبقى في ذاكرتي ما امتدت بنا الحياة؛ حيث استقبلني والوفد المرافق معي مجموعة من أرقى الشخصيات على المستوى الإنساني وعلى مستوى المسئولية الرسمية منهم ناتيا تورنافا وزيرة الاقتصاد والتنمية المستدامة، وجيورجي إديلاشفيلي رئيس سياسات الاستثمار والدعم - وزارة الاقتصاد والتنمية المستدامة، ولوسيب تكيمالادزي، مستشار رئيس الوزراء، الذين أبدوا ترحابًا كبيرًا بنا وحفاوة تنم عن طيب أصل هذا البلد الكريم، والرغبة الحقيقية في دعم أواصر التآخي والترابط البناء على مستوى القيادة والحكومات وعلى المستوى الشعبي، حتى شعرنا بأننا حقًا في وطننا.

 

وقد دخلت العلاقات الدبلوماسية المصرية الجورجية في هذا العام 2021 عامها التاسع والعشرين؛ حيث وقعت مصر وجورجيا على اتفاق إقامة العلاقات الدبلوماسية فى الخامس من نوفمبر عام  1992، وتتشرف مصر بوجود تمثيل مقيم بها، إذ  تقوم سفارتها بالإشراف أيضًا على العلاقات مع كل من سوريا ولبنان كتمثيل غير مقيم، مما أسهم في أن تشهد العلاقات بين البلدين تطورًا في شتى المجالات في الفترة الأخيرة، وقد أكد الوزير المفوض الاقتصادي بسفارة جورجيا ميخائيل تيجيشفيلي خلال لقائي معه، أن مصر أول بلد تفتتح سفارة لبلاده بشكل كامل عام 1998 بمنطقة الشرق الأوسط، لتسعى بعدها "تبليسي" لتوسيع تواجدها في المنطقة، ويعد السفير تيجيشفيلي واحدًا من  الشخصيات والمسئولين ذوي الثقافة الرفيعة والنشاط الكبير وواجهة مضيئة لبلاده والحرص على دفعها بكل جهد ممكن، كما يحرص على تثبيت أواصر العلاقات بمصر وبلوغها آفاقًا أكبر، حيث يعمل على حل المشكلات التي تواجه المصريين بالخارج، ويسعى جاهدًا لدعم وتيسير فرص الاستثمار بين البلدين ووجود تعاون مستمر بين رجال الأعمال، لتنشيط التجارة والاقتصاد ومجالات التعاون المختلفة.

 

وتعد جورجيا على المستوى الإنساني دولة مضيافة ومرحبة ويتميز الشعب الجورجي بكرم الأخلاق والبشاشة والانفتاح على العالم، ففي يوليو الماضي ومن قلب أزمة كورونا، شهدت تبليسي، الاجتماع التأسيسي الأول لرابطة الجالية المصرية في جورجيا،  بالتوازي مع الإعلان عن تأسيس جمعية المصريين الخيرية في جورجيا، لتكون رابطة الجالية المصرية، قاعدة راسخة لتنظيم العمل المجتمعي والتعاوني لجميع المصريين في جورجيا، وتم تسجيلها رسميًا بسجلات وزارة العدل والحكومة الجورجية وتعتبر تبليسي القاهرة صديقة وشريكة جيدة، وقائدة ودولة رئيسية ومحورية من حيث تحقيق السلام والأمن والتنمية في الشرق الأوسط والحفاظ عليهما، وسوف تشهد السنوات المقبلة المزيد من الفرص لتعزيز الصداقة والتعاون المتبادل والمنفعة.

 

 وقد اعتمدت البلاد على ركائز أساسية لسياستها الخارجية تتمثل في التكامل الأوروبي والأوروبي الأطلسي، وقد شرعت  في طريق إقامة شراكات عالمية، إذ يعد البعدان الشرق الأوسطي والإفريقي أحد المبادئ المهمة لهذه السياسة، وإذ يصادف عام 2021  الذكرى الثلاثين لاستعادة جورجيا استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، وأيضًا الذكرى 103 لاستقلال جمهورية جورجيا الديمقراطية، فقد كان استقلال البلاد نقطة تحول في التاريخ الجورجي غيرت مستقبل الدولة، فقد شهد استفتاء 31 مارس 1991، صوت أكثر من 99٪ من السكان لصالح استعادة استقلال جورجيا وفقًا لقانون إعلان استقلال جورجيا الصادر في 26 مايو 1918، مؤكدًا أن القانون وضع المبادئ الأساسية لتنظيم الدولة وسياستها، بما في ذلك سيادة الدولة والحقوق والحريات المدنية والسياسية والتنمية الحرة للأقليات القومية، ونتيجة لذلك، أقر المجلس الأعلى الجورجي بالإجماع قانون استعادة استقلال دولة جورجيا، ولا تزال هذه الدولة العظيمة تكافح من أجل سيادتها وسلامتها الإقليمية داخل الحدود المعترف بها دوليًا، وأرست خلال هذه السنوات، أساسًا واسع النطاق لبناء دولة مستقلة، حيث أحدثت ثلاثون عامًا من الاستقلال تغييرات كبيرة في البلاد  بالتغلب على العقبات كدولة وكمجتمع بالإصرار والعمل والتفاني، مما أدى إلى القوة والمرونة معا حتى أصبحت جورجيا شريكًا موثوقًا به في المجتمع الدولي، وصار هناك استقرار أمني وسياسي واقتصادي مع قوة التطلعات الأوربية التي انعكست في التكامل الوثيق للبلاد مع الاتحاد الأوروبي، فأقامت علاقات شراكة قوية مع جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن إحراز تقدم ملحوظ  الدمج في الناتو، والتفاعل مع جيرانها لضمان الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، وكذا أحرزت تقدمًا ملحوظًا في الدبلوماسية الاقتصادية، إذ تتمتع بتجارة حرة مع عدة بلدان وصارت رائدة في المنطقة من حيث الاستقرار وجاذبية الاستثمار. 

 

ويعتمد الاقتصاد الجورجي على قطاع استخراج المعادن كالفضة، والذهب، والنحاس، والمنجنيز، وقطاع الصناعات الصغيرة، والقطاع السياحيّ، وقطاع الزراعة، حيث تتميز بمنتجات  البندق، والعنب، والحمضيات.

 

وتتميز جورجيا بطبيعة سياحية خلابة وجاذبة، فمن معالمها السياحية والتاريخية والأثرية كاتدرائية تسميندا ساميبا، ودير فارديزيا، وقلعة ناريكالا، وشارع روستافلى، وحديقة بولفارد الواقعة في باتومي، و قلعة الرب التي شيدت في القرن السادس قبل الميلاد، وجبل كازبيك، وبحيرة ريتسا التي تقع في الجهة الشمالية من جورجيا، وكل من زار جورجيا تحدث عن حمامات القوقاز، وحمامات الكبريت بتبليسي، وهي من المعالم المهمة بجورجيا، وعبارة عن عيون ساخنة خلقها الله على هذه الأرض الطيبة، دون أي تدخل بشري وتمثل مقصدًا سياحيًا للاسترخاء والعلاج في الوقت نفسه، وتقع في واحدة من أكثر الأحياء تميزًا في تبليسي أبانوتوباني الجورجية، عند منطقة تبليسي القديمة، على الضفة الشرقية لنهر متكفاري عند سفح حصن ناريكالا، وتعتبر جزءًا تاريخيًا مهمًا من المدينة، ومن أقدم الأماكن السياحية في جورجيا.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط 


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10