سورية.. الاتجاه شرقاً اتفاقيات على الورق فقط لإنقاذ الاقتصاد

وكالة أنباء آسيا - نور ملحم

2021.07.28 - 02:26
Facebook Share
طباعة

 بينما يتم تداول قضية اتجاه سورية شرقاً من خلال توقيع الاتفاقيات الدولية على أمل انقاذ الاقتصاد السوري يتملك السوريون هواجس كثيرة من أن تتحول هذه الاتفاقيات إلى إحدى محطات المماطلة لإلهاء السوريين

و خلال متابعتنا للوقائع الاقتصادية والاتفاقيات التي وقعت مؤخراً لا بدّ أن نتساءل : هل هناك مصلحة اقتصادية عامة تعود لسورية من أجل توقيع أي اتفاقية تتم ؟  ما مصير الاتفاقيات الدولية المُبرمة من قبل الجمهورية العربية السورية، ما هو النظام القانوني الذي يحكم هذه الاتفاقيات، هل هو القانون الدولي أم القانون المحلي السوري ؟ 

التوجه شرقاً لتفعيل الاتفاقيات ...

أهمية سوريا بالنسبة للكثير من البلدان سياسية أكثر ما هي اقتصادية، ولكن رغم من إدراكهم أن سوريا عبء اقتصادي أكثر مما هي مكسب في الوقت الراهن،  لأنها ما بعد الحرب  تحتاج مئات مليارات الدولارات لإعادة بنائها، إلا أن الكثير من الدول مهتمة بهذا الجزء لأكثر من سبب، ومنها أنها تريد فتح سوق ولو صغيرة بمثابة مكسب صغير لهم فالموقع الذي تتمتع به جعل الجميع يطمع بها  

وحول انعكاس تلك الاتفاقيات على المواطن السوري في ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها سوريا، فأن الانعكاسات قد تظهر على المدى القريب أو على المدى البعيد ، وكان قد صرح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر خليل سابقاً على أن الوزارة تقوم حاليا بتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية مع دول الخارج لافتاً بأن الحكومة تركز على التوجه شرقاً و إعادة بناء علاقات سليمة ومتينة مع الدول الصديقة التي وقفت إلى جانب سورية في حربها ضد الإرهاب ، وذلك ضمن مبادئ الإستراتيجية العامة للعمل الاقتصادي التي تتبعها الحكومة السورية، إضافة إلى إن الوزارة تجري مباحثات مع عدد من الدول الصديقة الأخرى لتوقيع اتفاقات جديدة ضمن منظورة متطورة .

وبيّن خليل أنه صدرت قرارات حكومية عديدة أسهمت بتخفيف الكثير من الأعباء المالية إضافة للعمل وفق نظام اتفاقية تبادل التجارة الحرة ورسمت خارطة طريق جديدة للعمل الاقتصادي، مشيراً إلى أن العامل الجغرافي والمسافة التي تفصل بين أي بلدين لا يجب أن تحد من التعاون التجاري بينهما.

الدستور سيحدد ..

في سياق متصل لم ينكر المحلل الاقتصادي علي ديب  في تصريحه لـ "وكالة أنباء آسيا" قائلاً:  نحن ننتظر أن نشاهد ما هي الأرضية التي سيتم “فرضًا” على أساسها المطالبة بإنهاء أو تعديل هذه الاتفاقيات أو الخروج عنها وما هي والوسائل الممكنة والقنوات المتاحة لإنهاء هذه الاتفاقيات أو تعديلها أو الخروج منها.

وأضاف ديب ، خسرت البلاد أم فقرت فأوضاعهم لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي العام، وإنما تتحدد أوضاعهم بسياسات رسمية تُطبّق على مدى عقود بشكل منتظم ومحكم، في الوقت الذي تراجعت فيه الدولة عمّا يسمّى بالتخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التخطيط الذي يضع مؤشرات على الدولة والسلطة بكل مستوياتها، لكن نلاحظ أن خطة بديلة غير معلنة تُطبق بإحكام وبتناسق شديد، هذه الخطة تقضي بتحطيم مقومات الاقتصاد الوطني، بإفقار المجتمع وتهجير قواه الحية، وبمصادرة مستقبل الأجيال القادمة.

العمل مع الأصدقاء ..

عن كيفية توقيع الاتفاقيات لصالح الاقتصاد السوري، يبين أن العمل مع الأصدقاء الذين يسمح وضعهم المادي بذلك، وأقصد بالدرجة الأولى بلدان بريكس وخاصة الصين والهند وروسيا، هذه البلدان لديها إمكانيات كبيرة ويجب إعطاؤها الإمكانيات اللازمة لتعمل في إعادة بناء سورية، فيجب أن يكون البناء الاقتصادي، متعلق بالحلول السياسية ، لأن البناء الاقتصادي لا يمكن أن يكون محايداً.

 خريطة استثمارية جدية ..

المطلوب هو خريطة استثمارية مدروسة جديا ترفع العائد في الاتفاقيات الاستثمارية من خلال فقرة خاصة بالدستور وذلك برأي الدكتور محمد رعدون جامعة طرطوس والذي أكد لـ"وكالة انباء آسيا" أنه يمكن أن تفتح البلد للاستثمارات على أساس هذه الخريطة مع شروط معينة تحافظ على السيادة السورية والاستقلال الوطني، مضيفاً كفانا قرارات فردية وارتجالية لأن الاقتصاد السوري لم يعد يتحمل المزيد من الترقيع فالاتفاقيات والمعاهدات يجب أن تدرس قبل البت بها وأن يكون هناك مؤسسة مسؤولة هي صاحبة القرار في توقيع أي اتفاقية  لدعم الاقتصاد، أما المراسيم فهي استثنائية، لا تدفع بالاقتصاد إلى الأمام لأنها صادرة من خارج البنية الاقتصادية للدولة. 

اتفاقيات تعارض المصلحة السورية ...

أشار رعدون، إلى أنه تم توقيع العديد من الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة السورية مع دول عربية وأجنبية تتضمن شروط وأحكام مجحفة بحق الدولة السورية، حيث تعطي هذه الاتفاقية حصانة كاملة من القوانين السورية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عبء الكبير التي ستقع بالدرجة الأولى على سوريا، وبالتالي سيكون لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية دور مهم بتقديم الدعم لنا من خلال أغناء حججها بالأبحاث والحجج الحقوقية التي تثبت، وبذلك أن الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة الحالية تُعارض المصلحة السورية.

شبكة من العلاقات ...

ترتبط الدول مع بعضها بشبكة من العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وترتبط العلاقات الاقتصادية وتتشابك بالعلاقات السياسية حيث لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة ولذلك تتوسع أو تتقلص  العلاقات الاقتصادية بناء على تحول  وتغير السياسات الخارجية للدول بحسب الدكتور حسن حزوري من جامعة حلب والذي أكد لـ "آسيا" أن الاتفاقيات الاقتصادية الدولية التي ظهرت  ولاسيما اتفاقيات التجارة الحرة كصورة من صور التكامل في الاقتصاد العالمي وإحدى وسائل التعاون بين الدول،  مبيناً ترجع أهمية اتفاقيات التجارة الحرة إلى أنها تستجيب للمتغيرات الإقليمية والعالمية الجديدة التي تهدف إلى زيادة درجة المنافسة بين الأسواق وتكريس مبادئ الاقتصاديات المفتوحة 

وأضاف الحزوري انطلاق من ذلك أبرمت  سورية عشرات الاتفاقيات الاقتصادية التي تنظم العلاقات الاقتصادية بين سورية من جهة وبقية دول العالم ولاسيما دول الجوار العربية لبنان والأردن والعراق من خلال اتفاقيات ثنائية او جماعية كمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تضم معظم الدول العربية  وغير العربية سواء كانت دولة جوار كتركيا من خلال اتفاقية منطقة تجارة حرة ، أو مع دول صديقة كانت أم غير صديقة تفرض المصالح المشتركة للبلدين توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي، ومن أهم الاتفاقيات مع الدول الصديقة كانت مع روسيا وإيران.

السياسة تغلب الاقتصاد ... 

الحزوري أشار إلى إن لاتفاقيات التجارة الحرة العديد من الفوائد التي تهدف الدول من خلال التوقيع عليها  إلى إزالة الحواجز والموانع أمام التبادل التجاري بين أعضاء الاتفاقية على اعتبار أن تحرير التجارة سيحفز حالة من الرخاء الاقتصادي على الصعيدين الوطني والفردي للدول الأعضاء، ومن خلال دراسة بعض اتفاقيات التجارة الحرة اتضح أن حجم التجارة بين الدول التي وقعت على اتفاقيات تجارة حرة بينها تضاعف بمعدل كبير، كما تضاعف حجم الإنتاج، وأدى تخفيض أو إزالة التعرفة الجمركية التي كانت مفروضة من قبل الدول إلى تدفق السلع والخدمات وفتح الأسواق أمام الصادرات مما ساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين موازين المدفوعات، ذلك أنّ التدفق التجاري سيؤدي إلى التركيز على جودة السعر والخدمة، ولا بد أن يعود ذلك بالفائدة على المستهلكين وذلك بوجود مجال أوسع للاختيار وأسعار أقل من خلال المنافسة المتزايدة.

رغم إن تقييم هذه الاتفاقيات ومعرفة  مزاياها الايجابية أو السلبية على الاقتصاد الوطني ومدى إن كانت متكافئة أم لا ، تتعلق بمدى مهارة المفاوضين وحنكتهم وامتلاكهم لمهارات التفاوض وفهمهم لنصوص القانون الدولي، وأيضا بالتوجه السياسي العام ومدى هيمنة القرار السياسي على القرار الاقتصادي ، وخير مثال على ذلك اتفاقية التجارة الحرة التي وقعت مع تركيا والتي غلبت فيها الإرادة السياسية على المصالح الاقتصادية آنذاك ولذلك أضرت بالعديد من الصناعات السورية نتيجة عدم قدرتها على منافسة المنتج التركي من حيث الجودة أو السعر.

عامل الفساد ...

بحسب الدكتور فعلينا أن لا ننسى عامل الفساد ، الذي لعب دورا كبيرا في الأضرار بالاقتصاد الوطني ، مثلا عندما وضعت اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية موضع التنفيذ ، وأصبحت المنتجات العربية التي تزيد نسبة القيمة المضافة فيها على 40% تدخل إلى سورية بدون رسوم جمركية أو برسوم مخفضة ، لجأ بعض الفاسدون بالتحايل على الاتفاقية من خلال إدخال منتجات صينية على إنها منتجات في دول عربية من خلال التزوير في المناطق الحرة ولاسيما في الإمارات والأردن ، مما أضر بالاقتصاد السوري وبموارد الخزينة

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1