طرابلس وأزمة الميليشيات

2021.05.10 - 01:10
Facebook Share
طباعة

 
تشهد الساحة السياسية في ليبيا العديد من التطورات التي من شأنها إنهاء عقد من الصراع المسلح بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011، حيث تم تشكيل حكومة وحدة وطنية هدفها توحيد مؤسسات الدولة والتمهيد للانتخابات المقبلة في سبتمبر من العام الجاري، ولكن انتشار العديد من الميليشيات المسلحة غرب ليبيا وعدم انصياعها لمخرجات الاتفاق السياسي وللحكومة الجديدة ينذر بعواقب وخيمة.
 
يُذكر أنه في  الرابع من شهر أبريل/نيسان 2019، أطلق الجيش الوطني الليبي عملية "طوفان الكرامة" لتحرير العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية من قبضة المليشيات الإرهابية، وانهاء سطوتها على العاصمة طرابلس، عقب تطهير المنطقتين الشرقية والجنوبية من الإرهابيين وفرض سيادة القانون. 
ويرى العديد من المحللين السياسيين بأن الميليشيات المسلحة كانت تؤثر على عملية صنع القرار في عهد فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني السابقة، الأمر الذي بدأ يظهر للعيان أكثر فأكثر بعد استلام حكومة الوحدة الوطنية لمهامها، وذلك بسبب معارضة مجموعات مسلحة من مصراتة أوامر رئيس حكومة الوحدة الجديد عبد الحميد الدبيبة بفتح الطريق الساحلي، الذي من المفروض أن يكون رمزاً للوحدة. كما أن فقدانهم للحاضنة السياسة ووجود حكومة جديدة تواصل الضغط عليهم ومحاولة دمجهم في المؤسسة العسكرية، جعلهم يبحثون عن موارد جديدة لاستخدامها كأوراق ضغط من أجل الاستمرارية.
 
الجدير بالذكر أن العاصمة الليبية طرابلس، في الشهر المنصرم، شهدت العديد من المواجهات بين الميليشيات المسلحة، حيث أدت اشتباكاتهم وصراعاتهم على مناطق النفوذ إلى مقتل وجرح العديد من المدنيين، الأمر الذي زعزع استقرار العاصمة وبدأ بلفت الأنظار إلى معضلة حقيقية تواجهها حكومة الوحدة. 
يذكر أيضاً بأن العاصمة الليبية تشهد تواجداً لعدد كبير من المرتزقة السوريين الذين اجتاحوا شوارعها، ويرى المحلل السياسي منصور عبدالمنعم بأن المرتزقة السوريين وعلى عكس قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة "فاغنر" شرق ليبيا، يجوبون شوارع طرابلس ويمارسون أعمالهم القذرة مع الميليشيات بحرية كاملة، من اقتحام الفنادق واعتقال أشخاص بتهم باطلة، إلى عمليات السرقة وسطو على المحال التجارية والمنازل، حيث ذكر عبدالمنعم بأن العاصمة الليبية شهدت ارتفاعاً كبيراً في معدلات الجريمة مؤخراً، وخصوصاً بعد أن منح مجلس النواب الثقة لحكومة الوحدة الجديدة، وأوعز عبدالمنعم أسباب الفلتان الأمني الكبير في مناطق غرب ليبيا وخصوصاً طرابلس، إلى تعدد الميليشيات واختلاف ولاءاتها، كما أن تنحي حكومة الوفاق، التي تُعتبر الراعي والداعم الأكبر لهذه الميليشيات، ألقى بتبعاته على الوضع أيضاً، ويرى عبدالمنعم أن الوضع في الشرق الليبي أكثر أمناً بسبب وجود مكون واحد يتبع للقيادة العامة وهو الجيش الوطني الليبي، الذي يعمل وفقاً لأوامر وقوانين عسكرية منضبطة، كما أن وجود "فاغنر" لحماية المنشآت النفطية له أثر كبير في الحفاظ على الهدنة، لأن الميليشيات تعاني من نقص في الموارد المالية، والمرتزقة السوريون كذلك الأمر يعانون من نقص في مرتباتهم التي لا تصرف لهم في بعض الأحيان.
ويرى عبدالمنعم بأنه على الحكومة الجديدة أن تعمل على حل الجماعات الإرهابية المسلحة، وإلا فإن الوضع سيزداد سوءًا. وستتعثر جميع محاولات الفرقاء الليبيين في إنهاء الأزمة وإرساء حالة الإستقرار المنشود، نظراً لحاجة البلاد إلى الأمن والاستقرار وإجراء انتخابات في موعدها المحدد في ديسمبر المقبل.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 3