"رمضان سورية".. الغلاء يقضي على الطقوس الاجتماعية

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2021.04.12 - 08:36
Facebook Share
طباعة

 الشكوى والتأفف هي السمة الأبرز في حديث السوريين وهم مقبلون على شهر رمضان جراء الغلاء المعيشي الذي يوصف بـ "الفاحش".


لم تتردد أم عبد الله في التأكيد على أنها لم ولن تخرج هذه السنة للتسوق كما جرت العادة بالنسبة لها، مبررة ذلك بغلاء الأسعار وعدم الاستقرار.


تقول السيدة الخمسينية لـ"وكالة أنباء آسيا" إنها اعتادت على التسوق في منطقتها بضاحية الأسد بريف دمشق قبل أيام قليلة من كل رمضان كما معظم السوريين الذين يتزودون بكميات وافية من اللحوم والدجاج والأجبان والألبان لإعداد وجبتي الفطور والسحور، لكنها هذه السنة لا تجد المال الكافي ولا شعور البهجة بقدوم هذا الشهر "الفضيل" للخروج من منزلها والتسوق.


أسواق شبه خالية

لطالما كان شهر رمضان مميزا في حياة السوريين الذين اعتادت أسواقهم الشهيرة مثل سوق الحميدية والبزورية على مر السنين في دمشق القديمة أن تكتظ بالقادمين من جميع أرجاء العاصمة وريفها للتسوق قبل أيام من بداية الشهر.


لكن غلاء المعيشة وفيروس كورونا وأزمة المواصلات، أظهرت الأسواق وكأنها شبه خالية في مثل هذا الوقت من السنة.


أم عبد الله تبيّن أنها كانت تشتري ليتر من الحليب بمبلغ 25 ليرة سورية قبل اندلاع الحرب في سورية ، في حين وصل سعره اليوم إلى 1700 ليرة سورية أما كيلو الدجاج الذي كانت تشتريه بـ 100 ليرة، فقد ارتفع سعره ليصل إلى  6000 ليرة سورية، فالأسعار في سورية شهدت ارتفاعا فاحشا لذلك تم العزوف عن عدة مواد إضافة للعصائر الجاهزة كالتمر الهندي والعرق سوس والتوت الشامي بسبب ارتفاع أسعارها واستبدالها بعصائر الظروف الجاهزة، وعدم شراء المعجنات كالمعروك والسمون والتخلي عن تناول مادة "الناعم" التي تشبه الخبز المقلي المُزين بدبس العنب، وهي مادة تُصنع وتُباع في شهر رمضان.


 تغير الطقوس الاجتماعية

تحت تأثير الظروف الاقتصادية السلبية غيّر أكثر الناس الطقوس الاجتماعية الممارسة في شهر رمضان بحسب تعبير أبو مخلص مهندس كهرباء ولديه طفلين، ويقول لـ"وكالة أنباء آسيا": المواد المقننة في قائمة الاحتياجات المنزلية الأساسية تزداد سنةً بعد الأخرى بسبب ضعف ومحدودية الدخل، موضحاً بأنّ راتبه الشهري لا يتجاوز 60 ألف ليرة سورية، وهو بالكاد يكفي لشراء صنف واحد من العصائر الرمضانية وكمية قليلة من المعروك على مدار شهر الصيام. 


وأشار إلى بأنّ وجبة افطار واحدة لا تحتوي اللحوم أو الدجاج أصبحت تكلفتها تتجاوز 10 آلاف ليرة دون احتساب تكلفة السحور الذي بات يُقتصر على الزعتر والزيت -في حال توفر الأخير- لدى الكثير من العائلات.


الدخل والقوة الشرائية

ما يزيد الأمر سوءاً، الارتفاع اليومي للأسعار بسبب عدم استقرار الدولار وضعف القوة الشرائية لليرة السورية، بحسب ما أكده المحلل الاقتصادي الدكتور فادي عياش، مشيراً في تصريح لـ"وكالة أنباء آسيا"، إلى أن الواقع العام للأسعار في أي بلد يتعلق بمجموعة من العوامل، يمكن اختصارها بشكل مبسط بالدخل والقوة الشرائية للعملة المحلية، وسوريا بلد يعاني من حرب وإرهاب لما يزيد عن 10سنوات، بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية كبيرة، والحرب أدت إلى خروج الكثير من البنى التحتية والمنشآت الصناعية والإنتاجية من الخدمة، وهذا أدى إلى تراجع كبير في الناتج الإجمالي المحلي.


ويتابع عياش: "هذا أدى إلى تراجع في الدخل من ناحية وفي القوة الشرائية لليرة السورية من ناحية أخرى، وهذا في العموم أدى إلى ضعف إمكانات الطلب، بالإضافة إلى مشكلات في العرض، ما أدى إلى خلل في العرض والطلب، أدى إلى نشوء حالة من الاحتكار والانتهازية والاستغلال لدى بعض التجار".


ويكمل الخبير الاقتصادي حديثه بالقول: "هذه العوامل عموما ساعدت في الارتفاع المضطرد للأسعار في الفترة الماضية، وفي حالة الأزمات الإضافية كجائحة كورونا وتقييد الحركة والحجر، أدى ذلك إلى زيادة الطلب على المواد والسلع الغذائية والاستهلاكية في الدرجة الأولى، ما أدى إلى ارتفاع في الأسعار مع وجود حالة من الاستغلال والاحتكار".


 ويستطرد قائلاً: هناك جانب آخر وهو الرقابة على الأسواق، فمهما بلغت أي إمكانات أي دولة من حيث الرقابة فهي لا تستطيع أن تضبط الأسعار بشكل كامل فهناك زيادة في التكاليف وفي أجور النقل سببها الرئيسي هو الحصار الاقتصادي الذي تعانيه سوريا منذ فترة طويلة، هذه الزيادات الفعلية في التكاليف مع عوامل الاحتكار وعوامل زيادة الطلب، كل ذلك يؤدي إلى حالات الارتفاع المتزايد في الأسعار، إضافة لضعاف النفوس والموجودون في كل بلد طبعا، والذين يحاولون استثمار الأزمات كالحرب وجائحة كورونا من أجل تنفيذ عمليات الاحتكار لتحقيق ربح معين. 


وفي سياق متصل كان قد أصدر الرئيس السوري بشار الأسد اليوم مرسوماً جمهورياً يتضمن قانون حماية المستهلك الجديد و ضوابط جديدة لممارسة التجارة والتسعير والرقابة مع تشديد بعض العقوبات إلى الحبس على أمل ضبط الأسعار ومحاربة الفساد المنتشر بشكل كبير في الأسواق وبين التجار .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2