تسلّط الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى جنوب لبنان، عشية عيد الاستقلال، الضوء على مرحلة دقيقة يعيشها هذا القطاع في ظل استمرار التوترات مع إسرائيل وتكثيف النقاش الداخلي حول خطة ضبط السلاح جنوب الليطاني، الزيارة جاءت في توقيت حساس، ما جعلها محط متابعة لجهة الرسائل التي تحملها، سواء باتجاه الداخل أو نحو الأطراف الدولية المعنية بملف وقف الأعمال العدائية.
أبرز ما جاء خلال الجولة هو إعادة تأكيد القيادة السياسية والعسكرية على ثبات موقف الجيش في تنفيذ الخطة المقررة وانتشاره في المناطق الحدودية. طرح الرئيس عون موقفاً واضحاً من الحملات التي تطال المؤسسة العسكرية، مقدّماً مقاربة تعتمد على تثبيت دور الجيش كجهة تتحمّل مسؤولياتها في الظروف الحالية، مع التشديد على استمرار العمل في القطاع رغم الخسائر التي تكبّدها منذ بدء التنفيذ.
العرض العسكري – الميداني الذي قُدّم خلال الاجتماع في قيادة قطاع جنوب الليطاني تضمّن تفاصيل تتعلق بإزالة الذخائر، ضبط الأسلحة، وانتشار الوحدات في المواقع المحددة، إضافة إلى رصد الخروقات الإسرائيلية للخط الأزرق ومساحات تعدّت فيها الآليات الإسرائيلية الحدود المعترف بها دولياً. كما تم استعراض آخر ما دار في اجتماعات لجنة "الميكانيزم" المعنية بوقف الأعمال العدائية، بما يعكس المتابعة المستمرة لهذا الملف الحيوي.
المواقف التي صدرت عن قائد الجيش العماد رودولف هيكل جاءت مكملة للصورة العامة، بتأكيده أن المؤسسة العسكرية مستمرة في تنفيذ خطتها رغم التحديات الاقتصادية والأمنية. وتطرّق إلى جهود الجيش في ملفات أخرى، منها ضبط الحدود ومحاربة المخدرات والتصدي لمحاولات العبث بالأمن، في إطار رؤية تعتبر أن الاستقرار يتطلب تعاوناً وطنياً شاملاً.
أما سياسياً، فتأتي الزيارة في لحظة تشهد ترقّباً لخطوات مقبلة تتصل بملف اقتراع المغتربين ومشاريع القوانين المرتبطة به داخل البرلمان.
هذا السياق يضفي على الجولة بعداً داخلياً إضافياً، إذ يتقاطع الأمني بالسياسي في مرحلة تتطلب ضبط إيقاع المعالجات على مستويات عدة.
في المحصّلة، تبرز الزيارة كتأكيد على حضور الدولة في الجنوب، وتعيد طرح الأسئلة حول كيفية إدارة المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تفاعل الملفات الحدودية والانتخابية والاقتصادية في آن واحد، وفي ظل بيئة إقليمية تتغيّر معادلاتها بشكل متسارع.