تشهد إسرائيل، وفق ما نقلته صحيفة معاريف العبرية، حالة استنفار دبلوماسي وأمني غير مسبوقة قبل القمة المقررة الأسبوع المقبل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وسط تقديرات في تل أبيب بأن نتائج هذا اللقاء قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة في المنطقة وتؤثر مباشرة على موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو داخلياً.
أجندة القمة: النووي السعودي وتوسيع "إبراهيم"
تقول معاريف إن الوفد السعودي سيحمل إلى واشنطن ملفات "ثقيلة"، أبرزها طلب شراء مفاعلات نووية مدنية وطائرات مقاتلة متقدمة من طراز F-35 وF-15EX، إضافة إلى منظومات دفاع وهجوم صاروخية. ووفقاً لمصدر سياسي إسرائيلي، فإن الرياض "قادمة بحقائب من الأموال" في إطار صفقة ضخمة من شأنها دعم الاقتصاد الأمريكي وتسريع التفاهمات بين الجانبين.
لكن البعد الأهم، بحسب التقرير، يتمثل في الرؤية الأمريكية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط على مستويين:
أولاً: تحميل السعودية مسؤولية سياسية وإدارية عن مرحلة ما بعد الحرب في غزة، بحيث تكون "القوة المعتدلة" التي تضمن استقرار القطاع ضمن تصور أمريكي لتقليص نفوذ إيران وتركيا هناك.
ثانياً: إدماج الرياض رسمياً في اتفاقيات أبراهام، تمهيداً لتوسيعها نحو دول أخرى بينها سوريا، في إطار مشروع تطبيع شامل تسعى إدارة ترامب لإعادة إحيائه مع نهاية ولايته.
نتنياهو في الانتظار وسط عواصف الداخل
ترى الصحيفة أن نتنياهو يراقب القمة باهتمام شديد، إذ يراهن على نتائجها لتعزيز موقعه السياسي داخل الائتلاف الحاكم الذي يشهد تصدعات متزايدة بسبب قانون التجنيد ومطالب الأحزاب الدينية. كما يواجه رئيس الوزراء انتقادات حادة على خلفية استمرار العمليات العسكرية في غزة وتدهور الوضع على الجبهة الشمالية.
مصدر سياسي إسرائيلي قال إن "أي تقارب سعودي–أمريكي–إسرائيلي سيمنح نتنياهو طوق نجاة سياسي، أما فشل القمة فقد يفتح الباب أمام انتخابات مبكرة أو إعادة خلط أوراق الائتلاف بالكامل".
الملف السوري يدخل على الخط
في سياق متصل، أشارت معاريف إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع قام بزيارة مفاجئة إلى واشنطن، التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية".
وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، تحدث الشرع عن "مفاوضات مباشرة" تجري بين دمشق وتل أبيب، مؤكداً أنه تم التوصل إلى "بعض التفاهمات الأولية"، لكنه شدد على أن أي اتفاق مستقبلي "لن يتم دون عودة إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو 1967".
وأضاف الشرع أن بلاده تسعى "للسلام العادل"، لكن إسرائيل، بحسب تعبيره، "تواصل انتهاك الاتفاقيات السابقة وتمارس احتلالاً غير مشروع للأراضي السورية".
خريطة جديدة للشرق الأوسط؟
التحركات السعودية والأمريكية والإسرائيلية تأتي في لحظة إقليمية حساسة تشهد تصاعداً في التوترات الإقليمية، من لبنان إلى غزة وسوريا.
ويُنظر إلى القمة المرتقبة بين ترامب وبن سلمان على أنها محور مفصلي في بلورة صفقة قد تعيد رسم خريطة التحالفات في الشرق الأوسط، في ظل محاولات واشنطن إعادة بناء النظام الإقليمي بعد سلسلة الحروب والتصدعات التي شهدتها المنطقة خلال العامين الأخيرين.
تسعى إسرائيل لاستثمار هذا اللقاء التاريخي ليس فقط لتوسيع دائرة التطبيع، بل لضمان بقاء نتنياهو في السلطة عبر اتفاق استراتيجي يربط واشنطن بالرياض وتل أبيب في منظومة أمنية واحدة.
لكنّ دخول الملف السوري على خطّ المفاوضات يعقّد الحسابات الإسرائيلية، ويعيد طرح السؤال الأكبر:
هل تتجه المنطقة نحو تسوية شاملة أم نحو تصعيد جديد تُفرض فيه شروط "السلام" من موقع القوة؟