الخط الأصفر يفصل غزة: هل أصبح الانقسام واقعًا دائمًا؟

2025.11.11 - 02:04
Facebook Share
طباعة

وسط تعثر الجهود الرامية لتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، حذر مسؤولون أوروبيون ودبلوماسيون دوليون من أن القطاع قد يواجه تقسيمًا فعليًا على الأرض بين مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية وأخرى تسيطر عليها حركة حماس، في حال استمرار الجمود الحالي وغياب أي ضغط فعّال على الأطراف المعنية.

توقف المرحلة التالية وخطر الاستقرار الجزئي

أفاد ستة مسؤولين أوروبيين مطلعين على تفاصيل خطة ترامب بأن المرحلة التالية، التي كان من المفترض أن تشمل انسحابًا أكبر للجيش الإسرائيلي ونشر سلطة انتقالية متعددة الأطراف، توقفت عمليًا، وأن إعادة الإعمار قد تقتصر في الوقت الحالي على المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

وقال هؤلاء المسؤولون إن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى تقسيم غزة على الأرض بطريقة تستمر لسنوات، حيث تصبح مناطق سيطرة إسرائيلية ومناطق أخرى تحت حكم حماس واقعًا قائمًا، ما يخلق شقوقًا سياسية وأمنية طويلة الأمد داخل القطاع.

دور الولايات المتحدة والضغط الدولي

وأكد المسؤولون أن نجاح الخطة يعتمد بشكل رئيسي على وجود ضغط أميركي فعال على إسرائيل لقبول دور للسلطة الفلسطينية في القطاع، وتحقيق تفاهم مع حماس حول مراحل نزع السلاح وإعادة الإعمار. وبغياب أي جهود واضحة لكسر الجمود، يبدو أن "الخط الأصفر" المتفق عليه سابقًا سيكون الحد الفعلي الذي يقسم غزة، وفق 18 مصدرًا مطلعًا بينهم مسؤولون أوروبيون ومسؤول أميركي سابق مطلع على المحادثات.

وقد صاغت الولايات المتحدة مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي، تهدف إلى منح القوة متعددة الجنسيات وهيئة حكم انتقالية ولاية مؤقتة لمدة عامين، لكن عشرة دبلوماسيين أكدوا أن حكومات عدة ما تزال مترددة في إرسال قواتها إلى القطاع، وهو ما يزيد من احتمالية استمرار الوضع الراهن لفترة طويلة.

السيطرة الأمنية وملف السلاح

تظل مسألة نزع سلاح حماس من أبرز العقبات أمام تنفيذ الخطة. وأوضح مسؤولان أوروبيان ودبلوماسي غربي أن هناك مقترحات قيد النقاش تسمح لحماس بتسليم سلاحها تحت إشراف دولي، بدلاً من تسليمه لإسرائيل أو لأي قوة أجنبية، بهدف تخفيف الاحتكاك بين الأطراف، وضمان استمرار الأمن النسبي في القطاع أثناء مرحلة إعادة الإعمار.

المرحلة الأولى: السيطرة الإسرائيلية على نحو نصف القطاع

بموجب المرحلة الأولى التي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، يسيطر الجيش الإسرائيلي حاليًا على نحو 53% من القطاع المطل على البحر المتوسط، بما يشمل معظم الأراضي الزراعية، إضافة إلى مدينة رفح جنوبًا وأجزاء من مدينة غزة وبعض المناطق الحضرية المهمة.

وشهدت هذه المرحلة تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المعابر الحيوية وقطاع الخدمات الأساسية، ما أعاق تحركات السلطة الفلسطينية وحماس على حد سواء، وأدى إلى اعتماد السكان على تدخلات إنسانية محدودة تحت إشراف مؤسسات دولية محدودة.

المرحلة الثانية: انسحاب محدود وإنشاء سلطة انتقالية

تتضمن المرحلة التالية من الخطة انسحابًا جزئيًا إضافيًا للجيش الإسرائيلي وصولاً إلى ما يسمى بـ"الخط الأصفر"، إلى جانب إنشاء سلطة انتقالية لإدارة شؤون غزة، ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات تتولى تدريجيًا المسؤوليات الأمنية من الجيش الإسرائيلي. كما تشمل الخطة نزع سلاح حماس وبدء عمليات إعادة الإعمار في المناطق التي يتم السيطرة عليها.

إلا أن هذه المرحلة لم تتضمن أي جداول زمنية محددة، كما أنها تواجه رفضًا واضحًا من حماس لنزع السلاح، ورفض إسرائيل السماح للسلطة الفلسطينية بأي دور في الإدارة، مع استمرار الغموض حول طبيعة ودور القوة متعددة الجنسيات.

 

يحذر الخبراء الأوروبيون والدبلوماسيون من أن استمرار الوضع الراهن قد يكرس واقعًا جديدًا في غزة، حيث تتحول الحدود الفعلية بين مناطق السيطرة إلى خط فصل دائم، يضاعف من الانقسام الداخلي ويزيد من احتمالية اندلاع صراعات محلية مستمرة.

ويشير مراقبون إلى أن هذا التقسيم الفعلي للقطاع قد يعقد جهود إعادة الإعمار، ويزيد من اعتماد السكان على المساعدات الإنسانية الدولية، كما سيؤثر على استقرار النظام السياسي الفلسطيني، ويزيد من ضعف أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة.


مع تعثر خطة ترامب، يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة، أبرزها:

1. إيجاد آلية لضمان مشاركة جميع الأطراف: دون اتفاق بين حماس وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، يبدو تنفيذ أي خطة لإعادة الإعمار أو نزع السلاح شبه مستحيل.


2. ضمان فعالية القوة متعددة الجنسيات: الغموض الحالي حول دور هذه القوة يعرقل أي خطط أمنية واضحة.


3. تجنب الانقسام الدائم: تقسيم غزة على الأرض يخلق واقعًا سياسياً وأمنياً معقدًا يصعب حله لاحقًا.


4. ضمان استمرار المساعدات الإنسانية: في ظل السيطرة الإسرائيلية على أجزاء واسعة من القطاع، يبقى المدنيون الأكثر تضررًا، ويتطلب الأمر تدخلات دولية عاجلة.

 


مع توقف خطة ترامب عن المضي قدمًا بعد المرحلة الأولى، وتحول "الخط الأصفر" إلى حد فاصل على الأرض، يواجه قطاع غزة خطرًا حقيقيًا من الانقسام الفعلي بين مناطق خاضعة لإسرائيل وأخرى لحماس، في ظل غياب جدول زمني أو آليات تنفيذ واضحة. ويشير الخبراء إلى أن استمرار الوضع الراهن دون ضغط دولي فعّال سيؤدي إلى بقاء هذا التقسيم لمدة سنوات، مع انعكاسات خطيرة على استقرار القطاع ومستقبل عملية السلام الفلسطينية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 4