شهدت الحدود اللبنانية – الإسرائيلية اليوم تصعيداً خطيراً بعد أن شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على مناطق في جنوب لبنان، استهدفت أطراف بلدتي طورا ومعركة، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى وأضرار مادية جسيمة.
إحدى الغارات استهدفت تجمعاً صناعياً يضم معملاً للحديد ومنشرة خشب، في منطقة تقع على أطراف بلدة طورا، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من مواقع القصف وسط حالة من الهلع بين المدنيين.
وأكدت المصادر الميدانية أن سيارات الإسعاف والدفاع المدني هرعت إلى مكان القصف، فيما فُرض طوق أمني على المنطقة خشية من تجدد الغارات.
ويعتبر هذا الهجوم الإسرائيلي من أعنف الضربات الجوية خلال نوفمبر الجاري، ما يثير مخاوف من أن تكون تل أبيب بصدد رفع وتيرة الضغط العسكري على الحزب بعد فشل محاولات التهدئة عبر قنوات دبلوماسية غير معلنة تقودها الأمم المتحدة وفرنسا.
في المقابل، تشير تسريبات من بيروت إلى أن حزب الله رفع من جاهزيته القتالية على كامل الخط الحدودي الممتد من بنت جبيل إلى العرقوب، وسط تحركات لافتة لوحدات الاستطلاع وسرايا الدعم اللوجستي في المناطق الجبلية القريبة من صور والنبطية.
اختبار للخطوط الحمراء أم تمهيد لمواجهة أوسع؟
يرى محللون عسكريون أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة تمثل رسالة مزدوجة:
من جهة، تسعى تل أبيب لتأكيد قدرتها على العمل بحرية في العمق اللبناني دون الانجرار إلى حرب شاملة.
ومن جهة أخرى، تختبر رد فعل حزب الله ومدى التزامه بقواعد الاشتباك غير المعلنة التي كانت تضبط الإيقاع بين الطرفين منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023.
ويُعتقد أن هذا التصعيد مرتبط جزئياً بالضغوط السياسية التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو داخلياً، إذ يحاول إعادة فرض معادلة "الردع عبر النار" أمام الرأي العام الإسرائيلي الذي ينتقد استمرار الهجمات من الشمال.
جبهة لبنان – خط النار الذي لا يهدأ
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، تحولت الحدود اللبنانية الجنوبية إلى ساحة توتر دائمة، حيث شنّ حزب الله مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى، وردّت تل أبيب بعشرات الغارات الجوية على الجنوب اللبناني.
ورغم الجهود الدولية المتكررة لتفادي التصعيد، إلا أن المعادلة الميدانية باتت أكثر هشاشة، مع تزايد احتمالات انزلاق الطرفين إلى مواجهة واسعة النطاق، خصوصاً إذا واصلت إسرائيل تنفيذ عملياتها العميقة داخل الأراضي اللبنانية.