الملف اليوم يبدو كتصعيد متعدد المستويات: إسرائيل تزيد الضغط الميداني بالضرب داخل الجنوب والعمق البقاعي وتعرض شروطها لإدارة الهدوء عبر رسائل ميدانية وسياسية في آن واحد، بينما الولايات المتحدة تحاول ضبط الإيقاع وتفضّل منح بيروت مهلة لتقدّم خطوات عملية في حصر السلاح وفتح قناة تفاوضية.
دخول «الخماسية» — مصر وفرنسا والسعودية وقطر وأصدقاء آخرين — على خط التحذير يعنِي أن المجتمع الدولي صار يرى خطر تدهور الوضع إلى مواجهة أوسع قد تشعل المشهد الإقليمي.
المعطى الأهم هو أن الرسائل لم تعد كلامًا دبلوماسيًا فقط، بل ترافقها عمليات ميدانية تستهدف خلق واقع عسِكي يُسوق فرضية أن الحلول الداخلية بطيئة وغير قابلة للانتظار.
هذا يضع لبنان الرسمي أمام امتيازين متعارضين: إما الاستجابة الفعلية والسريعة لمطلب حصر السلاح وإظهار إرادة تفاوضية قابلة للتدقيق، أو مواجهة ضغوط متصاعدة قد تصل إلى تغطية أمريكية لضربات أوسع.
يرى مراقبون أن الاختبار الحقيقي هنا ليس في تلقي التحذيرات، وانما في قدرة القيادة السياسية والأمنية على ترجمتها إلى خطوات عملية واضحة تقطع المبررات الخارجية للتصعيد من منظور إسرائيل والشركاء الدوليين.
ثلاث نقاط محورية للمراقبة الفورية:
١ـ قدرة الدولة على تقديم خارطة طريق قابلة للتنفيذ لحصر السلاح وإجراءات ملموسة للتفكيك والاندماج والمساءلة
٢ـ مواقف واشنطن الفعلية خلال الأيام المقبلة وإمكانية منحها حدًّا زمنيًا لتنفيذ الالتزامات اللبنانية
٣ـ مدى تنسيق القاهرة وباريس والرياض والدوحة في نقل رسالة موحّدة تحمل عواقب حقيقية في حال المماطلة
إذا فشلت السلطة في تحويل التحذيرات إلى إجراءات، فاحتمال أن تتلاقى الضغوط الميدانية والدبلوماسية لفرض واقع جديد على الأرض يبقى مرتفعاً.