لبنان: أزمة القمح تهدد الأمن الغذائي الوطني

2025.10.26 - 03:18
Facebook Share
طباعة

يمثل إنتاج القمح في لبنان حجر الزاوية للأمن الغذائي الوطني، حيث يعتمد المواطنون بشكل كبير على الخبز كمكون أساسي في الغذاء اليومي تواجه زراعة القمح تحديات مزدوجة تتمثل في الضغوط المناخية والصعوبات الاقتصادية، إلى جانب التوترات الأمنية في بعض المناطق، ما يجعل قدرة الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي محدودة.
في ظل الاعتماد الكبير على الاستيراد، يبرز التساؤل حول مدى فعالية السياسات الوطنية الحالية وقدرتها على حماية الأراضي الزراعية ودعم المزارعين المحليين لضمان استقرار الإنتاج الغذائي في المستقبل.

واقع زراعة القمح في لبنان:

في تصريحات لـ وزير الزراعة نزار هاني، أكد أن لبنان يعتمد على نوعين من القمح: القمح الطري المستخدم في صناعة الخبز، والقمح القاسي المستخدم في صناعة المعكرونة والفريكة. وأشار إلى أن نحو 80% من القمح الطري المستهلك يتم استيراده من أوكرانيا وروسيا، في حين يغطّي الإنتاج المحلي جزءًا ضئيلاً من الطلب ويزرع 80% من القمح القاسي في سهل البقاع، و20% من القمح الطري في عكار والجنوب، على مساحة سنوية تتراوح بين 80,000 و100,000 دونم.

وزارة الزراعة تتولى الإشراف على الإنتاج الزراعي في الحقول، بينما تتولى مديرية الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد تأمين حاجات البلاد من القمح ومراقبة جودة الإنتاج في المطاحن والأفران.

التخزين والمخزون الاستراتيجي:

في تصريحات أخرى، أشار الوزير هاني إلى أن قبل انفجار مرفأ بيروت، كانت الصوامع قادرة على تخزين 125 ألف طن تكفي لحوالي أربعة أشهر بعد الكارثة، أصبح الاعتماد على صوامع المطاحن، ويقدّر المخزون الحالي بين 60,000 و70,000 طن، أي ما يكفي لمدة شهرين إلى شهرين ونصف، بينما تبلغ الحاجة السنوية نحو 600,000 طن من القمح الطري.

أبرز التحديات:

1. التغير المناخي: الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة، الأمراض النباتية، وتأخر الزراعة نتيجة نقص الأمطار.

2. الأمن والنزاعات: ولاسيما في الجنوب والمناطق الحدودية حيث تعيق التوترات وصول المزارعين إلى أراضيهم.

3. نقص التخزين الاستراتيجي: غياب صوامع كافية يجعل لبنان عرضة لتقلبات السوق وتأخير الشحنات.

4. ارتفاع كلفة الإنتاج: الإنتاج المحلي مكلف وقد لا يكون مجديًا اقتصاديًا للمزارعين.

5. ضعف السياسات والدعم: قلة الدعم المالي والفني تعرقل جهود تعزيز الإنتاج المحلي.

خطوات تطوير الإنتاج المحلي:

من جانبه، تعمل وزارة الزراعة وفق استراتيجيتها الممتدة من 2026 إلى 2035 على خطة شاملة لتعزيز إنتاج القمح، بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، لضمان الأمن الغذائي. وتشمل هذه الجهود:
_تحسين وإكثار بذار القمح عبر مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية.

_دعم مباشر للمزارعين من قبل منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، يتضمن توزيع بذار القمح الطري ودعم تقني وتدريبات للممارسات الزراعية الجيدة.

_مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع البنك الألماني لإحياء سلسلة إكثار البذار، حيث تم إنتاج بذار موثّق من القمح القاسي والطري والشعير، بهدف الوصول إلى اكتفاء ذاتي خلال موسمين.

لبنان يعتمد على مزيج من الإنتاج المحلي والاستيراد لتأمين القمح، لكن التحديات المناخية والأمنية والاقتصادية تزيد من هشاشة هذا القطاع الحيوي لا يمكن ضمان الأمن الغذائي إلا من خلال سياسات زراعية واضحة ودعم مستمر للمزارعين، إضافة إلى تطوير التخزين الاستراتيجي وتحسين سلسلة إكثار البذار المحلية لضمان استمرارية الإنتاج في السنوات المقبلة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6