نصف عام من الجهود "السرية" يتهاوى بكلمة
في تطور يعكس هشاشة مسار التطبيع بين تل أبيب والرياض، فجّر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أزمة دبلوماسية جديدة بعدما وجّه تصريحات اعتُبرت "مهينة" بحق السعودية، لتقوّض، بحسب مسؤولين إسرائيليين، نصف عام من العمل الهادئ الذي كانت تقوم به قنوات غير معلنة لتقريب المواقف بين البلدين.
من السخرية إلى الاعتذار
نقلت القناة 12 العبرية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن سموتريتش، خلال مؤتمر نظمه معهد "تسومت" وصحيفة "مكور ريشون"، سخر من السعودية قائلا:
> "لا شكرًا، استمروا في ركوب الجمال في الصحراء"،
وذلك ردا على طرح سعودي مفترض لتطبيع العلاقات مقابل قبول إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية.
وأضاف الوزير الإسرائيلي أن بلاده "لن تقيم دولة فلسطينية أبدا"، ما فُسّر في الرياض على أنه إهانة مزدوجة: سياسية وثقافية.
مصادر إسرائيلية أكدت أن هذه التصريحات "ألحقت أضرارا سياسية جسيمة"، ووصفتها بأنها "دمّرت نصف عام من العمل الدبلوماسي الهادئ" مع السعودية، كان يهدف إلى تهيئة الأرضية لاتفاق تطبيع محتمل بدعم أمريكي.
وخلال رحلته إلى الهند الشهر الماضي، مرّ سموتريتش عبر دبي حيث تلقى تحذيرات مباشرة من مسؤول إماراتي رفيع المستوى بشأن "خطورة خطابه المتشدد" على مستقبل اتفاقيات إبراهيم، غير أنه تجاهل تلك التحذيرات وأعلن لاحقًا خطته لضم أجزاء من الضفة الغربية.
وبعد تصاعد الجدل، نشر سموتريتش اعتذارا مقتضبًا عبر منصة "إكس"، قال فيه: "كان تصريحي عن السعودية غير موفق، وأنا آسف على الإهانة التي سببتها. ومع ذلك، أتوقع من السعوديين ألا ينكروا الحقوق التاريخية للشعب اليهودي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وأن يعملوا معنا من أجل سلام حقيقي."
لكن الاعتذار لم يبدّد آثار الأزمة، إذ اعتبرته أوساط إسرائيلية "محاولة شكلية لاحتواء الغضب الخليجي" دون تغيير حقيقي في مواقفه.
التطبيع في مهبّ الريح
تأتي تصريحات سموتريتش في لحظة سياسية حساسة، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل أيام عن "اقتراب اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي"، في إطار ما سماه "خطة السلام الجديدة" التي يسعى لإحياءها حال عودته إلى البيت الأبيض.
ويخشى مراقبون في تل أبيب أن تترك هذه الأزمة أثرًا طويل المدى على العلاقات مع السعودية، خاصة في ظل انقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية بين تيار يؤيد الانفتاح العربي، وآخر يقوده سموتريتش وبن غفير يرفض أي تنازل سياسي، خصوصا ما يتعلق بقيام دولة فلسطينية.
ويرى محللون أن "حادثة سموتريتش" قد تُعيد الرياض إلى مربع الحذر، وتمنحها مبررًا لتأجيل أي انفتاح دبلوماسي جديد على إسرائيل، ما لم تُقدم تل أبيب على خطوات تصحيحية ملموسة.