الأزمة في لبنان: هل اللامركزية هي الحل؟
إعداد - رؤى خضور
عرف لبنان نماذج سياسية عديدة تبعاً للمرحلة بدءاً من النموذج التوافقي حتى الحرب الأهلية في العام 1975، والذي استُبدل في نهاية الحرب عام 1990 بنظام تعددي للأحزاب الوطنية التي شملت قادة زمن الحرب وطبقة جديدة من رجال الأعمال، ليبدأ هذا النظام في الانهيار في أواخر العام 2019 نتيجة الديون الكبيرة وتراجع تدفقات رأس المال.
انتهت حرب لبنان في العام 1990، بعد عام من موافقة مجلس النواب على اتفاق الطائف، الذي تم فيه تعديل الدستور، وتوزيع السلطة بين الطوائف الدينية، ويبدو الآن أن الوقت قد حان للتفكير في إعادة تصور لبنان، والعامل الرئيس الذي يشجع مثل هذا التفكير هو وجود حزب الله، نظرًا لأن الحزب أقوى من أن يتم استدعاؤه من قبل الدولة ولأنه مندمج بشكل وثيق مع إحدى الطوائف الدينية الرئيسة في لبنان، لذا قد يكون الخيار الأفضل هو التحرك نحو اللامركزية، بالرغم من أن التقسيم لا يمكن أن ينجح في كيان صغير مثل لبنان، لكن الطائف أرست الأساس لعملية اللامركزية الإدارية، وبحسب الطائف، فإن هذا سيشمل توسيع سلطة رؤساء المحافظات، والمناطق الإدارية الصغيرة، وإنشاء مجالس لكل قضاء، ويوفر بعض الحرية، بالتالي يمكن توسيع مقترحات الطائف، فبدلاً من تعيين المحافظين ورؤساء الأقضية من قبل الحكومة المركزية، يتم إجراء انتخابات المحلية لملء هذه المناصب، والغرض من ذلك هو السماح لكل محافظة وقضاء بالعمل بطريقة مستقلة نوعاً ما عن بقية المناطق، وبنظر المؤيدين لهذا النظام، فإن التركيبة السكانية الطائفية غير مهمة هنا، بالتالي بمقدور الأقليات إدارة شؤونهم الخاصة في مناطقهم، وربما يكون ذلك خطوة أولى نحو الفيدرالية.
لا شك أن هناك نواحٍ سلبية عديدة لهذه الفكرة، فنظام كهذا من شأنه أن يقوي الزعماء والأحزاب الطائفية في المناطق التي يسيطرون عليها على حساب المعارضين لهم، بعبارة أخرى، يمكن نقل القبضة الطائفية للكارتل السياسي إلى المستوى المحلي، لكن الجانب الإيجابي هو أن لبنان قابل لامتلاك أحزاب تعددية قوية محلياً، حيث تهيمن الروابط الشخصية والعائلية.
في كافة الأحوال، مع استمرار لبنان في التفكك، فإن نظامه السياسي منهار بكل تأكيد، ويبدو الآن أن الوقت قد حان للتفكير في إعادة تصور لبنان، سواء كان ذلك يتعلق باللامركزية أو نظاماً آخر يمنح اللبنانيين دورًا أكبر في تقرير مصيرهم.
