بعد عام على الخلاف.. خطوة جديدة بين السعودية وباكستان

إعداد - رؤى خضور

2021.03.27 - 02:46
Facebook Share
طباعة

 بعد الخلاف المُعلَن في العام الماضي بين باكستان والمملكة العربية السعودية، والذي بلغ ذروته مع مطالبة الرياض لإسلام أباد بالسداد المبكر لقروض بقيمة 3 مليار دولار، خفت حدة التوترات بين البلدين منذ ذلك الحين، ويبدو أن باكستان والمملكة العربية السعودية في خضم إعادة ضبط للعلاقات.


وبحسب ما ورد، اختارت الرياض عدم قبض ما تبقى من قرضها بعد سداد إسلام أباد 2 مليار دولار من القرض حتى الآن، وفي الشهر الماضي أصدرت وزارة الخارجية الباكستانية بيان دعم للقيادة السعودية بعد نشر تقرير المخابرات الأمريكية بشأن اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي.


وبالرغم من المسار المتحسن للعلاقات السعودية الباكستانية، فإن إعادة العلاقات ستقتصر على التعاون الاقتصادي والعسكري المتواضع نظراً لنمو الشراكة الباكستانية التركية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية بين المملكة العربية السعودية مع الهند، عدو باكستان اللدود.


من عام 2018 حتى عام 2019 ، بدا الأمر كما لو أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (MBS) تربطهما صداقة ناشئة.

لكن الجغرافيا السياسية أدت إلى نهاية مفاجئة لصداقة خان محمد بن سلمان، ففي آب/أغسطس 2019، ضمت الهند منطقة جامو وكشمير المتنازع عليها مع باكستان، وبالنظر إلى ضخامة هذه الخطوة توقعت باكستان دعماً من كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، اللتين يُنظر إليهما على أنهما شريكان منذ فترة طويلة ودول إسلامية شقيقة، لكنهما امتنعا عن تقديم تضامن ملموس.


وعندما نأت أبوظبي والرياض بأنفسهما عن القضية الكشميرية، بدأت أنقرة في الانحياز إلى الموقف الباكستاني بشأن النزاع، واستمرت شراكتهما في النمو، كما واصلت باكستان الجهود لتعزيز التعاون الحدودي والتجارة مع إيران، لذا بحلول منتصف العام 2020، كان لدى الرياض ما يكفي تجاه إسلام أباد، وأصبح الخلاف علنياً عندما انتقد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي السعوديين على قناة إخبارية محلية، ليبدو واضحاً حينها أن صداقة خان ومحمد بن سلمان قد انتهت.


لكن في الحقيقة، فإن تدهور العلاقات بدأ قبل ذلك بكثير، ففي العام 2014 ، قدمت الرياض قرضاً بقيمة 1.5 مليار دولار للحكومة الباكستانية، التي صدمت السعوديين في العام 2015 برفضها (الحكيم) للانضمام إلى حرب اليمن، وأصدر البرلمان الباكستاني حينها قراراً يدعو إلى حياد حكومتهم في هذه الحرب.


في غضون ذلك، بدأت إسلام أباد في الانتقال إلى أصحاب نفوذ آخرين في المنطقة مثل قطر وتركيا، في حين واصل السعوديون استمالة الهند، إذ ترى السعودية أن الهند أكثر أهمية لها بكثير، ففي العام 2018، استوردت الهند ما قيمته 21.2 مليار دولار من النفط السعودي، في حين استوردت باكستان بقيمة 1.9 مليار دولار. 


لكن في كافة الأحوال، ينبغي أن تقدم أزمة العام الماضي في العلاقات مع المملكة العربية السعودية دروساً لأصحاب النفوذ في باكستان.


أولاً، لا يهم التاريخ كثيراً في العلاقات الثنائية اليوم، فالعلاقة التي وصفها رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي بن فيصل في زمان مضى بأنها "واحدة من أقرب العلاقات في العالم بين أي بلدين دون أية معاهدة رسمية"، يبدو أنها اليوم عكس ذلك.


ثانيًا، الأخذ بالاعتبار أن المساعدة السعودية، الآن أكثر من ذي قبل، لها ثمن، وإذا كانت باكستان غير مستعدة لدفع هذا الثمن المتمثل بالقتال في حروب المملكة العربية السعودية والابتعاد عن منافسيها، فالأفضل تجنب السعي للحصول على مساعدة اقتصادية من السعوديين.


ثالثًا، على باكستان المضي في الإصلاحات التي تسهل الاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك الاستثمار من المملكة العربية السعودية، فالسعوديون كانوا عازمين على القيام باستثمارات واسعة النطاق في باكستان في العام 2019، لكن حكومة باكستان لم تكن مستعدة لتحقيق تلك المقترحات. 


أخيرًا، العسكرية الباكستانية تهم السعوديين عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الثنائية، وسيواصل البلدان التعاون الدفاعي، بما في ذلك التدريبات المشتركة والبعثات التدريبية، لكن من غير المرجح أن تُترجم مثل هذه الارتباطات إلى تحالف استراتيجي متجدد بين الرياض وإسلام أباد. 


في المحصلة، فإن النهج السليم لباكستان هو الحفاظ على حسن النية مع السعوديين، وإجراء الإصلاحات اللازمة لتصبح وجهة استثمارية جذابة، والعمل على شراكات استراتيجية أكثر قابلية للتطبيق في أماكن أخرى في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4