التطبيع مع "إسرائيل": فلسطين الضحية

إعداد - رؤى خضور

2021.03.26 - 03:01
Facebook Share
طباعة

 مع تقارب العلاقات بين دول الخليج العربي، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، مع الكيان الصهيوني يوماً بعد يوم، تبدأ التوقعات بإنشاء تحالف بينها، فالإمارات اليوم أول دولة عربية تلغي نظام السفر بتأشيرة مع "إسرائيل"، ولا شك أن هذا التقارب مفهوم بناءً على مقولة "عدو عدوي صديقي" على اعتبار أن إيران والإخوان المسلمين أعداء مشتركون، لكن ما يؤسف أن الإمارات هي ذاتها التي ولدت الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي علّق، في زمان مضى، مبيعات النفط للدول الداعمة للكيان خلال حرب 1973 على مبدأ أن "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي"، لتتحول إلى دولة خصصت 10 مليارات دولار من الأموال للاستثمارات المباشرة في إسرائيل، وبالرغم من مرور عام فقط على بدء التطبيع، فالعواقب الوخيمة على فلسطين بدأت تتكشف، ومن المؤكد أنه سيكلف الفلسطينيين غالياً عبر زيادة تقسيم فلسطين داخلياً وعزلها دولياً.


كانت قضية فلسطين في يوم من الأيام من أهم قضايا القومية العربية وتصدرت جدول أعمال جميع الدول العربية، لكن مع الظروف العالمية والإقليمية المتغيرة، وموت القادة العرب أصحاب الحضور، تحولت القضية الفلسطينية تدريجياً إلى حكاية تستند فقط إلى الخطابة بدلاً من العمل، ولم تؤخذ بعين الاعتبار في "صفقة القرن"، ليس ذلك فحسب، بل أدت هذه الاتفاقيات إلى تفاقم الانقسام السياسي الفلسطيني، إذ من المعروف أن الإمارات تنظر إلى الفلسطيني محمد دحلان، الذي لعب دوراً نشطاً في كل من عملية التطبيع وصفقة القرن، كبديل لمحمود عباس. 


دحلان، العضو السابق في حركة فتح والمقيم حالياً في الإمارات، هو العقل المدبر وراء السياسات الإماراتية الفلسطينية، ومن الجيد للإمارات أن دحلان يسعى إلى تقويض سلطة عباس، وقد نتذكر أن الإمارات العربية المتحدة أرسلت حزمتي إغاثة COVID-19 إلى فلسطين في شحنتين جويتين إلى مطار بن غوريون الصهيوني، متجاهلة السلطات الفلسطينية، حينها لم يكن أمام عباس خيار سوى رفض حزم الإغاثة لأنها أرسلت من خلال السلطات الصهيونية، وبذلك حاولت الإمارات تدمير صورة عباس في عيون الفلسطينيين. 


أما تحركات الإمارات المؤيدة للفلسطينيين فيما يتعلق بضم الضفة الغربية، التي تعتبر أرضاً فلسطينية لكن الكيان ينوي ضمها، ليست حقيقية، إذ تدّعي الإمارات أن خطط الضم قد تم التخلي عنها، في حين تقول تل أبيب إنها خطط مؤجلة فقط وأن الضم سيحدث في المستقبل، ومحاولات الإمارات للتستر على هذه الحقيقة باستخدام عبارات مختلفة عن التطبيع تكشف نفاقها. 


لا تقتصر معاناة فلسطين على انقساماتها الداخلية وعدم صدق الصهاينة في وقف ضم الضفة الغربية، فالتطبيع مع الصهاينة بمبادرة من الإمارات، وبعدها دول مثل البحرين والمغرب والسودان، نسف الورقة الرابحة الأخيرة للفلسطينيين المتمثلة في رفض الدول العربية الاعتراف بإسرائيل وعزلها في المنطقة، ويمكن لموجة التطبيع هذه أن تشجع الدول الأخرى التي لديها علاقات سرية مع الكيام على أن تحذو حذوها.


بهذا المعنى، فإن الاعتراف بإسرائيل من قِبل "الأعداء الرئيسين" لها، سوف يزيد من استحالة استعادة حدود عام 1967، أي إقامة حل الدولتين العادل، ويزيد من إضعاف الموقف الفلسطيني.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7