السر وراء تحوّل نتنياهو إلى "عاشق للعرب"

إعداد - رؤى خضور

2021.03.23 - 05:07
Facebook Share
طباعة

 إنها انتخابات "إسرائيلية" أخرى متنازع عليها بشدة، وهي الرابعة خلال عامين، بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، يقاتل مرة أخرى بشراسة ضد منافسيه على أمل الفوز بأغلبية برلمانية حاسمة لفرض تشريع بإلغاء محاكمته الحالية بشأن الفساد، لكن شيئاً ما مختلف تماماً هذه المرة، فبعد ستة أعوام من الحملات التي وصف فيها نتنياهو مراراً أصوات الأقلية الفلسطينية في البلاد بأنها تهديد للديمقراطية اليهودية المزعومة، وبعد مهاجمة خصومه السياسيين على أنهم "محبين للعرب"، يبدو أن مبادئه قد تحولت جذرياً، فقد كان خلال هذه الانتخابات حريصاً على كسب 1.8 مليون مواطن فلسطيني في البلاد لدرجة أنه قام بلصق لوحات إعلانية في مدنهم، وأعاد تسويق نفسه باسم "أبو يائير" متبعاً العرف العربي في الألقاب. 


في غضون ذلك، قام نتنياهو بزيارات خلال الشهور الثلاثة الماضية إلى التجمعات الفلسطينية المهمَلة، وهو ما لم يقم به في حياته السياسية الطويلة، كما أن حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي تروج لسياسة حسن الجوار الجديدة، واقترح أيضاً أنه قد يعين في مجلس الوزراء أول مسلم في قائمة مرشحي حزب الليكود، ويبدو أن هذه الحيل تعمل، وأن حزبه الليكود قد يحصل على مقعد أو مقعدين من الناخبين الفلسطينيين، ليكونوا على الأرجح مفتاح فوزه في الانتخابات.  


لكن ما سبب التغيير الواضح لنتنياهو؟ ولماذا غيّر بسرعة نهج الأحزاب الصهيونية الأخرى تجاه الأقلية الفلسطينية؟ 

اتفق محللون تحدثوا إلى موقع Middle East Eye على أن نتنياهو منخرط في مواقف سياسية لا يحسد عليها، وللمفارقة، فإنهم يشيرون إلى أن المغازلة الحالية للجمهور الفلسطيني دليل على أن الأحزاب الفلسطينية أضعف وأكثر انقساماً مما كانت عليه منذ أعوام، وأشار المحللون إلى أن تغيير نتنياهو لمساره هو ببساطة أحدث استراتيجية لإضعاف التصويت الفلسطيني في "إسرائيل"، فهو يتصارع مع مشكلة كيفية التعامل مع الكتلة الكبيرة للأقلية الفلسطينية من الأصوات منذ أن شكلت أحزابها الرئيسة الأربعة القائمة المشتركة في العام 2015، ومنذ ذلك الحين، ظهرت القائمة المشتركة كثالث أكبر حزب في البرلمان حيث احتشد الناخبون الفلسطينيون بشكل متزايد خلفها، وفازت العام الماضي بعدد قياسي من المقاعد بلغ 15 في البرلمان المؤلف من 120 عضواً، وقد أدى ذلك لإحباط جهود نتنياهو في تشكيل حكومة ائتلافية قومية متطرفة بأغلبية واضحة من المقاعد التي يحتاجها لتمرير قانون الحصانة لمنع محاكمته رغم محاولته إبطال نفوذ القائمة من خلال تخويف قاعدته من أجل التصويت بأعداد أكبر.


لكن بحلول انتخابات 2019، غيّر نتنياهو تكتيكاته وسعى إلى ترهيب الأقلية الفلسطينية للبقاء في المنزل، أرسل "مراقبي" حزب الليكود مسلحين بكاميرات إلى مراكز الاقتراع في التجمعات الفلسطينية، وبعد أن قضت المحاكم بأن استخدام حزبه للكاميرات غير قانوني، حاول نتنياهو في الانتخابات التالية تشويه الجمهور الفلسطيني ووصفه بأنه يهدد "بالقضاء علينا جميعاً"، إلا أن هذه التكتيكات جميعها جاءت بنتائج عكسية، لذلك يتبع نتنياهو الآن تكتيكاً ثالثاً وهو "فرّق تسد"، تجلى في خطابه الأخير عندما انتقد بشدة القائمة المشتركة، وسلط الضوء على المكاسب الكبيرة من اللقاحات التي حصل عليها لإسرائيل، ووعد بميزانيات إضافية لوقف موجة العنف الإجرامي في المجتمعات الفلسطينية، كما أشار إلى أن الأقلية الفلسطينية ستستفيد من ثمار "اتفاقيات السلام" الأخيرة مع دول الخليج، والمعنى الضمني هو أن عقوداً من التمييز المنهجي قد تكون على وشك الانتهاء، وخاطب المواطنين الفلسطينيين بقوله "الليكود هو بيتكم"، ونجحت مناورته في دب الخلاف داخل القائمة المشتركة وفصل أحد أحزابها الأربعة، الفصيل الإسلامي المحافظ في القائمة العربية الموحدة (UAL). 


لكنه في نفس الوقت الذي يتودد فيه إلى الأقلية الفلسطينية، كان نتنياهو أيضاً يشكل تحالفاً انتخابياً مع حزب القوة اليهودية المناهض للعرب بشدة، والذي تم حظره باعتباره منظمة إرهابية في التسعينيات. 


لكن الأهم أن قلة من المحللين يعتقدون أن المواطنين الفلسطينيين سينخدعون في التصويت لنتنياهو، فهو قبل كل شيء رئيس وزراء الصهاينة، وعندما يخاطب الجمهور الفلسطيني فهو يهين ذكاءهم، وكأنهم نسوا تحريضه ودوره في تمرير قوانين عنصرية خلال العقد الماضي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1