إصلاح العلاقات التركية الأمريكية هل يكون من البوابة السورية؟

إعداد - رؤى خضور

2021.03.19 - 09:24
Facebook Share
طباعة

 

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً، إدارة نظيره الأمريكي جو بايدن، إلى العمل مع تركيا لإنهاء الأزمة في سورية، وجاء ذلك في مقالة كتبها أردوغان لصحيفة بلومبيرغ الأمريكية بمناسبة مرور 10 أعوام على الحرب الداخلية في سورية، وأشار إلى أن على الغرب اتخاذ موقف واضح من وحدات حماية الشعب الكردية YPG.

لا تختلف الولايات المتحدة وتركيا في سياستيهما تجاه سورية، فكلاهما يدعمان مجموعات مسلحة مختلفة على الأرض، إذ تدعم تركيا ما يسمى بالجيش السوري الحر وجماعات معارضة أخرى، في حين تدعم الولايات المتحدة قوات (قسد)، إلا أن الشرخ بين الدولتين يظهر واضحاً في سورية، فبعد الاعتراف بحزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي، بدأت السياسة الأمريكية تظهر تراجعاً واضحاً في موقفها تجاه الأكراد كمحاولة لاسترضاء المعارضة التركية، ففي خريف العام 2014، وفرت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما أسلحة خفيفة وذخيرة لوحدات حماية الشعب الكردية، التي كانت تقاتل تنظيم (داعش)، مع التأكيد لتركيا أن هذا تدبير مؤقت لمنع سيطرة داعش، لكن تركيا لم تقبل الجلوس مكتوفة الأيدي بينما يحقق حزب العمال الكردستاني مكاسب في شمال سورية ويحصل على الدعم الغربي، لذا أطلقت تركيا في آب/أغسطس 2016 تدخلاً عسكرياً على طول حدودها وداخل سورية بهدف "تطهير المنطقة من سيطرة داعش ووحدات حماية الشعب".

لم تلق انتقادات تركيا الشديدة لدعم الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني آذاناً صاغية في واشنطن، وثار غضب السياسيين عندما قرر الرئيس السابق دونالد ترامب الانسحاب فجأة من سورية، لكن استمرار دعم الولايات المتحدة للأكراد يسمم العلاقة بين حليفَي الناتو.

أما الآن، فتحتاج إدارة جو بايدن إلى دراسة عميقة لاستراتيجية الولايات المتحدة في سورية، وما إذا كانت ستستمر في دعم حزب العمال الكردستاني وبالتالي زعزعة استقرار علاقات الولايات المتحدة مع تركيا، لكن بما أن بايدن تعهد بالعمل مع الحلفاء، فإن تركيا يجب أن تتصدر قائمة الدول التي يعمل معها في مختلف المجالات، إذ سيؤدي الفشل في التعامل معها إلى الإضرار بالعلاقات الثنائية وزعزعة استقرار المنطقة، وتعميق الخلافات داخل الناتو.

علاوة على ذلك، فإن المؤشرات التي تظهر توتر العلاقات بين تركيا وبايدن زادت، وقد تزداد سوءاً في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد حصول تركيا على نظام الدفاع الروسي إس-400 الذي يمثل أبرز ملفات الخلافات بين واشطن وأنقرة، لكون الأخيرة عضو في الناتو، وامتلاكها سلاحاً روسياً متقدماً قد يلحق أضراراً بأسلحة الحلف، إلى جانب خلافات أخرى تتصل بسلوك تركيا ضد الأكراد واليونان وقبرص، وأضيف إليها أخيراً، ملف ليبيا، لذا تعهد بايدن خلال حملته الانتخابية بانتهاج سياسة صارمة تجاه الأتراك، وهو ما يبدو أن تحقق، إذ بعدما تسلم الحكم قال إنه لن يرفع العقوبات عن تركيا، وقال وزير خارجيته، أنتوني بلينكن، إن "تركيا حليف استراتيجي ويتصرف بما يتجاوز هذه الصفة"، ومما زاد الوضع سوءاً أن وزير داخلية أردوغان سليمان صويلو أعاد اتهام أميركا بالوقوف وراء محاولة الانقلاب عام 2016، عندما كان بايدن نائباً للرئيس، ما أثار غضب واشنطن التي نفت هذه الاتهامات ووصفتها بغير المسؤولة، بالتالي هذه الإشارات كلها تظهر أن العلاقات متوترة، أو على الأقل ليست على ما يرام، وذكر موقع "أحوال" المتخصص في الشأن التركي أن إدارة بايدن باتت تشكل مصدر قلق لأردوغان، وأن "العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا تبدو متوترة في ظل إدارة بايدن، لكنّ المواجهة قد تزداد حدّة بين الدولتين مع أنهما حليفتان"، وربما هذا ما دفع بوزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إلى اقتراح حل بالنسبة إلى الخلاف الخاص بالصواريخ الروسية، بالقول "لسنا في حاجة إلى استعمالها باستمرار".

في المحصلة، قد لا يكون هذا التبرير التركي مقنعاً لواشنطن وقد لا يشفع لأنقرة تمردها، في المقابل فإن وقف الدعم الأمريكي للأكراد قد يفتح المجال لانصياع تركيا وعودتها للطاعة، أو على الأقل، تخفيف الأجواء المشحونة بين الطرفين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10