إنهاء الحرب في اليمن: مساران لا ثالث لهما

إعداد - رؤى خضور

2021.03.18 - 06:25
Facebook Share
طباعة

 في الأول من آذار/مارس، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة سوف "تعيد تنشيط الجهود الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الحرب" في اليمن، وأشار وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكين إلى أن الأزمة الإنسانية الحادة، تتطلب إيجاد نهاية الحرب الأهلية في البلاد.

وفي تقرير لمؤسسة الأبحاث والتطوير RAND نشر مؤخراً، تمت الإشارة إلى مسارين أساسيين لإنهاء الحرب في اليمن، أولهما هو مضاعفة الجهود الحالية التي تقودها الأمم المتحدة والتي تركز على المصالحة الوطنية وعلى الحفاظ على سيادة اليمن وسلامته الجغرافية، ويتطلب نجاح هذا النهج تنازلات سياسية كبيرة للأطراف المتنازعة.

أما المسار الثاني، فيتمثل بإعادة التركيز على بناء السلام الدولي وبناء الدولة بشكل مستقل في محافظات اليمن الجنوبية والشرقية.

سيسمح هذا النهج التدريجي للمجتمع الدولي بالتركيز على معالجة الاقتتال الداخلي داخل التحالف الذي تقوده السعودية، والذي قوض محادثات السلام الوطنية وسمح للقاعدة وداعش بالتفشي، وقد يكون هذا النهج أكثر قابلية للتنفيذ.

في ظل هذه التحليلات، تقترب الحرب اليمنية الآن من نقطة تحول جديدة وحاسمة، حيث توشك حركة أنصار الله على بسط نفوذها على محافظة مأرب، وهي محافظة غنية بالنفط والغاز وتمثل آخر معقل شمالي للحكومة اليمنية، وقد يتغير بذلك مسار الحرب، فسقوط مأرب في يد أنصار الله سيكبد الحكومة اليمنية خسائر عسكرية كبيرة، وسيفقدها خط إمداد مهم مع حليفتها في التحالف، المملكة العربية السعودية، فضلاً عن ذلك فإن هذا الحدث قد يمثل ضربة كبيرة لموقف الحكومة التفاوضي في محادثات السلام، فقد تمنع سيطرة أنصار الله على مأرب إمكانية جهود المصالحة الوطنية، إذ من المحتمل أن يرفضوا المشاركة في حكومة انتقالية أو اتفاق لتقاسم السلطة ما لم يضمنوا مركزاً مهيمناً، لذا فإن حمل أنصار الله على إنهاء هجومهم والعودة إلى عملية السلام سيتطلب على الأرجح التفكير في بدائل للمصالحة الوطنية، وبالنظر إلى نفوذهم وسيطرتهم على الأرض، ليس لديهم سبب وجيه لقبول السلام والعودة إلى الوضع السابق كمجموعة سياسية مهمشة في الشمال.

لا شك أنه في ظل هذا النهج التدريجي، يمكن للمجتمع الدولي التركيز على تأمين وقف دائم لإطلاق النار ثم البدء في بناء المؤسسات لتحقيق النمو الشامل والحوكمة والأمن في الجنوب. في الوقت نفسه، يجب على المجتمع الدولي الاستمرار في تقديم الإغاثة الإنسانية الأساسية في مناطق سيطرة أنصار الله الشمالية، وسيتطلب هذا المسار بالتأكيد التزامات أمنية من المجتمع الدولي لضمان سلامة المناطق واحتواء النزاع، فضلاً عن الاستعداد لقبول اليمن المنقسم على المدى القريب على الأقل.

لكن في حين أن هذا النهج التدريجي قد يكون أفضل من استمرار الصراع، إلا أنه لا يخلو من التكاليف والمخاطر بالنسبة للشعب اليمني، وقد يستغرق أي مسار محتمل لتحقيق سلام دائم عقوداً للتعافي من التكاليف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذه الحرب الأهلية، بالتالي فإن هذا النهج يتطلب الصبر من الشعب اليمني والتزاماً تاماً ودائماً من المجتمع الدولي. 

بالرغم من مأساوية الواقع اليمني، فإن الأمل بحل هذا الصراع مرتبط بإرادة الأطراف الداخلية على التفاهم، وتوحيد المساعي مع عناصر الصراع الإقليمي والدولي لإنهاء المشهد الدموي والكارثي.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4