تداعيات اتفاقيات إبراهام على الصين

إعداد - رؤى خضور

2021.02.27 - 10:40
Facebook Share
طباعة

 خلال الفترة الأخيرة شهد الشرق الأوسط حدثان رئيسان غيّرا المشهد الإقليمي، تطبيع العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة مع الكيان الصهيوني، ونهاية أزمة مجلس التعاون الخليجي، وكان للولايات المتحدة دوراً مهماً فيهما، وبالرغم من أن الصين لم تشارك في أي من التطورين فإن هذا التغيير في الشرق الأوسط فتح فرصاً ثمينة لبكين. 

كان الإعلان الدراماتيكي عن تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني في 14 آب/أغسطس 2020 هو أول حدث من نوعه، وبالرغم من أن المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان كان فاتراً في رده في اليوم التالي للإعلان مشيراً فقط إلى دعم الصين المستمر لفلسطين، إلا أنه بالنظر إلى التعاون الصيني مع كل من الإمارات والكيان الصهيوني، من الواضح أن التطبيع يدعم المصالح الإقليمية لبكين لسبب واحد، أنه يسهل التعاون بين اثنين من أهم شركاء الصين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مبادرة طريق الحرير الرقمي (DSR) الذي يهدف إلى إنشاء فضاء إلكتروني مشترك، خصوصاً بعد الاتفاقيات الموقعة مع كل من الإمارات والكيان في مجال التكنولوجيا، وسرعان ما ستتعاون الإمارات مع الكيان في قطاعات التكنولوجيا، بالتالي سيخلق المحور التكنولوجي الإماراتي-الصهيوني موطئ قدم في الشرق الأوسط للشركات الصينية.

ومن الناحية الجيوسياسية، تستفيد الصين أيضاً من تطبيع العلاقات الصهيونية مع الدول العربية في الخليج، فعلى سبيل المثال، يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للصين، ما يجعل البحر الأبيض المتوسط نقطة رئيسة في مبادرة الحزام والطريق (BRI) الذي يهدف إلى إنشاء شبكات من الطرق والموانئ عبر بلدان عديدة في آسيا وإفريقيا وأوروبا، وسيوفر الكيان الصهيوني نقطة وصول مهمة أخرى إلى البحر الأبيض المتوسط ، كما أن خط سكة حديد البحر المتوسط الأحمر المقترح ومشروع "مسارات السلام الإقليمي" الذي من المقرر أن يربط ميناء حيفا بالخليج يؤكد أهمية الكيان الجيوستراتيجية للصين.

أما الحدث الرئيس الثاني كان نهاية الخلاف الخليجي، ففي إنهاء عزلة قطر كانت للولايات المتحدة دوراً رئيساً في صناعة القرار في المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، إذ كان الدعم الأولي الذي قدمه الرئيس دونالد ترامب للحصار دافعاً محرضاً، تماماً مثلما كان تولي الرئيس جو بايدن منصبه حافزاً لإنهائه.

ما شأن الصين هنا؟ في العام الذي سبق الأزمة عقدت الصين ودول مجلس التعاون الخليجي أربع جولات من المحادثات لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التجارة الحرة التي كانوا يتفاوضون بشأنها بشكل متقطع منذ العام 2004، وخلال زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية في العام 2016، أوضح أن الصين مستعدة جدياً بشأن الصفقة وتحديد العام 2017 كموعد نهائي، لكن التفاوض على صفقة متعددة الأطراف مع مجلس التعاون الخليجي لن يحدث مع دول مجلس التعاون الخليجي المتناحرة لذلك تم تعليقها، أما الآن وقد حُل الخلاف يمكننا أن نتوقع استئناف المحادثات قريباً، ما سيسهل اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي والتي سيكون لها نتائج مهمة على العلاقات الاقتصادية بين الأطراف.

لا شك أن حل النزاعات في الشرق الأوسط يفيد كثيراً من الدول التي لها مصالح في المنطقة، لكن نظراً لبصمة الصين المتزايدة العمق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإنها المستفيد الأكبر من هذه المصالحات، وتبقى لها حصة الأسد في الاستثمارات الاقتصادية ومشاريع البنى التحتية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4